إنتاج الألوان بلا صبغة

نشر في 16-01-2016 | 00:00
آخر تحديث 16-01-2016 | 00:00
No Image Caption
ما الذي يعطي اللون للملابس؟ في الوقت الراهن، تُستعمل صبغات بتروكيماوية. لكن تقدم شركة فرنسية مبتدئة اسمها «بيلي» مقاربة مختلفة بالكامل الآن، فهي تجعل الجراثيم تصنع الصبغات في المختبر عبر استعمال السكريات فقط كمواد خام.

طرح توماس لاندرين وعدد من مؤسسي شركة «بيلي» فكرة استخدام الجراثيم لصنع الصبغات في المختبر عبر استعمال السكريات فقط كمواد خام، وذلك منذ ثلاث سنوات في مختبر «لاباياس» في باريس. أرادوا أن يصنعوا قلماً مزوداً بالجراثيم عبر تغذيته بالسكر للحصول على حبر أسود. ارتكزوا في البداية على سلالة أميركية جنوبية من الجرثومة السبحية التي تنتج صبغة زرقاء. ثم تعلّم لاندرين وزملاؤه طريقة استخراج الصبغة والكتابة بها.

جرّب الفريق الحبر العضوي في طابعة نافثة للحبر واستكشف المواد التي يجب استعمالها في الأقمشة. من خلال التلاعب ببيئة الميكروبات (عبر تغذيتها بأنواع مختلفة من السكريات وتنويع الحرارة والتوقيت)، تعلّم الفريق أن يسيطر على إنتاج الحبر ويحفز الجرثومة السبحية وجراثيم أخرى كي تنتج أربعة ألوان مختلفة: الأحمر والأصفر والبرتقالي والبنفسجي.

يوضح لاندرين: «بدأنا نتساءل إذا كان إنتاج الألوان بهذه الطريقة سيصبح بديلاً حقيقياً عن الصبغات البتروكيماوية المستعملة راهناً».

تُصنَع أنواع حبر كثيرة من مواد بتروكيماوية وصبغات عضوية مختلطة. وتشمل أصناف أخرى مركّبات من المعادن الثقيلة مثل الكادميوم أو الرصاص. يحصل الحبر الأسود في قلم الحبر الجاف مثلاً على لونه من أسود الكربون الذي يشتق من حرق منتجات البترول: «بدأنا نتخيل احتمال التخلي عن هذا القطاع مستقبلاً، بمعنى ألا تتكل صناعة الصبغات على النفط».

يقول هارولد فريمان، الذي يدرس الصبغات العضوية والأصباغ في جامعة ولاية كارولاينا الشمالية في مدينة رالي، إنها فكرة مدهشة. غالباً ما يتكل إنتاج الصبغات اليوم على مواد مسببة للصدأ مثل حمض النيتريك الذي يمكن أن يتخلى عنه علم الأحياء التركيبي. يوضح فريمان: {تكمن أهمية المقاربة البيولوجية في التخلص من المواد الكيماوية القاسية}.

تجربة واعدة

يعترف تيري جونسون من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، بأنها تجربة واعدة: {نلاحظ نشوء عدد متزايد من الشركات التي تستكشف السلع الكيماوية عبر علم الأحياء التركيبي وأظن أنها خطوة بالغة الأهمية. بدأت التكنولوجيا تصل إلى مرحلة تسمح بالمنافسة شرط اختيار المنتجات بحذر}.

في عام 2013، كان جونسون جزءاً من الفريق الذي هندس جرثومة الإي كولاي وراثياً لإنتاج اللون النيلي، أي الصبغة المستعملة في الجينز الأزرق. مثل شركة {بيلي}، كان فريق جونسون يبحث عن خيارات بديلة للصبغة الاصطناعية التي تتطلب مستوىً مرتفعاً من الطاقة وتتكل على المواد الخام المشتقة من النفط. يتابع مساعد جونسون، جون دويبر، العمل على أمل إعطاء المشروع طابعاً تجارياً.

يبقى تصنيع صبغة صغيرة في المختبر حيلة متقنة، لكن سيكون إنتاج كمية كافية منها لأغراض صناعية إنجازاً حقيقياً. يستعمل قطاع تصنيع الجينز 40 ألف طن من اللون النيلي الاصطناعي سنوياً. يعني تعزيز الإنتاج الجرثومي فهم الموارد اللازمة لتغذية جميع الجراثيم وزيادة كمية الإنتاج.

تختبر شركة {بيلي} أيضاً طريقة استعمال صبغاتها الجرثومية في الملابس. اليوم، تزرع الشركة الميكروبات على الأقمشة. عند انتهاء عملية الصبغ، يقضي الفريق على الجراثيم بالحرارة أو عبر وضع الملابس في الغسالة بكل بساطة.

تقول كريستينا أغاباكيس، خبيرة في علم الأحياء التركيبي في كامبريدج، ماساتشوستس: {حين نتحدث عن استبدال عنصر مصنوع من المواد البتروكيماوية، يجب أن تكون عملية الإنتاج فاعلة جداً كي تنافس نطاق العمليات الراهنة وكلفتها}. تتعاون شركة {بيلي} مع شركة تصنيع الأقلام الفرنسية {بيك} لمعالجة عدد من هذه المسائل.

يمكن استعمال الجانب الملون من الجراثيم في قطاعات أخرى. أطلقت الباحثة والمصممة ناتساي أودري شيزا التي تعمل في لندن مشروعها الخاص لصنع الحرير المزخرف عبر زرع جراثيم تنتج الصبغات على القماش. تريد أن تصبح تقنيتها حرفة حقيقية كي تحول رؤيتها الفنية إلى سلسلة من الخطوات العلمية التي يستطيع الجميع تطبيقها.

لا يزال إنتاج الصبغة بطريقة بيولوجية في بدايته. لكن إذا نجحت هذه التقنية، ستحصل ثورة في طريقة صبغ الملابس في قطاع الأزياء}.

back to top