الصقر: الصحافة الحرة أهم كثيراً من البرلمان

نشر في 19-04-2016 | 00:14
آخر تحديث 19-04-2016 | 00:14
عرض مسيرته الإعلامية والسياسية في ندوة نظمها قسم الإعلام بكلية الآداب
تطرق رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية، عضو مجلس الأمة السابق، رئيس البرلمان العربي سابقاً محمد جاسم الصقر، إلى حياته العملية في مجلس العلاقات العربية والدولية، ودوره في الدفاع عن السياسة العربية، ومسيرته الإعلامية، وحقبات الزمن التي مر بها في الصحافة الكويتية، ونشاطه الخارجي مع رؤساء الدول، وأبرز المخاطر التي تعرض لها بسبب العمل الإعلامي، وذلك في محاضرة نظمها قسم الإعلام في كلية الآداب أمس في قاعة 125 بكلية الحقوق.

ذكر رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية عضو مجلس الأمة السابق رئيس البرلمان العربي سابقا محمد الصقر أنه ابتعد عن الحياة السياسية قليلا خلال الفترة الأخيرة، «وانشغلت بعملي حاليا في السياسة الخارجية، والاتصال الخارجي، من خلال المجلس الخارجي للعلاقات العربية والدولية، الذي يعمل بالدفاع عن السياسة العربية من منطلق شعبي، والذي قمت بتأسيسه بعد تركي البرلمان العربي مع رئيس جامعة الدول العربية الأسبق عمرو موسى».

وأوضح الصقر، خلال حديثه عن مسيرته الإعلامية والسياسية، وأهم المحطات التي مر بها خلال تلك المسيرة، في الندوة التي نظمها قسم الإعلام بكلية الآداب، في قاعة 125 بكلية الحقوق بجامعة الكويت، أمس، أنه تسلم قيادة جريدة القبس عام 1983 حتى 1999.

وأضاف: «أعتقد أن الإعلام والصحافة الكويتية ينقسمان الى حقبتين، الأولى من تأسيسها إلى الغزو العراقي الغاشم، والثانية من الغزو حتى يومنا هذا، والفرق كبير جدا بينهما»، مشيرا إلى أن الصحافة الكويتية قبل الغزو كانت صحافة عربية وإقليمية ومحلية، وحاضرة من كل المفكرين والكتاب العرب.

وتابع ان «الكتاب المحليين والعالميين والإقليميين حاضرون في الصحافة الكويتية، مضيفا أن الصحافة الكويتية كانت خبرية، أما بعد الغزو فانكفأت وأصبحت صحافة رأي، وأصبح الخبر محدودا وغير دقيق.

وذكر انه «حتى هذا اليوم وأنا أنام صحافيا، وليس سياسيا، وأعتقد أن الصحافة الحرة أهم كثيراً من البرلمان، فليس هناك ديمقراطية في الصحافة، ولابد أن يكون رئيس التحرير في الصحافة دكتاتورا، ففي اجتماعاته يأخذ جميع الآراء، والقرار الوحيد هو من يقرره ويتحمل مسؤوليته في النهاية».

وأردف أنه عندما أنشأ القبس الدولي، «كتب عثمان العمير رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط أن الصحافة التي تشكل خطرا علينا هي القبس الدولي، فهي الرقم الأول في الصحافة العربية، وتبعتها جريدة الحياة والشرق الأوسط، ولكن تضررت القبس مع الأسف بعد دخول صدام حسين الكويت».

وألمح إلى أن «الصحافة الكويتية لعبت دور الوسيط في العديد من الأحداث، فمثلا عندما كنت في بغداد عام 1989، أبلغني مدير مكتب سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله، خالد الحجرف، أن الشيخ سعد يطلب لقائي، وعندما التقيته أبلغني بإيصال رسالة عن طريق علاقاتي إلى صدام حسين بأنه قبل عودتنا إلى الكويت نريد تحديد الحدود، فقمت بالتأشير إليه بأنه توجد سماعات تنصت، فقال الشيخ سعد: أنا أبيهم يسمعون، وعند عودتي إلى الفندق اتصلت على وكيل وزارة الخارجية العراقية في عهد صدام نوري الويس، الذي أصبح سفيرا في الأردن وباريس، فقال لي إن الرسالة وصلت من خلال سماعنا إلى الحديث الذي دار مع الشيخ سعد».

