Zootopia... و{هوس} تربية الثعالب في الصين!

نشر في 12-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 12-04-2016 | 00:01
بعدما شاهد ابن لي كسينغ فيلم ديزني Zootopia، صار هذا الصبي من الصين البالغ سبع سنوات مهووساً بالحصول على نسخته من {نيك وايلد}، وهو ثعلب أحمر محتال يؤدي دور البطولة في الفيلم. تخبر لي: {لا يكفّ الأولاد عن التكلّم عنه. ويأبون نسيانه. قلت لابني مرات كثيرة إن شقتنا المؤلفة من غرفتَي نوم أصغر من أن نربي فيها حيواناً أليفاً، إلا أنه رفض الإصغاء}. لذلك لجأت إلى الإنترنت بحثاً عن حلول، وسرعان ما استبعدت احتمال اقتناء ثعلب أحمر بعدما عرفت أنه كبير. إلا أنها لاحظت إعلانات عن ثعالب من نوع {فنك} (ثعلب الصحراء) تشكّل نسخة من مساعد نيك الحاد الطباع والكبير الأذنين {فينيك}. وما هي إلا نقرات قليلة حتى عثرت على تجار يبيعون هذه الحيوانات الأفريقية الليلية بأسعار تبدأ بنحو 3075 دولاراً، مع أن القانون الصيني يفرض على شراة الأنواع المحمية من الحيوانات الحصول على رخص لا تُعطى عادةً إلا لمؤسسات مثل حدائق الحيوانات. توضح لي: {ثعلب الفنك صغير، أصغر حتى من هر عادي. لكني علمت أيضاً أن بيعه ممنوع، لذا قررت عدم شرائه. أخبرتُ ابني أنني لن أشتري له ثعلباً، فاستاء جداً}.

صحيح أن لي اختارت توخي الحذر والتقيّد بالقانون، إلا أن صينيين كثراً لا يحذون حذوها.

أشار تجار الحيوانات البرية في عدد من المدن الصينية إلى تنامي الطلب على ثعالب الفنك منذ نزول Zootopia إلى صالات العرض الصينية في مطلع شهر مارس. في أقل من ثلاثة أسابيع، حقق الفيلم مبيعاتِ بطاقاتٍ فاقت قيمتها الـ170 مليون دولار، فأصبح بالتالي فيلم الأنيمايشن الذي سجّل أكبر عائدات مالية على الإطلاق. نتيجة لذلك، نما عدد عمليات البحث عن {ثعالب الفنك} على محرك البحث الصيني بايدو، فارتفع مما يقارب الصفر في مطلع مارس إلى ذروة تخطت الـ6500 يومياً بحلول 17 منه.

لكن الخبراء يعربون عن قلقهم من أن تؤدي موجة الإقبال على هذا الثعلب، إذا واصلت تناميها على هذا النحو، إلى تداعيات سلبية على الجهود المبذولة للحفاظ عليه.

تهديد بالانقراض

يوضح زانغ جينشو، بروفسور مساعد في معهد علم الحيوان التابع لأكاديمية العلوم الصينية: {إن تحوَّلَت تجارة ثعالب الفنك إلى تجارة واسعة الانتشار في الصين، فستشهد تجارة ثعلب الفنك غير المشروعة في موطنه تزايداً كبيراً أيضاً}. طوال عقود، تحوّلت الأفلام والبرامج التلفزيونية التي تشمل حيوانات برية إلى حافز يحرّك الطلب على الحيوانات الأليفة حول العالم. على سبيل المثال، أدى فيلم Finding Nemo إلى تنامي الطلب على سمكة المهرّج المخططة بالأبيض والبرتقالي. نتيجة لذلك، تراجعت أعدادها في بعض المناطق قبالة سواحل أستراليا عام 2008. على نحو مماثل، عزّزت سلسلة هاري بوتر مبيع بومة الثلج، حسبما يؤكد ريتشارد توماس من مجموعة Traffic لمراقبة تجارة الأنواع البرية في بريطانيا. ويتابع مخبراً أن المسلسل التلفزيوني Baretta في سبعينيات القرن الماضي تسبّب بعملية اصطياد واسعة لطيور كوكاتو الصفراء العرف في إندونيسيا، حيث باتت اليوم مهددة بالانقراض.

لكنّ المشاهدين الصينيين ما كانوا قد شكّلوا حتى اليوم قوة كبيرة وراء طلب مماثل. ويعود ذلك في جزء منه إلى أن سوق الأفلام الصينية انطلقت قبل سنوات قليلة، وأن تربية الحيوانات الأليفة، خصوصاً الغريبة منها، لم تلقَ رواجاً كبيراً في هذا البلد إلا في الآونة الأخيرة مع تنامي الطبقة الوسطى التي تنعم بوفرة من المدخول الفائض. ويشير وانغ إلى أن ثعلب الفنك لم يُربَّ كحيوان أليف في الصين إلا في العقد الماضي.

