لمَ الابتسامة؟

نشر في 16-04-2016
آخر تحديث 16-04-2016 | 00:01
 جري سالم الجري ما أهمية الابتسامة؟ الكل يعلم أن معيار نجاح الدنيا المال، ومعيار نجاح الدين التقوى، فما أهمية أن أكون مبتسماً؟ نحتاج الجواب المقنع، فعساه في طب الأعصاب، أو في طب النفس، أو عند مديري الأعمال، أو عند المعلمين المربين، أو لعله موجود في مكاتب الهندسة؟

يقول علم الأعصاب إن الابتسامة ليست مجرد شد عضلي يغير ملامح الوجه، بل هي تفعيل للغدد الصماء أن تُطلق هرمون الدوبامين بالمخ، هرمون السعادة، فالابتسامة تُرسل إلى الغدد رسالة كهربائية عصبية، ولكن هناك مشكلة عند الذين يعانون عجزا في امتصاص الدوبامين، لأن مستقبلات هذا الهرمون مغلقة، ورغم ذلك فإن الابتسامة إذا استمرت في إرسال رسائل عصبية أخرى إلى المستقبلات فإنها (المستقبلات) تنفتح قسرا وتمتص الهرمون رغما عنها.

ويؤيد ذلك علم النفس، إذ وجد علماؤه أن الابتسامات مُعدية، فإذا جلس، مثلاً، ثلاثة أشخاص في متجر ضيق وفجأة ابتسم أحدهم، فسيُسرّ بها الاثنان، وتتفاعل أدمغة الثلاثة بالكيمياء التي ذكرناها، هذا ما يسميه أجدادنا العرب بدقة (الحبور) بمعنى المناخ السار، لأن الدماغ فيه خلايا تسمى بالمرآة، تتفاعل مثلا عندما نرى أحدهم يقع على وجهه، فتجعل المشاهد يشعر كأنه هو من يتألم بالسقوط.

يستغرب البعض أن مديري العمل يحبون التبسم رغم جديتهم وغلاظتهم أحيانا، فإنهم يقيمون الشخص المسرور تقييما أعلى من غيره، والمعلمون والمربون أدرى بالذكاء العاطفي، فهم على دراية ميدانية بأن المبتسم هو من يفتح قلبه للمعلومة والنصيحة، والبسمة علميا تزيد هرمون الدوبامين، الذي يُسمى في الفسيولوجيا بهرمون التعلم والسعادة أيضاً.

من حكمة الهندسة أن كل شيء يقاس بأبعاد محددة وواضحة، وكل معادلة لها نسبة، فعلى سبيل المثال شكل المربع يكون له أربع زوايا، فحجم الزاوية (أ. و. ب) يعادل حجم الزاوية (ج. و. د)، وأبعاد تفتح الوردة تعادل هندسيا عضلات وجه الإنسان الباسم، والشاعر الذي يصف بسمة زوجته بالوردة المتفتحة يكون قد أصاب حقيقة علمية.

مسك الختام أن نبحث في دين الإسلام، إذ نجد أن نبي الرحمة لم يكرر نصيحة التبسم كثيرا، حيث كانت الابتسامة تتجلى بوجهه كالبدر ليلة التمام، فهو الذي يرفع سعادة أمته ببسمته الوضاءة، صلوات ربي وسلامه عليه، فقالها: "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، هي فعلا صدقة طبيا ونفسيا وعاطفيا، فكم ترى من حولك من ضحايا الفقر العاطفي والهرموني!

فلعل هذا المقال أشبعنا أجوبة كافية وشافية، تجعلنا نحاجج كل عابس، بأن البسمة هي النجاح ديناً ودنيا، وهي زيادة السعادة وزيادة الذكاء، وهي لك ولهم صدقة.

back to top