«الجنايات»: تدخّل القاضي في تقرير الجماعات المحظورة `سيجعل منه مشرعاً من على منصة القضاء

نشر في 12-03-2016 | 00:02
آخر تحديث 12-03-2016 | 00:02
No Image Caption
أكدت أن ذلك يتعارض مع المادتين 50 و51 من الدستور
أكد حكم قضائي بارز ضرورة إصدار الكويت قائمة تضم الجماعات الإرهابية، «حتى تتمكن المحاكم الجزائية من معرفة تلك الجماعات والمنظمات والهيئات المحظورة، وفقا لنصوص المادة 30 من قانون الجزاء».

وقالت محكمة الجنايات، برئاسة المستشار أحمد الياسين، في حيثيات الحكم الصادر ببراءة مواطن من الانضمام إلى جماعة إرهابية متصلة بالجهاد ضد النظام السوري في سورية، إن المادة 30 من قانون الجزاء لم تحدد في النص اعتبار جمعية أو جماعة أو هيئة ما محظورة، ومنها الجماعة التي ينتمي إليها المتهم، كما أن تدخل القاضي الجزائي في هذه الحالة بتقريرها، إذا كانت جمعية أو جماعة أو منظمة محظورة من عدمه، سيجعل منه مشرعا من على منصة القضاء، وسيتعدى بقضائه على مبدأ الفصل بين السلطات الوارد بالمادتين 50 و51 من الدستور.

وأكدت «الجنايات»، أن المشرّع في المادة 30 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء حظر الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات التي يكون غرضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية بطريقة غير مشروعة، أو الانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في البلاد تتعلق بالحظر، إلا أنه لم يورد به النص على اعتبار جمعية أو جماعة أو هيئة ما محظورة، ومنها الجماعتان الواردتان بالبند الأول من تقرير الاتهام، كما أنه لم يفوض أداة قانونية أخرى في تحديد ذلك.

مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات

وتابعت: من ثم وتطبيقاً لنص المادة 1 من قانون الجزاء التي تنص على أنه (لا يعد الفعل جريمة، ولا يجوز توقيع عقوبة من أجله، إلا بناء على نص في القانون)، الذي يقرر مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، فسواء انضم المتهم بالفعل إلى ما يسمى جماعة «نصرة المظلوم، صقور العز» من عدمه، فإن عمله لا يخضع للنص سالف البيان.

وقالت المحكمة إنه وإن تدخل القاضي الجزائي في هذه الحالة، بتقرير ما إذا كانت جمعية أو جماعة أو منظمة ما محظورة من عدمه، فإن ذلك سيجعل منه مشرعا من على منصة القضاء، وسيعتدي بقضائه على مبدأ الفصل بين السلطات الواردة بنص المادتين 50 و51 من الدستور، التي تنص أولاهما على أن (يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطتين، مع تعاونهما وفقا لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منهما النزول عن كل أو بعض اختصاص المنصوص عليه في هذا الدستور)، فيما تنص المادة الثانية على أن (السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور).

وقالت إن هذا الأمر هو المستقر في القانون المقارن، فعلى سبيل المثال صدر القرار الجمهوري بالقانون رقم 8 لسنة 2015 بجمهورية مصر العربية، بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، فبعد أن حدد في مادته الأولى مفهوم الكيان الإرهابي، والإرهابي، وتمويل الإرهاب، نصت المادة الثانية منه على أن تعد النيابة العامة قائمة تسمى «قائمة الكيانات الإرهابية»، وكذلك «قائمة الإرهابيين» تدرج عليهما الكيانات الإرهابية وأسماء الإرهابيين، التي تقرر إدراجهم عليهما الدائرة الجنائية بمحكمة استئناف القاهرة بنظر طلبات الإدراج على القائمتين سالفتي البيان، بناءً على طلب يقدم من النائب العام إليها، وفقاً للشروط المقررة بنص المادة 3 من القانون سالف البيان- أو التي تصدر بشأن ذلك أحكام جنائية بإسباغ ذلك الوصف عليها.

اتهام غير قائم على سند صحيح

وأضافت: فضلا عن ذلك، فإنه ووفقاً لما هو ثابت بالأوراق، أن الجماعتين سالفتي الذكر موجودتان في الجمهورية العربية السورية، ولم يثبت بأي دليل بالأوراق أن الغرض منهما هو العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية والانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي بالكويت بطرق غير مشروعة، وفقا لما عناه النص سالف البيان، من ثم يكون الاتهام الوارد بالبند الأول غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون تقضي معه المحكمة والحال ببراءة المتهم منه.