لكن ثعالب الفنك، التي تعيش في السودان وأجزاء أخرى من شمال أفريقيا، تُدرج في الملحق الثاني لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض (CITES). ويعني هذا الأمر أنها ليست بالضرورة مهددة بالانقراض، {إلا أن من الضروري ضبط تجارتها بغية تفادي استخدامها بطريقة تتعارض مع استمرارها}.

تلتزم الصين بمقررات المؤتمر وتُصنّف ثعالب الفنك كنوع محمي من {الصنف الثاني}، ما يعني أن على المؤسسات والأفراد التقدّم بطلب رخصة من الحكومة المحلية لشراء هذه الحيوانات، بيعها، أو تربيتها.

لكنّ كثيراً من الباعة الذين اتصلت بهم صحيفة {لوس أنجليس تايمز} في الصين عبروا عن استعدادهم لتجاهل القواعد. يقول أحد موظفي شركة لاستيراد وتصدير الحيوانات البرية في محافظة لياونينغ نُشر رقمها على أحد منتديات الثعالب على الإنترنت: {نبيعها عادةً لحدائق الحيوانات، إلا أننا تلقينا أخيراً عدداً من الاتصالات الهاتفية بعد بدء عرض Zootopia}. ويضيف الموظف الذي لم يطلعنا إلا على اسمه يوان: {اشترت منا عائلة من جيانغسو ثعلب فنك قبل بضعة أيام. ثم تلقيت اتصالات من ثلاث أسر كلها من جنوب الصين تريد الحصول على ثعالب. إلا أننا ما كنا نملك ثعالب فتية. لذلك اضطرت الأسر إلى دفع مبالغ أكبر لطلب ثعالب صغيرة حديثة الولادة}.

ارتفاع الطلب

على نحو مماثل، التقى رجل آخر يعرض ثعلبَي فنك للبيع مقابل 6150 دولاراً مراسل الصحيفة في منزله في بكين، حيث يحتفظ بالحيوانين في القبو. وأخبره أنه حصل على هذين الثعلبين (أحدهما أنثى والثاني ذكر) في شهر ديسمبر من صديق له يعمل في شركة لاستيراد الحيوانات.

يذكر الرجل الذي لم يخبر المراسل إلا باسمه ياو: {عندما يكون الثعلبان في مزاج جيد، يقفزان على كتفَي زوجتي وهي تقرأ ويلعبان معها. إلا أنهما ينشطان كثيراً ليلاً ويقفزان في كل أرجاء غرفة النوم، مسببين ضجة كبيرة}.

يؤكد ياو أنه بدّل رأيه بشأن تربيتهما لأن زوجته تنتظر مولوداً. لذلك عرضهما للبيع على موقع Taobao الشبيه بمزيج من موقع eBay ومغارة علي بابا، مع أن المسؤولين عن هذه المنصة حذفوا مراراً إعلانه. يقول: {كنت أتلقى رداً من زبون على Taobao كل يومين أو ثلاثة. ولكن قبل نحو أسبوعين، حصلت على عروض من نحو زبونين أو ثلاثة يومياً}.

عواقب محتملة

رغم ذلك، تشير مجموعات الرعاية بالحيوان إلى أنها لم تلحظ أي زيادة في الاهتمام بثعالب الفنك خارج الصين. في هذا الصدد، تفيد بريتاني بيت، نائب مدير جهاز تطبيق قانون الحيوانات في الأسر في منظمة بيتا (People for Ethical Treatment of Animals): {لم نشهد حتى اليوم زيادة في الاهتمام شبيهة بما لاحظناه بعد فيلمَي 101 Dalmatians وTeenage Mutant Ninja Turtles، حين أغرق مرتادو السينما المتهورون مجموعات الإنقاذ بفيض من الكلاب والزواحف بعد زوال الهالة التي رافقت حيواناتهم الأليفة الجديدة}.

تشير بيت إلى أنها تعرف ثمانية مربي ثعالب مسجلين في الولايات المتحدة، إلا أن الصحيفة لم تتمكن من الاتصال بأي منهم رغم ردها على أكثر من 24 إعلاناً على مواقع الحيوانات الغربية على شبكة الإنترنت. لكن مربية سابقة من أوكلاهوما أخبرتنا أنها تقاعدت أخيراً بعد 15 سنة من العمل في هذا المجال لأنها شعرت أن عدداً قليلاً من الشراة يتمتعون بالمهارة الضرورية لتربية ثعلب.

تقول تيري كلونتز، التي كانت تبيع 40 إلى 50 ثعلب فنك سنوياً: {تخلى كثيرون منا عن هذه المهنة لأننا لا نعتقد أن معظم الناس قادرون على تربية حيوانات غريبة}. أما توماس، فيدعو معدي الأفلام إلى {التنبه للعواقب المحتملة غير المتوقعة لتصوير الحيوانات على هذا النحو}. ويحضّهم على تضمين الفيلم {رسالة تنبيه ملائمة تُظهر للمشاهدين لمَ يجب ألا يقتنوا حيوانات مماثلة ويربوها كحيوانات أليفة}.

back to top