الصحافة بعد الغزو

ولفت الصقر إلى أن الصحافة بعد الغزو العراقي هبط مستواها كثيرا، لكنها تحاول استرجاع مكانتها إلى يومنا هذا، إلا أنه لا يوجد قياس بين الصحافة الكويتية قبل الغزو وبعده، مشيرا إلى أن القارئ الكويتي ولفترة طويلة لا يؤمن بكثير من القضايا العربية، لأن صدام حسين دمَّر الشعور القومي والوطني، وفق ما فعله في الكويت والعالم العربي، فعلى سبيل المثال، إسرائيل دولة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فأميركا والاتحاد السوفياتي في حرب باردة، وفي المقابل هناك حرب حارة بين إسرائيل والدول العربية، وعندما سقط الاتحاد السوفياتي، دخل صدام حسين الكويت، ما ساهم في جعل إسرائيل حليفا استراتيجيا، من خلال تحرير فلسطين عبر دخوله الكويت، فما شأن غزو الكويت بتحرير فلسطين؟!

وبيَّن أن هذا الأمر جعل الكويتي متراجعا كثيرا في شعوره القومي والوطني، وعليه أصبح الكاتب الكويتي لا يتناول القضايا إلا من طرف محلي.

مخاطر

وفيما يخص أبرز المخاطر التي تعرَّض لها خلال مسيرته الإعلامية، أوضح: «في فترة من الفترات وُضع لي مرافقو أمن، بطلب من أمن الدولة، بناءً على معلومات تهديد وصلتني، رغم أنني لا أحب أن يكون لي مرافقو أمن، وجاء ذلك بعد اغتيال أشهر رسامي الكاريكاتير في العالم وهو ناجي العلي.

وتابع: عند إقامتي في جنوب فرنسا مع النائب السابق مشاري العنجري، طلب مني الحذر، بعد مقتل ناجي العلي، لأنه من الممكن أن أكون الهدف الثاني، وخصصوا لي رجل أمن، موضحا أن الذي قتل ناجي العلي هو عميل مزدوج؛ فلسطيني - إسرائيلي، وكانوا يتهمونني بالجرأة في نشر الكاريكاتيرات التي كانت تؤثر، وبالتالي أنا شريك في هذا الأمر.

جائزة الصحافة العالمية

وعن الفوز بجائزة الصحافة العالمية، ذكر الصقر أن «الحصول على الجائزة يرجع إلى سببين، ففي أكتوبر 1992 تم نشر خبر عن سرقة الناقلات، والتي تسمى بسرقة العصر، من خلال إرسالي صحافي من «رويترز» في القاهرة باترك وير، وهو يعنى بالأمور الصحافة الاقتصادية، فأرسلته إلى إسبانيا وإنكلترا، لتغطية حيثيات حكم سرقة الناقلات، وجلب معه التقارير والحكم، الذي سبَّب ضجة بعد نشره، وتحدثت عنه صحف عالمية، لدرجة أن قناة «بي بي سي» عقدت معي لقاءً حولها، وشغلت حيزا في العالم.

وتابع الصقر: أما السبب الثاني للفوز بالجائزة، فهو نشر التشكيلات الجديدة في الجيش الكويتي من قبل النائب السابق وأحد محرري القبس خضير العنزي، وهو ما اعتبرته وزارة الدفاع تسريباً لأسرار عسكرية وخيانة، وتمت إحالتي وخضير العنزي إلى محكمة أمن الدولة، الذي يكون بها الحكم عند الإدانة، الإعدام أو السجن المؤبد، بعدها أحضر لي خضير العنزي مجلة حماة الوطن، التي تصدر في وزارة الدفاع، نشرت اعداد تشكيلات الجيش الكويتي، حيث نشرت تفاصيل أكثر من التي نشرت في الجريدة، متسائلا: كيف يتم الاتهام بإفشاء أسرار عسكرية؟! وهذا الأمر ساهم ببراتنا في القضية.

حرية الصحافة

وأشار الصقر إلى أن هناك جزءاً في الصحافة الكويتية اصبح يعتمد نشر الفضائح، وبالتالي فقدت المهنية.

وذكر: حينما كان ديبت ايت وي نائب رئيس تحرير جريدة واشنطن يكتب الخبر في مكتب خصص له في القبس حول استجواب سلمان الحمود حول قصة المناخ، كان يرجع إلى مركز المعلومات في الجريدة، ويتعب عليه فترة طويلة، لكن الصحافي الكويتي أصبح يكتب الخبر من دون الرجوع إلى الأرشيف أو مركز المعلومات، فالكاتب الغربي عندما يكتب مقالاً يعمل عليه لمدة ثلاثة أيام، أما الكاتب المحلي، فيكتب الخبر في خمس دقائق.

مركز المعلومات

ولفت الصقر إلى أن مركز المعلومات في «القبس» صُرفت عليه مبالغ كبيرة، فكان مَن يقدم للماجستير يرجع إلى مركز المعلومات لديها، ويرجع الفضل لإنشاء المركز للأستاذ حمزة عليان.

