سالي عادل: أدب «حبس الأنفاس» يحظى بإقبال واسع

نشر في 25-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 25-02-2016 | 00:01
No Image Caption
• أول كاتبة رعب في العالم العربي
ترى أن الكاتب إنسان وحيد، وهو حين يكتب يهدف إلى تكوين أرضية مشتركة بينه وبين الآخرين، ولهذا تجد أن كتب الرعب أقرب الطرق لاستبدال الحياة والهروب من الواقع، وعيش المغامرة المفتقدة أو بديل عن قصة حب فاشلة. وهي تكتب لأن حياة واحدة لا تكفيها، واختارت الرعب والحب ليكونا عنواناً للسلسلة التي تكتبها ضمن إصدارات «المؤسسة العربية الحديثة» في القاهرة.

سالي عادل الكاتبة الشابة التي استطاعت تحقيق حضور مشهود على الساحة الأدبية، وعرف اسمها طريق الجوائز، واحتلت قصصها لقب الأفضل والأكثر مبيعاً، التقتها «الجريدة» وكان هذا الحوار.

غالبا ما تبدأ الكاتبة خطواتها الأولى في عالم الكتابة بالرومانسية، ولكنكِ بدأت في الكتابة عن المسوخ والقتل والرعب... لماذا هذا المجال؟

أحب التجريب في الكتابة، وجرّبت في كثير من المجالات لم يكن أولها الرعب، ولكنه الأول في النشر. كانت بدايتي في الكتابات الرومانسية والاجتماعية، وكنت أُنعَت حينها بجمال الأسلوب، لكن في مرحلة معينة وجدت وفرة في الأفكار في مجالات الإثارة والرعب، وبدأت ألحظ نعتي بسعة الخيال، وأحببت هذه الآفاق غير المحدودة والأرض البكر في الكتابة فمهما كان يبقى أدب الرعب حديثاً في الدول العربية، وثمة أفكار عدة لم تكتب فيه، وبطبعي أحب التجديد في الكتابة، لذلك وجدت في الرعب ضالتي مع مزجه بشيء من الرومانسية وكأنها يد حانية تربت على القارئ بعد الرعب الذي أصيب به.

تؤكدين دوما أن الحب والرعب وجهان لعملة واحدة... ما هي وجهة نظرك؟

أكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني (كما يقول العقاد، بتصرف)، ولكل منا طريقته في استبدال الحياة (ولن أقول الهروب منها). وبالنسبة إلي، كتابة الرعب وسيلة لعيش المغامرة المفتقدة في الواقع اليومي لمعظمنا، هي بديل مثلاً لأن تسافر إلى دولة جديدة، أو تقوم برحلة سفاري مع أصدقائك، أو تعيش قصة حب، أو شيء آخر يساعد في تدفق الأدرينالين. أميل إلى قراءة الأنواع التي تضمن لي الإثارة، بشرط أن تكون اللغة جاذبة وليست منفرة، شيء مثل غواية النداهات، حتى أتورط تماماً في القصة وعوالم الشخصيات، وهذا ما أحاول صناعته في سلسلة الحب والرعب، أن أكتب قصة رعب بلغة رومانسية.

يقولون إن الكتابة في أدب الرعب تحتاج إلى أن يشعر الكاتب بالخوف، فكيف سيخيف الآخرين إذا لم يجرب الخوف... هل هذا صحيح؟

تنطوي الكتابة على التقمص، ليس بالضرورة أن أمرّ بالتجربة كي أكتب عنها، ولكني سأكتب إذا وجدت أني أشعر بها أفضل ممن عاشها. جميل أن تكتب عن خبراتك الشخصية، لكن لا يمكن أن تقف عندها، حينها سيكتب كل كاتب كتاباً أو اثنين ثم يتوقف. لكن مزج الحياة الشخصية مع حيوات الآخرين مع الخيال يوسع مجالات الكتابة.

إلى ماذا تسعين في كتاباتك هل إلى مخاطبة خيال القارئ أم مخاوفه؟

الغريب أني لا أسعى إلى إرعاب القارئ... ووجدت ستيفن كينغ أيضاً يقول المعنى ذاته عندما سُئل عن سر إرعابه للقارئ، فقال إن السر أنه لا يهدف إلى ذلك.

 يأتي الرعب نتيجة لتقمص القارئ لحالة البطل وتوحده معه وتعاطفه في المأزق الذي يمرّ به، فإذا استطعت أن تبني شخصية إنسانية ذات ضعف إنساني ما، ومأزق يضع حياة الشخصية على المحك فقد حققت الرعب من دون أن تتعمد ذلك. كان الكاتب الأميركي لافكرافت في بداية كتاباته يعمد إلى إضافة مشتقات: «مرعب، مريب، عفريتي» بغزارة إلى كتاباته ظناً أنها ستحقق تأثير الرعب المطلوب، قبل أن يكتشف أنها تحقق تأثير الفكاهة وليس الرعب. عموماً، في كل ما أكتب تكون الفكرة هي البطل، أضيف ما يخدمها فحسب وأحذف ما لا يخدمها.

