وثيقة لها تاريخ : الشيخ ناصر بن مبارك طلب شراء روايات «بونسون» الفرنسي وكتاب «نظرات» للمنفلوطي عام 1913م

نشر في 05-02-2016
آخر تحديث 05-02-2016 | 00:04
No Image Caption
الشيخ ناصر بن مبارك (الكبير) الصباح، رحمه الله تعالى (الملقب بناصر باشا) من أبناء أسرة الصباح الحاكمة المتميزين بحبهم للثقافة والدين واجتهادهم في اقتناء الكتب في زمن يصعب فيه الحصول على كتاب، إذ إنه من مواليد فترة ثمانينيات القرن التاسع عشر تقريباً أو قبل ذلك بقليل (أول أبنائه الشيخ صباح من مواليد عام 1903). كما أنه كان كفيفاً، لا يستطيع القراءة والكتابة، ولكنه كان بصير القلب، شغوفاً بالتعلم، محباً بصدق للمعرفة والثقافة. ومما يعرف عنه أنه كان يقرأ الكتب من خلال المرحوم سليمان العدساني، وكان يحرص على شراء الكتب من الهند، حيث كان يرسل الرسائل للمرحوم محمد السالم السديراوي يطلب منه إرسال الكتاب الفلاني والكتاب الفلاني. ويسرني في مقال اليوم نشر رسالة ممهورة باسمه موجهة للسديراوي بهذا الخصوص يقول فيها:

"من الكويت في 2 شوال 1331هـ الى بومبي، جناب المكرم الاخ العزيز محمد بن سالم السديراوي المحترم،

بعد السلام عليكم والسؤال عن خاطركم نهنئكم بهذا العيد المبارك ونسئل الله تعالى ان يعيده علينا وعليكم بالرفه والسرور اعواما عديدة. هذه الدفعة ما رئينا منكم كتاب نرجو ان يكون المانع خير. نرجوكم تاخذون لنا رواية روكمبول وهي على ما اظن ثمانية اجزاء وكتابي نظرات للمنفلوطي ومختاراته هذا ما لزم وشرفونا بما يلزم ودمتم سالمين.

«ناصر المبارك الصباح».

ورواية "روكامبول" مجموعة قصصية من تأليف الفرنسي "بونسون دي ترايل" في القرن التاسع عشر، وهي سلسلة من القصص تعكس الصراع بين الخير والشر والعدل والظلم، لاقت نجاحاً كبيراً في وقتها، وترجمها إلى اللغة العربية "طانيوس عبده" بأسلوب جذاب لا يقل عن جاذبية لغتها الأصلية.

ومن الجميل جداً أن نرى الشيخ ناصر المبارك، وهو الذي لا يملك قدرة البصر، متتبعاً لما يكتب في الغرب، حريصاً على اقتناء الأعمال العالمية الأدبية الرائعة، وذلك يعكس بلا شك مداركه العقلية العالية، ومستواه الذهني الرفيع. وكان أيضاً متابعاً لما يكتبه الأدباء العرب، حيث تطرق في رسالته المشار إليها لكتب الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي، المولود عام 1876م والذي له العديد من الأعمال الأدبية الرائعة. فكتابه "النظرات" الذي يتكون من ثلاثة أجزاء يضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد، والسياسة، والإسلاميات، وأيضاً مجموعة من القصص القصيرة نشرت في الصحف المصرية في حينها، ثم جمعت في هذا الكتاب الرائع تحت نفس العنوان. وله العديد من الكتب الأخرى ككتاب "العبرات"، وكتاب "محاضرات المنفلوطي"، وكتاب "التراحم".

أما الروايات التي ترجمها من اللغة الفرنسية، فمنها رواية "بول وفرجيني"، ورواية "في سبيل التاج"، ورواية "الشاعر".

لقد كان الشيخ ناصر المبارك من الشيوخ المتميزين بحبهم للثقافة والاطلاع، وكان جاداً في متابعة الأعمال الأدبية إقليمياً وعالمياً، كما كانت له مكتبة عامرة وزاخرة بالكتب والمطبوعات النادرة التي يزيد عددها عن ثلاثة آلاف كتاب، كما ذكر المرحوم عبدالله الحاتم. توفي رحمه الله تعالى في ديسمبر 1917م في القاهرة أثناء رحلته للعلاج هناك، وله من الأبناء الشيخ صباح، والشيخ عبدالله، ومن البنات الشيخة لولوة، والشيخة بزة، والشيخة بيبي. وقد أصدر الأستاذ محمد إبراهيم الشيباني كتاباً جميلاً وقيماً عن الشيخ ناصر تحت عنوان "كعب الأحبار الكويتي... الشيخ ناصر بن مبارك الصباح"، وذلك في عام 2012.

تنويه:

أبلغني الشيخ نواف عبدالعزيز حمود الجراح أن المقصود بالشيخ جابر الصباح الذي أشرت له في مقالي بتاريخ 22-1-2016 هو الشيخ جابر بن صباح الثاني، ابن أمير الكويت الرابع، وليس جابر بن عبدالله ابن أمير الكويت الخامس، لأن الشيخ جابر بن عبدالله استشهد في معركة الجهراء عام 1920، والوثيقة التي ورد بها اسم الشيخ جابر الصباح كتبت في عام 1926. كما أكد هذه المعلومة الأستاذ إياد عبدالحميد العيسى. فشكراً للشيخ نواف على إفادته الكريمة، وشكراً للأستاذ إياد على تفاعله الطيب.

back to top