وفيما يتعلق بقيادة تحرير جريدة القبس، أشار إلى اعتراضه على سياستها، على الرغم من أهلي أحد المُلاك، مبينا أن الاجتياح الإسرائيلي للبنان كان الموقف في ذلك الوقت سيئاً، فذهبت إلى «العمام» و»ناجرتهم»، وخاصة أن لديَّ نشاطا سياسيا منذ تدرجي في العمل النقابي بالجامعة حتى عملي في الجريدة، وفي ذلك الوقت كنت متابعاً للاجتياح الإسرائيلي، وكان هناك شخص في القبس ضد الموقف اللبناني، ويقف مع الكُتاب الذين لهم علاقة بإسرائيل، وهذا الأمر ليس بموقفي، ومنهم الأخ سمير جعجع، وهو ليس له علاقة بإسرائيل، إلا أن القبس وقفت ضد المقاومة، وبعد الاختلاف في الرأي حول القضية اللبنانية مع أعضاء مجلس الإدارة، تم تعييني عضوا، وعند احتياج القبس لرئاسة التحرير تم تعييني رئيساً لها، مع إعطائي صلاحيات، ولا أرى نفسي أفضل رؤساء التحرير، فهناك رؤساء لهم بصمة، منهم سامي المنيس ومحمد مساعد وجاسم المطوع وغيرهم.

وفيما يخص الجانب الرياضي، كشف الصقر عن تشجيعه لنادي ليفربول الإنكليزي مع أسرته منذ أربعين عاماً، ولديه علاقات مع إدارة النادي، مضيفا: أشجع أيضاً منتخب إنكلترا، إذا لم يصل منتخب الكويت إلى كأس العالم.

«دا انت نيلة»!

وعن ممارسته لعبة الاسكواش، قال الصقر إنه بعد الانتهاء من إحدى مقابلات رئيس جمهورية مصر العربية الأسبق حسني مبارك، قلت له لعبت «اسكواش» مع الشيخ سالم الصباح، قال نعم، في منطقة المسيلة، وغلبته، فسألني عن ممارسة اللعبة، فأجبت بنعم، فطلب مني اللعب معه، على الرغم من اقتراب موعد الطائرة، فقلت له «ما يمدي»، ليست هناك مشكلة، يتم تأخير الطائرة، فقدمنا موعد اللعب في الساعة الثالثة عصرا، وسط حضور ضباط، وغلبته في الشوط الأول، ثم قال لي الحكم الضابط: «هذا الريس ما تشدش معاه»، وجعلته يفوز بالشوط الثاني، فتفاعل مدرج الحضور، وفي الشوط الثالث فزت عليه، فقال لي الرئيس «دا انت نيلة»، وقال الضابط هذا الكلام ليس للنشر، وأول ما وصلت الكويت نشرته في الصفحة الأولى.

لا حسابات شخصية

وتابع الصقر أنه لا يعتقد أن الإعلام المرئي مؤثر، فالإعلام المكتوب سواء كان سلبيا أو إيجابيا مازال مؤثرا، في مختلف المجالات السياسية والحكومة، فإذا توافر إعلام قوي وصحافيون وكتاب مؤثرون ورؤساء أقسام، فإن توجيه الخبر يساهم في التأثير، مشيرا الى أنه ليست لديه حسابات شخصية تتابع الأحداث بالإعلام المرئي، و»لكن يصلني كلام من يتحدث عني، سواء بالمدح أو بالانتقاد، ومن المفترض تقبله».

وفي ما يخص قانون الإعلام الالكتروني، ذكر انهم لن يستطيعوا السيطرة على الإعلام، حتى ولو وضعوا مليون عائق، ويرجع ذلك لصعوبة الحصول على الأشخاص الذين يكتبون في الخارج، فضلا عن الحسابات الوهمية، وخاصة أن موقع ويكليكس ينشر أخبارا مليئة بالفضائح، موضحا أنه من الإعلام كاميرون يفقد رئاسة الوزراء على 37 ألف جنيه وهو ورث من والده، وهنا ملايين من الأموال سرقت دون حسيب.

سابق لأوانه

وفي ما يخص عزمه خوض انتخابات الأمة، كشف الصقر عن توقعه توجيه مثل هذه الأسئلة، فهناك الكثير من الأخبار التي تنشر عن هذا الموضوع، على الرغم من أنني لم أصرح بها، فهذا الموضوع سيكون سابقا لأوانه، ولم يتبق إلا عام على الانتخابات، وهناك كثير من التغييرات في المستقبل، فأنا لست من النوع الذي يعطي وعودا ثم يرجع عنها، وحاليا أنا أزاول نشاطي السياسي الخارجي بكل راحة، وأمارس دوري في مجلس العلاقات الدولية مع إخواني وأغلبهم رؤساء وزراء سابقون».

