المغربي طارق بكاري: «نوميديا» في القائمة القصيرة لـ «البوكر» انتصار للنص المغربي

نشر في 25-03-2016 | 00:01
آخر تحديث 25-03-2016 | 00:01
No Image Caption
أكّد الروائي المغربي طارق بكاري أن وصول روايته الأولى «نوميديا» إلى القائمة القصيرة لجائزة «البوكر» العربية أضاف إليه الكثير، وأنه ليس يسيراً أن يصل المرء بعمله الأول إلى هذه الجائزة المرموقة، ويعد ذلك انتصاراً للنص الأدبي وللأدب. وأضاف بكاري أننا في عصر الرواية بامتياز، فهي تحظى بشعبية كبيرة بين أوساط القراء ويتزايد الاهتمام بها نقدياً وإعلامياً.
هل كنت تتوقّع لروايتك «نوميديا» الوصول إلى القائمة القصيرة لجائزة «البوكر» العربية؟

كنت أثق في «نوميديا»، لكنني لم أقرأ جميع أعمال القائمة الطويلة، وإن كان لديَّ شعور عميق بأن الرواية تستحق أن تكون بين الأعمال الستة الأفضل.

ماذا أضاف لك وصول الرواية إلى لقائمة القصيرة؟

طبعاً أضاف الكثير. ليس يسيراً أن يصل المرء بعمله الأول إلى القائمة القصيرة لهذه الجائزة المرموقة. إنه انتصار للنص الأدبي وللأدب. «نوميديا» عملي الروائي الأول، وكنت حريصاً على دخول الساحة الأدبية بنص قوي.

هل أنصف الإعلام والصحافة والنقد روايتك؟

ليس بعد، لكن أعتقد أن ترشّح الرواية للقائمة القصيرة لجائزة «البوكر» سيلفت الانتباه لها، وأعتقد أن ثمة اهتماماً بالرواية يتزايد يوماً بعد يوم إعلامياً، صحافةً ونقداً.

لقيت روايتك حظوة كبيرة لدى أصناف مختلفة من القراء على مختلف أنحاء العالم العربي، هل فوجئت بذلك الحضور للرواية؟

لا إطلاقاً. لعل اقتران «نوميديا» بدار «الآداب» العريقة دلّل أمامها الطريق إلى قلوب عشاق الأدب، وأوصلها إلى أصناف مختلفة من القراء. كذلك أعتقد أن الرواية ترضي إلى حد بعيد طبقات التلقي على اختلافها.

أحداث الرواية غير المتوقعة وتسلسلها المرن أنقذاها من عنصري التكرار والرتابة. هل فطرة الإبداع والموهبة وحدها القادرة على ذلك أم أن تراكمات خبرة الكاتب تساهم في هذا الأمر؟

أؤمن بالموهبة، لكنها وحدها لا تكفي، وليست وحدها خبرات الحياة من تصقلها. وأكاد أجزم أن القراءة بالنسبة إلى الكاتب، الشاب تحديداً، زاد لا بد منه، تختزل المسافات وتضع بين بديك أكثر من حياة وأكثر من تجربة.

في الرواية صراع بين الروح والعاطفة ورصد لقضايا ومفاهيم عدة عن الهوية والنضال والجنس والإرهاب وغيرها. هل هو اختيار مقصود؟

ثمة اختبارات تكون عن قصد وأخرى تقتضيها سياقات الكتابة والسرد. لكن معظم هذه الموضوعات كان في الذهن عبارة عن خطوط عريضة قبل أن أشرع في الكتابة، ذلك أن كل عمل أدبي هو خطاطة في الذهن قبل أن يتحقّق نصاً على الورق.

في الرواية فن آخر يمكن للقارئ الاستفادة منه، وهو التدرّب على كتابة عمل مشوق من خلال الكتابة والتعديل وأحياناً المحو والبناء من جديد... هل كنت تهدف إلى هذا أم أن تركيزك كان منصباً على وصول العمل وإقناع القارئ بصدقه؟

كنت منشغلاً بالأمرين معاً، أن أستفز عواطف القارئ، وأن أحاصره بأسئلة قلقة، من دون أن أغفل عن جعل النص أكثر ارتباطاً بواقعه وتطويع الخيال وتقديمه على أنه الحقيقة التي ما بعدها حقيقة.

هل تنحاز إلى الرأي القائل بأن مهمة الرواية رصد ما استعصى على النسيان من الأحداث والأماكن والأسماء؟

نعم. مهمة الرواية أن ترصد ما استعصى على النسيان وأماكن وغيرها، لكن ذلك لا يختزل مهامها كافة. يكون الاشتغال الروائي على مجموعة من الأصعدة. الذاكرة وما يعلق بها ويستعصي على الإمحاء هو حقل مهم في الاشتغال الروائي، لكن دون تثقيف هذه المعطيات بالتقنيات الروائية ودون تعهدها بأسلوب ستبقى مجرد أخبار وذكريات عادية.

