Anomalisa... عمل مميز لتشارلي كوفمان

نشر في 22-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 22-01-2016 | 00:01
Anomalisa فيلم ممتع وحزين عن رجل تكبله الوحدة والشكوك. ولا شك في أنه من إعداد تشارلي كوفمان، الذي تناول مواضيع مماثلة منذ بداية مسيرته المهنية ككاتب سيناريو ومخرج حائز جوائز أوسكار.
في Being John Malkovich, Human Nature, Adaptation, Eternal Sunshine of Spotless Mind، وSynecdoche, New York، يركز تشارلي كوفمان على رجال يعتبرون حياتهم أشبه بأحجية صور مقطوعة لم تُجمع بالطريقة الصحيحة. ومهما احتوت قصصه الساخرة من لمسات مضحكة، تبقى خيبة الأمل الوجودية بارزة.

لكن Anomalisa ينقل هذه الصيغة إلى أبعاد جديدة. في هذا العمل، يبدو كوفمان مرحاً على نحو مضحك ومرحاً على نحو غريب. يعتمد الفيلم على تقنية وقف الحركة في سرد قصته الكلاسيكية هذه، فنرى مشاهد تعكس العالم العادي، فضلاً عن عدد محدود من ممثلين أعطوا أصواتهم للشخصيات.

يزور مايكل ستون (صوت ديفيد ثوليس)، رجل في منتصف العمر، سنسناتي كي يدلي بخطاب خلال مؤتمر حول خدمة المستهلك. وهناك يلتقي بليزا (جينيفر جايسن لاي)، امرأة رقيقة تشارك في المؤتمر قد تساعد مايكل اليائس في العثور على الحب وعلى نفسه. وحول هاتين الشخصيتين، نرى عدداً كبيراً من الشخصيات المساندة (يعطي توم نومان صوته لكل رجل، امرأة وطفل).

خلال دردشة عبر الهاتف، ناقش كوفمان وديوك جونسون، الذي ساعده في الإخراج والذي أخرج أيضاً حلقة الأنيمايشن الحائزة جائزة إيمي من مسلسل Community التلفزيوني، تحديات غير اعتيادية واجهت عملهما هذا ومكافآت حصداها، خصوصاً المشهد الحميم الواضح بين الدميتين.

كُتب Anomalisa عام 2005 كمشروع لمسرح {نيو إير}، الذي يقدّم {مسرحيات صوتية} من فصل واحد كتبها كوفمان بالتعاون مع جويل وإيثان كون بطلب من المؤلف الموسيقي المخضرم كارتر بورويل. فقدّم الأخير هذه العروض مباشرة أمام الحضور بأسلوب الإذاعة القديم. فكان الممثلون يجلسون على المسرح وترافقهم الفرقة الموسيقية وفنان مسؤول عن التأثيرات الصوتية.

يخبر كوفمان أن «المشروع انتهى عند هذا الحد» إلى أن اقترب منه استوديو جونسون لأعمال الأنيمايشن عام 2011 واقترح عليه تصوير العمل بتقنية وقف الحركة. وأدى ثوليس، لاي، ونومان الأدوار عينها في عرض Anomalisa الحي والفيلم الذي صور بعد عقد من الزمن. لكن المشروع شكّل مهمة جديدة لجونسون، الذي لم يسبق له أن أعد عملاً حافلاً بالعواطف إلى هذا الحد. يقول: «أعمل عادة على أعمال كرتونية. لكن هذا الوجه شدني إلى هذا المشروع. فقد بدا لي شبه مستحيل ومختلفاً كل الاختلاف عن كل ما سبق أن قدمته».

صحيح أن الفيلم يشكل قصة حب مميزة، إلا أن كوفمان يقول: «عندما أكتب، لا أحاول بلوغ الجمهور العريض. أشعر فحسب أن ثمة مسائل تثير اهتمامي وأرغب في استكشافها».

وهذا ما صاغ بالتحديد مشروع Anomalisa وتصميمه بتقنية الأنيمايشن. عندما بدأ عرضه على المسرح، يخبر كوفمان: {ما كنت أملك المال الكافي لأستعين بأكثر من ثلاثة ممثلين. لذلك فكرت في أن من المثير للاهتمام أن يؤدي أحدهم أدواراً عدة}. يتناول هذا المخرج عادةً اضطرابات نفسية، ما قاده إلى الاعتقاد أن من الممكن لشخصيات عدة أن تملك صوتاً متشابهاً. فقد استعار هذا المفهوم من {متلازمة فريغولي}، علماً أن هذا الاضطراب يجعل المريض يظن أن جميع مَن في العالم شخص واحد يبدل تنكره بسرعة. ويؤكد كوفمان أنه لم يقلق حيال تفادي تلك اللجهة المبهجة الطفولية التي يتوقعها الناس في أفلام الأنيمايشن. يقول: {كان همي الأول أن أقدم عملاً حقيقياً أؤمن به وأن يقر البعض في العالم بأهميته. رغبت في إعداد تجربة صادقة، بغض النظر عن فكرتهم عن ماهية التجربة الصادقة}.

لتحقيق الهدف، كان على كوفمان بناء قصة حول تجارب ممثل شركة يُعنى بخدمة المستهلك، وظيفة شغلها كوفمان طوال عقد تقريباً قبل انطلاق مسيرته ككاتب سيناريو. فقد أمضى سنوات في الرد على شكاوى المستهلكين بشأن مشاكل التسليم في شركة Star Tribune.

تطلب إنتاج Anomalisa ثلاث سنوات من الصور الجامدة المعدة بدقة. يذكر حونسون: {كنا نعد نحو دقيقة من التصوير كل أسبوع}. لكن طريقة العمل التدريجية هذه عادت عليهما بفوائد غير متوقعة. يضيف جونسون: {تتطور علاقتك بالمواد. صحيح أن النص لم يتغير، إلا أن أسلوب الأنيمايشن ومقاربتنا إلى الأداء الدقيق والمليء بالمعاني تطورا كثيراً}.

شملت هذه المقاربة مشاهد من العري مع الكشف عن الأعضاء الحميمة، ما قلب زيف هذا الوسيط رأساً على عقب. فيشمل الفيلم المخصص للبالغين بسبب محتواه الجنسي ولغته القوية مشهداً عاطفياً يقيم خلاله مايكل وليزا علاقة حميمة في غرفته في الفندق. يُعتبر هذا المشهد وصفاً بشرياً للحميمية، الهشاشة، والتصرف الأخرق في الحياة الواقعية. وقد بدا المشهد حقيقياً خلال التصوير، حتى إن أحد العاملين على الفيلم طلب التنحي، وفق جونسون، لأنه ذكره بقريب له.

قد يبدو هذا أمراً محرجاً للبعض، إلا أنه يعكس صدق قيم كوفمان. وقد سُر هذا المخرج بالعمل على المشروع، حتى إنه أعرب عن استعداده للقيام بمشروع مشابه آخر.

يقول كوفمان: {استمتع كثيراً خلال هذه العملية. فقد شكل [العمل على هذا المشروع المختلف] تجربة عميقة مثيرة للاهتمام بالنسبة إلي. وقد تحدثنا عن إعداد مشاريع أخرى معاً تعتمد على تقنية وقف الحركة. وأعتقد أن هذا سيفرحني كثيراً}.

back to top