الثورة بين الإفاقة والتوفيق

نشر في 08-04-2016
آخر تحديث 08-04-2016 | 00:01
 د. محمد لطفـي شعرت بفرح مهني كبير وسعادة إنسانية بالغة مع تواتر الأنباء حول الإفاقة الأولية لعادل معوض، ولمن لا يعرفه، فعادل معوض أحد شباب مصر من مصابي أحداث محمد محمود في نوفمبر 2011، طالب في الفرقة الرابعة بكلية الصيدلة تلقى رصاصتين في رأسه أثناء إسعافه لأحد المصابين نتج عنهما غيبوبة كاملة دامت 5 سنوات. تم علاجه في مركز رافال الطبي في لندن بناء على حكم قضائي بعد معركة قضائية خاضتها أسرته إلى أن صدر قرار علاجه على نفقة الدولة.

فرحي المهني له ما يبرره فالعودة من الغيبوبة بعد 5 سنوات كاملة معجزة إلهية بكل المقاييس، ولكن يحسب للفريق الطبي نجاحه في إبقاء أجهزة الجسم في حالة جيدة تسمح لها بالعودة للعمل عند حدوث الإفاقة، والسعادة الإنسانية لا تحتاج إلى تعليق فإذا كان الإنسان يسعد لشفاء مريض من ألم بسيط أو عملية صغرى، فكيف سعادته إن عاد شخص من غيبوبة كاملة لمدة 5 سنوات.

ولكن مع ذلك وقعت في حيرة كبيرة، فماذا يمكن أن نقول لعادل أو نخبره به عندما يفيق تماما، إن شاء الله، ويسألنا عن الثورة ومصر؟ الثورة التي كاد أن يدفع حياته من أجلها، ومصر التي عشقها حتى الموت، هل نخبره بكل ما حدث؟ من يجرؤ أن يقول له إن الجميع عادوا إلى مقاعدهم وتمت براءتهم؟ من يستطيع إبلاغه بذلك وهو الشاب النقي، الشهيد الحي كما لُقِب، الذي لم تلوثه الصراعات بين الأحزاب ولا الخلافات بين الإخوان والعسكر وأتباعهم؟!

لا أعرف أحدا يجرؤ على ذلك، ولكن أعلم أن البعض كان يتمنى أن يكون في غيبوبة اختيارية طوال هذه السنوات كي تظل ذكريات الثورة والوحدة والتآلف بين شباب مصر جميلة نقية لم تلوث بأيدي بعض أبنائها.

***

البرنامج الحكومي الذي ألقاه رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب وبدأه بالشعار المستورد "نعم نستطيع"، والذي لا يختلف كثيرا عن بيانات حكومات ما قبل يناير، ولا يزيد على أنه موضوع إنشائي بليغ، سينال ثقة الـ600 عضو المختارين لعضوية المجلس، ولكنه نال رفض المواطن في الشارع، والذي عبر عنه الكثير من الكتّاب والمحللين من خلال مقالاتهم مبرزين عيوبه وسلبياته الكثيرة (بلغت في مقال أحدهم 14 عيبا لبرنامج فيه 7 بنود فقط) والاختلاف حول البرنامج متوقع، ولكن العجيب أن من اعترض وحلل وانتقد البرنامج كان ينهي مقاله بالدعوة للحكومة بالتوفيق!! ولا أدري عن أي توفيق يتحدث، التوفيق في تنفيذ السلبيات التي ذكرها؟ أم في تنفيذ البنود المعيبة التي حددها البيان الحكومي؟ ومن أين يأتي التوفيق إذا كان البرنامج مليئا بالمثالب والعيوب؟

والعجب كل العجب في العبارة التي ختم بها رئيس الوزراء حين قال "هذا ما يجب أن يتحقق لا ما يمكن أن يتحقق"، في تعارض واضح مع شعار البداية الذي تحدث عنه، وإن كان هذا ما ختم به رئيس الوزراء، فماذا يمكن أن يقول المواطن البسيط؟

تُرى ماذا يقول عادل معوض بعد إفاقته عندما يستمع لبيان رئيس الوزراء؟ هل يدعو بالتوفيق أم يحزن للإفاقة؟!

back to top