هل تنجح الصين في وقف الهروب الكبير للأموال خارج البلاد؟
قال تحليل نشره موقع «بروجيكت سنديكيت»، إن معظم المحللين يرون أن الصين سوف تضطر إلى ترك اليوان للتداول بحرية، في وقت ما خلال العقد المقبل، وهو ما يطرح تساؤلات حول التطورات التي ستشهدها الأسواق في غضون ذلك.
ذكر تحليل نشره موقع "بروجيكت سنديكيت" أن حالة من القلق تخيم على الأسواق المالية منذ بداية العام الحالي، بفعل تكهنات اتجاه الصين لخفض قيمة العملة المحلية "اليوان"، مما شكل حالة من عدم اليقين وغياب الاستقرار.وقال التحليل، إن معظم المحللين يرون أن الصين سوف تضطر إلى ترك اليوان للتداول بحرية في وقت ما خلال العقد المقبل، مما يطرح تساؤلات حول التطورات التي ستشهدها الأسواق في غضون ذلك.هروب رؤوس الأموال- رغم أن الصين سجلت فائضاً تجارياً بقيمة 600 مليار دولار عام 2015، فإنها تشهد حالة من القلق بشأن خفض قيمة عملتها، بفعل تباطؤ النمو الاقتصادي، وتخفيف القيود المفروضة على الاستثمار في الخارج، مما أطلق العنان لسيل من تدفقات رؤوس الأموال.- تسمح القواعد الجديدة في الصين للمواطنين بتحويل ما يصل إلى 50 ألف دولار سنوياً خارج البلاد، مما يعني أنه في حال قام فرد واحد من كل 20 شخصاً بتنفيذ هذا الخيار، فإن الاحتياطي النقدي الأجنبي لبكين سوف ينتهي تماماً.- كما تستخدم الشركات الغنية بالسيولة في الصين كل الطرق اللازمة لإخراج الأموال خارج البلاد، حيث يعتبر النهج القانوني للأمر هو الإقراض باليوان واستعادة الأموال بالعملة الأجنبية.- في المقابل، تلجأ بعض الشركات إلى طرق غير قانونية مثل إصدار فواتير تجارية كاذبة أو مبالغ في قيمتها، مما يعد شكلاً من أشكال غسل الأموال.- مع شراء الشركات الصينية خلال الفترة الماضية للعديد من المؤسسات الأميركية والأوروبية، فإن فكرة غسل الأموال أصبحت أكثر سهولة.- تعد التحويلات غير القانونية فكرة قديمة تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حينما كانت أوروبا تشهد ضوابط للنقد الأجنبي، حيث بلغت تدفقات رؤوس الأموال غير الشرعية من القارة نحو 10 في المئة من قيمة التجارة تقريباً.- من الصعب أن تتمكن الصين من عمل طريقة فعالة لوقف تدفقات رؤوس الأموال للخارج، لأنها أحد أكبر البلدان التجارية في العالم، إضافة إلى وجود حوافز قوية لدى الأشخاص والشركات لإخراج أموالهم من البلاد. ماذا عن دور الدولة؟- رغم الفائض التجاري الضخم للصين، اضطر البنك المركزي إلى التدخل بقوة في سوق الصرف لدعم سعر اليوان، وهو ما هبط بالاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد بمقدار 500 مليار دولار عام 2015.- تشير ضوابط رؤوس الأموال غير المحكمة في الصين إلى أن الاحتياطي النقدي البالغ حوالي 3 تريليونات دولار أميركي لن يكون كافياً لتأمين استقرار العملة إلى ما لا نهاية.- كلما ارتفع القلق بين المستثمرين بشأن احتمال تراجع سعر صرف العملة، كلما ازدادت رغبتهم وسعيهم إلى إخراج أموالهم من البلاد، وهو الخوف الذي تسبب بشكل كبير في الهبوط الحاد في سوق الأسهم الصينية منذ بداية العام الحالي.- ترتفع حدة التكهنات في الأسواق بشأن احتمال قيام الصين بخفض قيمة اليوان بدرجة كبيرة (10 في المئة) في خطوة واحدة، مما قد يخفف الضغوط الهبوطية على سعر الصرف، لكن هذا الأمر سيمثل خياراً خطيراً لإستراتيجية الحكومة.- يبرز الخطر الرئيسي في أن أي خفض كبير في قيمة اليوان سوف يفسر من قبل الأسواق على أنه إشارة تؤكد أن تباطؤ الاقتصاد الصيني أكبر من التوقعات، مما سيزيد وتيرة هروب الأموال خارج البلاد.- ترتفع الحاجة إلى تحسن التواصل بين الحكومة الصينية والأسواق العالمية، مما يتطلب ضرورة وجود بيانات اقتصادية تتمتع بالمصداقية، مع حقيقة الشك الذي يخيم على الأسواق تجاه البيانات المعلنة من قبل بكين.الربط بسلة العملات- اهتمت الصين بدلاً من التركيز على أزمة الثقة مع الأسواق العالمية إلى إعلان ربط اليوان بسلة مكونة من 13 عملة بدلاً من الدولار الأميركي فحسب، في خطوة استهدفت تخفيف الضغط الهبوطي على العملة المحلية.- رغم إيجابية القرار من الناحية النظرية، لكن الممارسة الفعلية تشير إلى أن ربط اليوان بسلة من العملات سوف يزيد من أزمة الشفافية المزمنة.- كما أن سلة العملات تحمل نفس المشاكل الموجودة في ربط الدولار باليوان، فعلى الرغم هبوط اليورو والين أمام الدولار خلال السنوات الماضية، فإنه في حال تراجع الدولار خلال العام الحالي، فإن سلة العملات سوف تحمل سعر صرف قوي لليوان مقابل الدولار، وهو ما قد لا يكون مفيداً.- يعتقد التحليل أن الوضع سيكون أكثر سهولة في حال تحولت الصين إلى درجة أكثر من المرونة في سعر الصرف خلال السنوات الماضية، حينما كان وضع الاقتصاد أفضل من الوقت الحالي.- تظهر احتمالات على قدرة السلطات الصينية على الصمود خلال العام الحالي، لكن من المرجح أن تستمر رحلة هبوط اليوان الصيني، مما سيؤدي إلى آثار سلبية كبيرة في الأسواق العالمية بأسرها.