وذكرت المحكمة: لما كان ذلك، وكان الاتهام الوارد بالبند الثاني من تقرير الاتهام مبناه أن المتهم موَّل منظمة إرهابية تدعى «صقور العز»، لغرض ارتكاب عمل إرهابي، ولما كان الثابت للمحكمة من القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أنه أورد تعريفاً لكل من الإرهابي والمنظمة الإرهابية، إلا أنه بدوره لم ينص على اعتبار منظمة ما إرهابية أو شخص ما إرهابياً، ومنها الجماعة سالفة البيان، مما يتعيَّن معه، والحال كذلك، القضاء ببراءة المتهم من هذه التهمة.

وقالت: لما كان ذلك، وعن الاتهام الوارد بالبندين الثالث والرابع من تقرير الاتهام، المتمثل بأن المتهم تلقى تدريبات على استعمال المفرقعات وحمل واستخدم الأسلحة النارية والذخيرة وتلقى فنون القتال بقصد تحقيق غرض غير مشروع، فإنه لما كان الثابت من الأوراق، أن تلك الأفعال أسندت إليه باعتبار أنه كويتي الجنسية- وفقاً للثابت من صورة بطاقته المدنية- ارتكبها حال وجوده على أراضي الجمهورية العربية السورية، ثم عاد إلى الكويت.

امتداد تطبيق قانون الجزاء الكويتي

وتابعت: لما كانت هذه الحالة ينطبق عليها نص المادة 12 من قانون الجزاء، التي يجري على أن تسري (أحكام هذا القانون أيضاً على كل شخص كويتي الجنسية يرتكت خارج الكويت فعلا معاقبا عليه طبقاً لأحكام هذا القانون، وطبقاً لأحكام القانون الساري في المكان الذي ارتكب فيه هذا الفعل، وذلك إذا عاد إلى الكويت من دون أن تكون الأحكام الأجنبية برأته مما أسند إليه)، وهو النص الذي يتناول مبدأ شخصية قانون الجزاء- والذي يقصد به امتداد تطبيق قانون الجزاء الكويتي على كل من يحمل الجنسية الكويتية، حتى لو ارتكب الجريمة خارج إقليم دولة الكويت- باعتباره استثناء من مبدأ إقليمية قانون الجزاء- والذي يقصد به تطبيق قانون الجزاء على جميع الجرائم التي تقع داخل إقليم دولة الكويت، بغض النظر عن جنسية مرتكب الجريمة، مواطناً كان أو أجنبياً.

وأردفت بالقول: لما كان إعمال النص السالف البيان يتطلب توافر ثلاثة شروط: الأول أن يكون مرتكب الفعل كويتي الجنسية، والثاني: أن يرتكب خارج الكويت فعلا معاقباً عليه طبقاً لأحكام القانون الكويتي، وطبقاً لأحكام القانون الساري في المكان الذي ارتكب فيه هذا الفعل، والثالث: أن يعود إلى الكويت من دون أن تكون المحاكم الأجنبية برأته مما أسند إليه.

وبينت المحكمة أن الأوراق خلت من بيان، ما إذا كانت تلك الأفعال معابا عليها طبقا لقانون العقوبات السوري من عدمه، وفي الحالة الأولى، ما إذا كان قد تمت محاكمته عنها أم لا، الأمر الذي يكون معه أن تقضي المحكمة، والحال كذلك، ببراءته مما نُسب إليه من اتهام في البندين الثالث والرابع من تقرير الاتهام.

وقالت: لما كان ذلك، وعن الاتهام الخامس، المتمثل بأن المتهم أساء عمداً استعمال وسائل الاتصال الهاتفية (هاتفه النقال)، فإن هذا الوصف الوارد بتقرير الاتهام مجهول، من حيث عدم تحديد وجه إساءة المتهم استعمال وسائل الاتصال الهاتفية المعاقب عليها بالمادة 70/أ من قانون إنشاء هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.

وأضافت: فضلاً عن ذلك، فإنه لما كانت المحكمة قضت ببراءة المتهم من التهمة الأولى، من ثم يكون ما أجراه المتهم من حوار مع بعض الأشخاص وفق الثابت من الصور الضوئية من هاتفه النقال المرفقة بالتحقيقات هي حوارات غير مؤثمة.

back to top