45 Years... الحياة الزوجيّة تحت المجهر

نشر في 12-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 12-01-2016 | 00:01
45 Years (45 سنة) فيلم يتفجّر بهدوء لما يحمله من دراما قوية وبراعة في نقل التعقيدات العاطفية الدقيقة. ينجح الفيلم، الذي يؤدي فيه دور البطولة الممثلان البريطانيان الناجحان والمخضرمان شارلوت رامبلينغ وتوم كورتني، في تقديم صورة دقيقة عما يحدث للزواج الطويل الأمد، عندما يؤدي بعض التطورات في الحياة إلى زعزعة الأرض من تحت أقدام الجميع.
في الظاهر، قد لا تبدو قصة أزمة تتفشى ببطء في حياة زوجين عقدا قرانهما قبل ولادة الكثير من محبي السينما الحاليين مميزة وجذابة. لكن هذا النوع من التفكير يتجاهل مهارات الكاتب والمخرج أندرو هايغ وبصيرته.

يهوى هايغ، الذي تناول فيلمه الأخيرة Weekend العلاقة العاطفية الحميمة بين رجلين خلال إحدى نهايات الأسابيع، القصص التي تظهر تأثير الحب في حياة الناس، وقوة الشغف والغيرة وقدرتهما على إخراجنا عن طورنا مهما بلغت سننا.

في 45 Years، حظي هايغ بأفضلية الانطلاق من In Another Country، قصة قصيرة مميزة للكاتب البريطاني الحائز جوائز عدة ديفيد كونستانتين. فعمل المخرج بمهارة على توسيعها وإعادة ترتيب تطوراتها للتوصل إلى تأثيرات استثنائية.

بالإضافة إلى ذلك، حظي المخرج بتعاون ممثلين يتمتعون بخبرة مذهلة وقدرة عالية، أمثال رامبلينغ وكورتني (حازا جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي عن آدائهما). فقد أضافا خبرة سنوات من العيش والتمثيل إلى التفاعلات الدائمة التبدل في العلاقات الطويلة الأمد.

صحيح أن هايغ بدأ مسيرته المهنية كمساعد محرر (في أفلام مثل Gladiator وBlack Hawk Down)، إلا أنه يؤمن بضرورة أداء المشاهد في لقطتين. وقد أوضح رأيه هذا في مقابلة مع مجلة Sight and Sound، قائلاً: “أحب رؤية التبدلات العاطفية على الشاشة لا خلال عملية التحرير”. ولا شك في أن هذا الأمر وقراره تصوير 45 Years بشكل متسلسل أتاحا لممثليه تقديم أداء واقعي مذهل.

ينطلق 45 Years بهدوء مع لقطة طويلة لمنزل في منطقة نورفولك الريفية في بريطانيا. تمتاز هذه المنطقة بهدوئها المميز. لذلك يصعب عليك تخيل أن أي نوع من الدراما قد تدور في هذا المنزل. لكن الأسبوع التالي يبدل وجهة نظرك هذه.

يعيش آل ميرسير في هذا المنزل: كايت (رامبلينغ في الدور الأهم في مسيرتها) وجيف (كورتني). لا أولاد لهما، وستحل قريباً الذكرى الخامسة والأربعين لزواجهما. لذلك تخطط كيت القديرة لحفلة كبيرة ليوم السبت، بعدما أرجآها من ذكرى زواجهما الأربعين لأن جيف احتاج إلى جراحة قلب طارئة.

تلقى جيف يوم الاثنين رسالة مكتوبة باللغة الألمانية. ولا يحتاج إلى قاموس ألماني/إنكليزي ليترجمها فحسب، بل أيضاً إلى مَن يذكره بالمكان الذي وضع فيه القاموس. لكن كلمات الرسالة الأساسية واضحة. يخبر جيف زوجته: «عثروا على جثتها. عثروا على كاتيا حبيبتي».

كانت كاتيا صديقة جيف قبل سنوات من لقائه كايت. وعندما كانا في رحلة في الطبيعة في سويسرا، سقطت كاتيا في شرخ في الجليد ولقيت حتفها. ولكن بما أن الثلج الذي يغطي الأنهار الجليدية بدأ يذوب في الآونة الأخيرة بسبب الاحتباس الحراري، ظهرت جثة كاتيا للمرة الأولى. يقول جيف غير مصدق: «تبدو كما لو أنها في ثلاجة. ما زالت محافظة على شكلها كما كانت عام 1962. أما أنا، فهرمت».

سمعت كايت بأخبار كاتيا، إنما بطريقة مبهمة. ما كانت قد اطلعت على تلك التفاصيل الدقيقة التي بدأ جيف بسردها من دون أي رادع. لم تكن كايت مستعدة (ولا جيف) لفيض العواطف الذي اجتاحه، لعودته القوية هذه إلى الماضي، ولتعلقه بعلاقة ما كان لها وجود خلال نصف قرن.

أما التفاعلات القوية التي تجتاح هذا الزواج الذي كان متيناً ومستقراً سابقاً، مع وقوع جيف في قبضة مشاعر دفينة كان قد نسيها وشعور كايت بشكل متزايد بالقلق والخوف، محاولة في الوقت عينه المضي قدماً بما تخطط له، فعليك مشاهدتها في الفيلم.

وكما يذكر جيف، “انفتح شرخ، حسبما يدعونه، وهو شق ضيق في الصخر” وابتلع كاتيا، إلا أن شرخاً أكبر في هذا الزواج يهدد بابتلاعه هو وزوجته إلى ما لانهاية. وهكذا نحصل على دراما مذهلة متقنة من الطراز الأول عليك ألا تفوتها.

back to top