شخصياتك الروائية، هل تتمتّع بحالة من الانعتاق من سلطة الكاتب اللغوية والفكرية؟

أحرص على إبقاء مسافة بيني وبين شخصياتي الروائية، وأترك لها أن تنمو بعيداً عن سلطتي اللغوية والفكرية ما أمكن. لكنني لا أدعي الحياد التام. في كل شخصية قليل مني وكثير، مما تمليه ظروف نموها داخل سياق النص.

الحقيقة والخيال

هل وصلت إلى قناعة بأن الحكايات هي ما يمنحنا المعنى الحقيقي للحياة؟

منذ زمن غابر. لعل هذه القناعة وليدة القراءة أكثر، مما هي وليدة الكتابة. القراءة تعني أن نعيش أكثر من حياة تجاور حياتنا الحقيقية، ولعلنا بشكل أو بآخر نعيش الحكايات كذلك ولا نقرؤها فقط.

كان للخيال دور كبير في إنجاح هذا العمل، إلى أي مدى اتكلت عليه؟

إلى حد كبير. الخيال هو الأصل في العمل الروائي، لكن كان لا بد من العودة إلى الواقع. كان لا بد من مزج بين الخيالي والواقعي.

شخصيات هذه الرواية: «مراد، خوله، جوليا، نضال»، وغيرها. كم اقتربت من الحقيقة، وشابهت شخصيات حقيقية؟

لعل النقاد أجدر بهذا السؤال وهذا الحكم. لكن اشتغلت على هذه الشخصيات بمثابرة، وحاولت أن أوهم المتلقي بواقعيتها. ربما الأسئلة التي تصلني عن مكان مراد أو قبر خولة، أو تلك الآراء التي تخلط بيني وبين بطل الرواية، تكون دليلاً على أن الشخصيات اقتربت من الحقيقة.

النشر ومستقبل الثقافة

النقد في المغرب، هل هو بمستوى الحركة الأدبية نفسها؟

 طبعاً. الحركة النقدية في المغرب قوية ولها تاريخ كبير وهي تسير في مستوى الحركة الأدبية نفسه، وإن ابتعدت غالباً عن النص الأدبي وشقت لها أكثر من طريق نظري.

من آليات الكتابة إلى آليات النشر مسافة يبدو أولها تعباً ممزوجاً بالمتعة وآخرها تعقيداً وركضاً خلف ناشر كالسراب يختفي ليظهر مجدداً. حدثنا عن رحلتك في الطريق إلى الناشر؟

الحقيقة أنني سعيد جداً لأنّ {نوميديا} اقترنت بدار نشر مرموقة. لم يكن ثمة أي تعب حين يتعلّق الأمر بدار نشر كبيرة تحترم النص الأدبي وتحرص على سمعتها، وتؤمن بدمقرطة النشر.

كانت بداياتك مع الشعر، أين أنت منه الآن؟

كنت ولا أزال وفياً للقصيدة، أكتبها وأضمن روحها في الرواية.

ما تأثير المكان عليك ككاتب، وهل يؤثر فعلاً على إنتاج نص إبداعي مختلف؟

طبعاً له أكبر تأثير عليَّ. لا أحب صخب المدينة وضجيجها ويحدث أن تستعصي عليّ الكتابة في المدن الكبرى. لكن لا أعتقد أن للمكان عموماً تأثيراً كبيراً على النص الإبداعي.

كيف ترى مستقبل الثقافة العربية وأهم المشكلات التي تواجهها؟

أعتقد أنّ مستقبل الثقافة غامض بحق. ثمة غزارة في الإنتاج الأدبي والفكري، لكن لا شيء من ذلك يغادر دوائر المثقف. لا شيء من ذلك يصل إلى شرائح المجتمع أجمعها. ولعل عزلة المثقف في مجتمعه والشرخ الشاسع بين النخبة والعامة أهم مشكلتين تواجهان الثقافة العربية. أضف إلى ذلك مجموعة إشكاليات متعلقة بطبيعة المجتمع ومشكلاته، وعقده الموروثة، لا سيما بالتشدد الديني أو الانغلاق.

بماذا تنشغل راهناً؟

بمشروع روائي يعود إلى سبعينيات القرن المنصرم، وإلى صدام اليسار بالنظام المغربي في إطار ما يعرف في المغرب بسنوات الجمر والرصاص. كذلك أناقش جانباً من قضية اليهود المغاربة.

back to top