نرى أسماء كثيرة تخصصت في الكتابة عن الرعب، هل ترين أن هذا الجيل الجديد من كتاب الرعب قدم شيئاً لهذا النوع من الكتابة؟

بالتأكيد، كل جهد مشكور، لا يوجد عيب في أن تكتب ما تحب أن تكتبه وتبدع فيه. عانى أدب الرعب تجاهلاً نقديا وإعلاميا طوال 30 سنة، الآن نجد د. أحمد خالد توفيق وكثيرين استطاعوا تحقيق إنجازات مهمة رغماً عن الإعلام والنقد والشلل الأدبية، وتحقيق تواجد مشهود، وأفضل مبيعات وحصد الجوائز كذلك، لماذا لا نشجعهم؟ ولماذا نتهمهم بأنهم يفسدون الذوق العام؟ وهي اتهامات معلّبة من فئة كتاب ومثقفي وسط البلد الذين لا يؤمنون بالآخر في الكتابة! في الحياة والأدب متسع للجميع.

يملك كتّاب أدب الخيال العلمي إلى حد ما تقنية في الكتابة ويهتمون بالسرد أكثر من كتاب الرعب، هل هذه الرؤية صحيحة؟

الفارق ليس في التقنية، فالنوعان ينتميان إلى أدب المغامرات الذي يهتم بالحبكة والقصة ومنطقية تسلسل الأحداث وتصاعدها حتى النهاية، وكلاهما يهتم بالتشويق وحبس الأنفاس. ولكن المُلاحظ أن كاتب الخيال العلمي شخص مثقف في المجالات العلمية ولديه سعة أفق، لأن قصة الخيال العلمي الحقيقية تُبنى على حقائق علمية أو على الأقل نظريات محتمل إثبات صحتها، وتبنى على نظرة تحليلية للواقع واستقراء للمستقبل. قد يخطئ الكاتب في ظنه أو يصيب ولكنه صاحب نظرية ووجهة نظر في الأحوال كافة، هذه ليست الحال نفسها بالنسبة إلى كاتب الرعب.

يتناول كاتب الرعب الخرافات والأساطير التي تمس وجعاً لدى الإنسان، ولذلك هو أكثر إغراقاً في التحليل النفسي للإنسان وعميق في مخاوفه ونقاط ضعفه، هكذا يمكن أن نصف الفارق بين الخيال العلمي، والخيال فحسب.

الرومانسية والشجن

يرى النقاد أن أدب الرعب نوع سطحي من الكتابة، هل ثمة مقاييس لدراسة وكتابة أدب الرعب؟

المقاييس هي مقاييس الأدب نفسها بالنسبة إلي. أبني قصة بأركانها وعناصرها وتقنياتها كافة، ثم يأتي الرعب كقيمة مضافة على القصة، يضيف إليها التشويق ورفع التوتر لدى قارئ لا يهدأ حتى يُكمِل القصة ويطمئن على الشخصيات. في الكتابة أهدف إلى إحداث أثر في نفس القارئ، ولا يوجد أقوى من عاطفة الخوف تترك أثراً في نفسه... وهي موجودة بالمناسبة في مجالات الكتابة نفسها وليس الرعب فحسب، الخوف على البطل، الخوف على مصيره، على أحبائه، على حياته، ولكنها تصل إلى أقصى درجاتها في الرعب، لذلك أعتقد أن الرعب لا ينفصل عن الأدب أو هكذا يجب أن يكون، هو قيمة مضافة تثري العمل لا أكثر، لأن القارئ يستحق أن يحقق أقصى استفادة من وقته، وإذا استطعت أن أمنحه في كتاب واحد شيئاً من الخوف، من الرومانسية، من الشجن، من الضحك... فلِمَ لا؟

أي تيمات الرعب مقربة إليك؟ وهل تجدين أننا في العالم العربي نعتبر في صدارة الكتاب لهذا النوع بالنسبة إلى العالم؟

أحب التجريب في أنواع الرعب وتيماته كافة، ولكن عموماً أجد أن المواضيع التي تثير شجناً ما لدي أو حنيناً خاصاً أكون توّاقة أكثر إلى قراءتها أو كتابتها، وربما هذا السبب وراء الحضور الرومانسي داخل قصص الرعب الخاصة بي. أحب الأجواء الحميمة مثل الرحلات التي يتجمع فيها الأصدقاء قبل أن يتفرقوا، أو الأشخاص المقربون حين تكتشف أنهم قد تبدلوا، أو الأشخاص الوحيدون حين يجدون رفقة ثم يتضح أنها ليست على ما يرام.

وفي العالم العربي بالطبع لدينا تراث لم يُمَس في مجالات كتابة الرعب... أساطيرنا الخاصة ووعينا الجمعي الذي قد يتشابه مع ثقافات أخرى ولكن تظل ثمة أشياء خاصة جداً بنا، وتتيح مساحات للأصالة والابتكار لمن يكتبها.

back to top