أكراد العراق يريدون الاستقلال والسُّنة تفعيل الفدرالية

نشر في 07-02-2016 | 00:00
آخر تحديث 07-02-2016 | 00:00
No Image Caption
تنشغل الصالونات السياسية في العراق هذه الأيام، كما لم يحدث من قبل، بشكل النظام الفدرالي كواقع غامض وغير معرف في العراق، لكنه خيار قادم لا بديل عنه، رغم أن أطرافا كثيرة تخشى عواقبه.

فالعراق حسب الدستور إدارة لامركزية وفدرالية، لكن عمليا توجد منطقة كردستان المستقلة بنسبة ٩٠ في المئة كدولة داخل دولة، لا كإقليم فدرالي، والجميع متعايش بشكل أو بآخر مع هذه الحقيقة، إذ لا بديل عنها.

وفي الوقت نفسه فإن العراق المتبقي يدار بشكل مركزي صارم ولم يطبق اللامركزية الواردة في دستور ٢٠٠٥، رغم مطالبات من البصرة ذات الأغلبية الشيعية، ونينوى ذات الأغلبية السنية بتطبيق ذلك.

ويثير رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني مراراً فكرة اعلان الدولة الكردية، لكن الأحزاب المنافسة له تقول ان هذه الخطوة لاتزال مبكرة، وان الرئيس يحاول الهروب اليها من ازمات الإقليم الكردي الداخلية.

وفي الوقت نفسه يثير بعض الزعماء السنة فكرة اقامة إقليم سني بصلاحيات مستقلة عن بغداد، سواء بدرجة الاستقلال الكبيرة للمنطقة الكردية التي تمثل واقعا كونفدراليا ابعد بكثير من الفدرالية، او بمستوى فدرالي يسمح به الدستور، والزعماء السنة منقسمون حول هذا أيضا.

لكن تحرير الجيش الحكومي لمدينة الرمادي بدون مساعدة الحشد الشعبي، وتحرير البيشمركة الكردية مناطق مسيحية وايزيدية في اطراف نينوى، جعل الجميع يتحدث عن ضرورة صياغة رؤية سياسية لـ"ما بعد داعش".

ففي السابق كانت الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة بشكل اساسي، تدير تلك المناطق، بينما يتحدث السنة والأكراد عن ضرورة التفكير بصيغة ادارة جديدة، لأن السياسات الخاطئة السابقة هي التي ادت إلى ظهور "داعش"، ولابد من تغيير جذري يمنح ابناء المناطق صلاحيات أمنية وادارية تجعلهم قادرين على مكافحة التطرف وتخفيف الاحتقان الطائفي، لانهم "أدرى بمشاكلهم".

وحاول الأميركيون والاتحاد الأوروبي اقناع الأكراد بتأجيل فكرة الاستقلال، لأن اوضاع المنطقة حاليا لا تتحمل ذلك. كما ان بقاء تمثيل كردي في بغداد يسهم في تشجيع حكومة حيدر العبادي ومعتدلي الشيعة، على كبح جماح نفوذ إيران المتزايد، وفي نفس الوقت فإن الحديث عن منح السنة صلاحيات لامركزية في المناطق المحررة من "داعش"، سيعني منع الميليشيات الموالية لإيران من التحكم في الملف السياسي والأمني في الأنبار المحاذية للسعودية والأردن، ولاحقاً في نينوى المحاذية لتركيا وسورية.

وتتسرب أنباء عن ان رئيس البرلمان سليم الجبوري، الذي بقي اسبوعا في واشنطن، قد ناقش ترتيبات جديدة سترعاها اميركا في هذا الإطار، لأن القوى السنية الحالية تعاني الضعف والانقسام، حيث تعجز عن فرض واقع جديد في مناطقها المحررة، لذلك بدأ الحديث عن مشروع تفاهم أميركي- سعودي تركي لرعاية هذه الخطوة، ما يعني مواجهة أكيدة مع الجناح الإيراني في السياسة العراقية، واحراجا بمعان كثيرة للتيار الشيعي المعتدل، الذي ظل يحاول تحاشي هذه اللحظة طويلا، رغم ان كل محاولاته لن تلغي ان السياسة العراقية لابد ان تدخل فصلها الجديد، لأن كل ما حولها يتغير بسرعة.

back to top