تقريب وجهات النظر بين الأطراف العربية

أكد الصقر أن الهدف من تأسيس مجلس العلاقات العربية والدولية هو أن يكون دعما للسياسة الخارجية، وأن يكون له دور إقليمي في محاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة في الدولة الواحدة، فعلى سبيل المثال تقريب وجهة النظر بين حركة حماس ومنظمة التحرير، ومنظمة التحرير والأردن، وفي سورية، فالسياسة العربية تمر بصعوبات، فكل واحد يختص برأيه.

وقال إن المجلس التقى العديد من الشخصيات بهدف تقريب وجهات النظر.

المشهد العربي مأساوي

أوضح الصقر أن المشهد العربي مأساوي، فهناك حروب في اليمن والعراق، وسورية وليبيا، فهذا الربيع العربي رجع عكسيا علينا، فعلى سبيل المثال «أن صدام حسين أساء لنا واحتل الكويت، متسائلا: «هل العراق في عهد صدام أفضل أم الآن؟»، فعلى الأقل كان صدام باقيا في الحكم، فالآن كل من له يد في العراق، فصدام لم يشكل خطرا علينا، لأن هناك قرارات مجلس الأمن ووجود قوات دولية واتفاقيات مع 5 دول، أميركا وفرنسا وروسيا والصين والمملكة المتحدة، علما بأن حدود الكويت موثقة في الأمم المتحدة وفق قرارات في مجلس الأمن بالإجماع، مشيرا الى أن «صدام حسين غزانا وانطق بطراق»، فإذا حدثت انتفاضة شعبية في جنوب العراق تترتب وراءه قتلى، وبالطبع ينزحون سابقا الى كردستان وسورية، أما الآن فسينزحون عندنا، وتنصب لهم مخيمات، مثل ما حدث في لبنان، فهم متخوفون من توطين السوريين، فإذا حدث للإخوان العراقيين بالتالي فسوف نستقبلهم، على الرغم من وجود «البدون» في الكويت، ومن الممكن أن تظهر قرارات من مجلس الأمن بأن نعتبرهم مواطنين.

وأشار الى أن الوضع في سورية يتخلله جبهة النصرة، وجند الشام، وداعش، وروسيا، حزب الله، وتركيا الى حد ما، متسائلا «من يقاتل من؟!»، والرئيس بشار الأسد يريد عقد انتخابات!، فالذين ينتخبون في دمشق، وعقدها دون إشراف الأمم المتحدة، وإسرائيل هي المستفيدة الأولى من الوضع في العراق وسورية، فالوضع العربي أسوأ وضع، فالكوارث ستستمر، معلنا عدم تفاؤله من الوضع العربي الحالي، وسوف تستمر أكثر بسبب تنازل رئيس الولايات المتحدة أوباما عن صلاحياته في رئاسة العالم، ولابد أن نعتمد على أنفسنا مثل المملكة العربية السعودية، وخاصة بعد عقد الاتفاق النووي مع إيران، متسائلا: ما الذي سيحدث؟!، أتمنى من إيران التصرف كدولة صديقة، ونحن نشعر بضيق من تصرفاتها.

رفض إشراف جامعة الدول العربية على البرلمان العربي

أكد الصقر أن البرلمان العربي هو نتيجة قرار القمة العربية في يناير 2005، مشيرا الى أنه عندما كان في مجلس الأمة أرسلت جامعة الدول العربية التي تشرف على البرلمان العربي، على الرغم من أنني كنت رافضا إشراف الجامعة عليه، بترشيح أربعة اعضاء من كل دولة في البرلمان العربي بما يقارب 88 عضوا عربيا، فخاطبت رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي، بأن يكون الانتخاب داخل مجلس الأمة باختيار 4 أعضاء وفق انتخابات، وفي البرلمان العربي شعرت بأنني قادر على رئاسته، وفق دعم أغلبية من الدول العربية، فقال لي رئيس جامعة الدول العربية وقتها، عمرو موسى، إن من يصبح رئيسا للبرلمان العربي يجب أن يكون رئيس البرلمان في بلده، فقلت له سأرشح نفسي مع كل رؤساء البرلمانات، فسألني أن أكون رئيسا للبرلمان العربي مدة 6 أشهر، فقلت له نعم، ومن خلال قيادتي سأشكل لجنة لوضع دستور، وهي التي تحدد فترة البرلمان، وفعلا في الجلسة الافتتاحية للبرلمان الذي افتتحها الرئيس السابق حسني مبارك، وأصبحت الرئيس.

back to top