هل ينجح سنّة العراق في إقناع العبادي باستئناف الحوار؟

نشر في 03-02-2016 | 00:00
آخر تحديث 03-02-2016 | 00:00
أصدر اتحاد القوى، وهو أكبر كتلة سنية في البرلمان العراقي، بياناً شديد اللهجة تضامن فيه مع شيعة منطقة الأحساء السعودية، الذين تعرضوا إلى تفجير استهدف مسجداً لهم، وأدان سنة العراق تنظيم «داعش» الذي يقف خلف التفجير، واستثمروا ذلك في الإشارة الى أنهم يعانون في مدينة ديالى وضعاً مشابهاً، إذ تقوم جماعات مسلحة شيعية منذ فترة بتفجير مساجد السنة، في سلوك انتقامي أثار أزمة كبيرة.

ولا تعد هذه الأحداث الانتقامية في العراق تطوراً مفاجئاً، لكن الجديد في الأمر أن الطبقة السياسية السنية تكافح لاستغلال كل المناسبات، وحتى تفجير الإحساء، للعودة إلى الواجهة، بعد أن أصبحت غائبة بلون مؤسف من الغياب، ولعل هذه القوى هي أبرز ضحية لـ«داعش» منذ يونيو 2014.

فحين إنهار الجيش العراقي يومذاك، وسيطر التنظيم المتطرف على معظم المناطق السنية في البلاد، أصبح الزعماء السنة بلا أرض وتحول مليونا شخص من جمهورهم إلى نازحين في كردستان يعانون أوضاعاً مأساوية، ووقف القادة مكتوفي الأيدي بلا دور عسكري يسهم في تحرير مناطقهم، وبلا دور سياسي يخفف مأساة جمهورهم، كما وقعوا اتفاقات لحظة تشكيل حكومة حيدر العبادي، ثم لم يستطيعوا تحقيقها بعد الفوضى التي ضربت النظام الإقليمي وإبرام الاتفاق النووي بين إيران والغرب، مما ساهم في تجميد الاتفاقات السياسية إلى حد كبير.

وفوق هذا وذاك، فإن الطبقة السياسية السنية، فقدت مناصب وشخصيات مهمة، فلم يستطع رافع العيساوي وزير المال السابق والمفاوض الماهر، أن يعود إلى بغداد رغم زوال نفوذ نوري المالكي رئيس الحكومة السابق الذي طرده ولاحقه بتهم كثيرة عام 2012، ثم جاءت الإصلاحات السياسية الصيف الماضي، لتجعل أسامة النجيفي يفقد منصب نائب رئيس الجمهورية كخطوة لترشيق المواقع العليا، ليتبعه شقيقه أثيل النجيفي بخسارة منصب محافظ نينوى لاصطدامه بقيادات الحشد الشعبي، كما فقد صالح المطلك منصب نائب رئيس الوزراء، وفقد وزير التجارة السني منصبه بتهم فساد، ناهيك عن خسارة السنة منصب محافظ ديالى.

وحاولت الأحزاب السنية أن تتعايش مع هذه الخسارات لتلعب دوراً سياسياً مضاداً، لكنها لم تنجح في تنظيم أي مؤتمر ناجح، كما ظلت زياراتها إلى واشنطن ضعيفة التأثير، وفشلت في إقناع بغداد بالاستعانة بتركيا لموازنة الأدوار الأخرى حول نينوى شمالاً، كما لا يسيطر السنة على الأراضي التي حررت من «داعش» حوالي بغداد وفي تكريت ولاحقاً في الرمادي.

ويعترف قادة سنة بأن السبب الأساسي في فشل محاولاتهم هذه، يتعلق بالانقسام الحاد الداخلي بين الأحزاب الممثلة لهذه الطائفة، فالأكراد والشيعة يتمسكون دوماً باتفاق الحد الأدنى داخل التحالف الكردي أو الكتلة الشيعية بموازاة كل خلافاتهم، لذلك فإنهم يفرضون إراداتهم في ملفات كثيرة، بينما ينشغل القادة السنة بخلافات لا حصر لها دون وجود مرجعيات تاريخية تضبط انقسامهم.

وحسب وصف مصادر خبيرة، فإن السنة ينتظرون «إرادة أميركية» تقوم بإعادة تصنيع كتلة سنية متماسكة، تكون فيها أميركا هي «مرجعية ضبط الخلاف»، بعد أن أخفق المحيط السني العربي والتركي حتى الآن بتقديم مساعدة فاعلة في هذا الإطار.

غير أن آخرين يعتقدون بأن وصول السفير السعودي للمرة الأولى إلى بغداد من شأنه أن يدعم «حراكاً جديداً» لهذه الكتلة، لذلك حاول وزراؤها مقاطعة جلسات الحكومة مشترطين أن يقوم العبادي بتقييد وضع الميليشيات الشيعية في ديالى، كما يتحدث نوابها في البرلمان عن جمع تواقيع لاستجواب العبادي، لكن نسبة تمثيلهم الضئيلة في الحكومة والبرلمان ونقص تفاهمهم مع القوى الكردستانية والمعتدلين الشيعة، يجعل كل ذلك خيارات صعبة التنفيذ، وإن كانت قد تفضي إلى إجبار التحالف الشيعي على العودة إلى الحوار مع اتحاد القوى مرة أخرى، وهو حوار متوقف منذ نحو 10 أشهر.

back to top