النظام المصرفي العالمي يواجه أزمة وجودية

نشر في 12-03-2016 | 00:00
آخر تحديث 12-03-2016 | 00:00
No Image Caption
 Mark Gilbert يواجه النظام المصرفي حالياً أزمة وجودية، إذ هبط متوسط مكافآت وول ستريت السنة الماضية بنسبة 9%، وتم إلغاء أكثر من نصف مليون وظيفة مصرفية حول العالم منذ أزمة عام 2008 العالمية.

من سيختار العمل مصرفياً في هذه الأيام؟ فزملاء المهنة يختفون بمعدلات مقلقة مع انكماش الأعمال التجارية والعامة، تستخف بالمصرفيين... وإلى كل مصرفي أقول إن تلك بداية متاعبك فقط، إذ تقضي البنوك المركزية على أنشطتك الأكثر شفافية حتى من خلال سياسة معدلات الفائدة، وفي كل فصل تدفع صناعتك ملياري دولار اخرى على شكل غرامات بسبب تلاعبات سابقة في السوق، وثمة شيء يدعى عمليات صناعة الخدمات المالية يستحوذ على العناوين الرئيسية ويهدد بالقضاء عليك، ويشعر رب عملك بأنه يتمتع بقوة تمكنه من تأخير مكافأتك فترات طويلة، وإذا حدث سوء أثناء اشرافك على العمل فقد تجد نفسك مضطراً الى دفع أجور سنوات من المكافآت أو حتى التعرض للسجن.

النظام المصرفي يواجه ازمة وجودية، وقد هبط متوسط مكافآت وول ستريت بنسبة 9 في المئة في السنة الماضية بحسب مراقبة ولاية نيويورك، وقد تم الغاء أكثر من نصف مليون وظيفة مصرفية حول العالم منذ أزمة عام 2008 العالمية وذلك وفقاً لحسابات زميلي يلمان اوناران في بلومبرغ نيوز.

ولكن الأمر لا يقتصر على فقدان وظيفة أو تحقيق كمية أقل من المال لأن الانكماش يجب أن يقلق كل المعنيين بكيفية عمل الصناعة المالية على شكل محرك للنمو الاقتصادي وهي تصارع لرسم صورة الخدمات المصرفية خلال خمس سنوات من الآن.

هل تستطيع البنوك تحقيق ربح والتحول الى مصدر منفعة اقتصادية في المناخ الحالي؟ يقول بيل غروس في جانوس كابيتال إن ذلك غير محتمل، فـ«بدلاً من العمل التاريخي على شكل محرك للنمو الاقتصادي من خلال تأثير الثروة على الاقتصاد الحقيقي فإن معدلات الاستثمارات السلبية والتوسع في ميزانيات البنك المركزي عبر التيسير الكمي قد خلقا تأثيرات سلبية سبق ان حذرت منها منذ عدة سنوات.

وتهدد الأرباح السلبية هوامش ربح البنوك مع استقرار الأرباح في شتى أنحاء العالم وتراجع الهوامش الصافية لمعدلات الفائدة، كما أن الانهيار الأخير في أسعار أسهم البنوك في مختلف أنحاء العالم يمكن أن يفسر ليس من خلال التخلف المحتمل في السداد من قبل المركب من الطاقة والسلع بل نتيجة ادراك المستثمر أن البنوك ليست فقط خاضعة لقدر أكبر من التنظيم، وإنما لأن عوائد المستقبل على الأسهم سوف تشبه الى حد كبير أسهم المنشآت.

صناعة الخدمات المالية

وفي ما يتعلق بعمليات صناعة الخدمات المالية، وهي الخطر في قيام متنافسين أصغر بسرقة شريحة من الأعمال المصرفية الأساسية، يبدو الكثير من أعمال الصناعة المصرفية مثل من يطلق صفارة في مقبرة. وقد أكد الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان جيمي ديمون في الأسبوع الماضي ان البنوك «تبرع في استخدام التقنية الرقمية من أجل جعل الأمور أكثر سهولة على العملاء، وأن ذلك سوف يشكل تحدياً لكل واحد كي يصبح أفضل وأسرع وأرخص منا «.

ولكن تأثيرات التنظيم المتزايد في الصناعة تقارن مع التحدي الذي تطرحه صناعة الخدمات المالية بحسب تصريح الرئيس التنفيذي لمجموعة ارست المصرفية أندرياس تريكل الى محطة بلومبرغ التلفزيونية في الأسبوع الماضي: «ليس علينا ان نخشى من التحدي الرقمي لأننا اذا لم نتمكن من العمل الرقمي فقد قضي علينا على أي حال».

ثم إن ثمة حقيقة مؤكدة، وهي أنه كلما طال انكار المصرفيين للفوضى التي قد تجلبها عمليات صناعة الخدمات المالية بالنسبة اليهم ازداد تعرضهم للخطر.

من يتحمل اللوم؟

يتحمل المصرفيون والبنوك درجة كبيرة من اللوم بالنسبة الى الوضع الذي هم فيه في الوقت الراهن، فعلى سبيل المثال في ألمانيا طالبت وحدة بنك يونيكريدت هايبوفرنسبنك مديرها المالي السابق والرئيس السابق للاستثمارات المصرفية بدفع أضرار بقيمة 140 مليون يورو ( 154 مليون دولار ) بعد تعرض البنك لغرامات بسبب عمليات تهرب من الضرائب وتحقيق أرباح غير مشروعة.

وبغض النظر عن اعلان العديد من المحامين أن العملية كانت قانونية فما من أحد شارك في عملية اساءة الاستخدام الواسعة النطاق هذه (وقد تعرض الكثير من البنوك الاخرى الى تهم مماثلة) لديه أي أوهام ازاء ما كانوا يعتزمون القيام به، من عملية تحايل أفضت في نهاية المطاف الى أخذ أموال من جيوب دافعي الضرائب الألمان. وهذا النوع من العمليات نموذجي في السلوك المالي الذي بلغ ذروته قبل انهيار الائتمان الذي تحاول الجهات التنظيمية الآن حظره وتجريمه.

وبمناسبة الحديث عن جهات التنظيم يعلم المسؤولون في أوروبا بصورة متزايدة أن سياساتهم تلحق الضرر بالبنوك – كما أن معدلات الفائدة السلبية في البنك المركزي الأوروبي – دفع ثمن ايداع أموال هناك – لا يمكن نقلها الى العملاء خشية قيامهم بنقل ودائعهم الى أماكن اخرى، وبالنسبة الى مؤسسات الاقراض الأصغر حجماً فإن زيادة التنظيم تعني المزيد من البيروقراطية والتي تعني بدورها ابتعاد الموارد التي يمكن أن تساعد الاقتصاد. وتلك هي النتيجة التي خلصت اليها استشارة حول تقييم عواقب 40 من القوانين والقواعد الجديدة وفقاً لمدير الخدمات المالية في الاتحاد الأوروبي جوناثان هيل في الأسبوع الماضي.

وفي الوقت الراهن ربما تتمنى البنوك الكبيرة لو أنها تفككت وتقطعت أجزاء من جانب جهات التنظيم. ولكنها بدلاً من ذلك تبدو تعيسة وبائسة مثل رجل شره ثقيل الوزن يتبع نظاماً غذائياً مكوناً من الخس والماء.

وتبدو قائمة التحديات التي تواجهها تلك البنوك ضخمة، ويتعين على مشرفي السوق توخي الحذر والتأكد من أن جعل بيئة ما بعد الانهيار أكثر أمناً لن يجعلها سامة أيضاً على أي حال.

back to top