بيتر ستروب: غرابة البشر أفضل مادة لاختراع القصص

نشر في 17-03-2016 | 00:01
آخر تحديث 17-03-2016 | 00:01
• أصدر مجموعته المختارة «الظلام الداخلي»
الظواهر الخارقة ليست غريبة على بيتر ستروب، فقد كتب روايات مخيفة مثل Ghost Story (قصة شبح) و Floating Dragon (التنين العائم) وShadowland (أرض الظلال)، وشارك في كتابة The Talisman (التعويذة) والجزء التابع لهBlack House (المنزل الأسود) مع ستيفن كينغ. وحصدت روايات الرعب التي أصدرها تكريمات عدة مثل جائزة {برام ستوكر} و{جائزة الخيال العالمية} وجائزة {جيلد} الدولية لأفلام الرعب.

لكن بالنسبة إلى ستروب، تقدّم غرابة الطبيعة البشرية أفضل مادة دسمة لاختراع القصص المضطربة: «تبدو سلوكيات الناس في ما بينهم مثيرة للذهول. يبرر البشر غالبية أفعالهم ويعطونها طابعاً أخلاقياً أو يعتبرونها على الأقل سلوكيات يمكن مسامحتها».

تعكس أحدث مجموعة أصدرها ستروب، بعنوان Interior Darkness: Selected Stories (الظلام الداخلي: قصص مختارة) (عن دار نشر {دابل داي})، تلك النزعة الذكية. تشمل مجموعة Interior Darkness أعمالاً مأخوذة من Houses Without Doors (منازل بلا أبواب) وMagic Terror (الرعب السحري) و5 Stories (5 قصص)، فضلاً عن ثلاث قصص {غير مجمّعة}، ويدقق الكتاب صراحةً بثغرات قائمة في عالم الفساد البشري. في القصة الأولى بعنوان Blue Rose (الوردة الزرقاء) (ارتكز عليها ستروب لكتابة ثلاثية Koko وMystery (غموض) وThe Throat (الحنجرة))، تتناقل عائلة إرث التنمر وسوء المعاملة ويبدأ هاري البالغ 10 سنوات بفهم ميله إلى العنف. وفي الكوميديا السوداء المخيفةMr. Clubb and Mr. Cuff (السيد كلوب والسيد كاف)، تتّخذ قصة خيالية عن الانتقام مساراً مريعاً حين يستعين زوج غيور بشخصين لتعذيب زوجته الخائنة ومعاقبتها. يقول السيد كلوب للزوج التعيس: {يمكن أن نخبرك بقصص صادمة}! ثم يبدأ بسرد تلك القصص.

يشير نجاح ستروب الذي يعيش في {بروكلين} مع زوجته إلى أننا ما زلنا نحب هذا النوع من القصص القاتمة. ما السبب؟ يجيب ستروب: {تتعلّق هذه النزعة بفوضى الإنسانية المشتركة. رغم بذل أفضل جهود ممكنة، نبقى جميعاً خاطئين. لعيش حياة أخلاقية، تقضي الطريقة الوحيدة بالاعتراف بتلك العيوب وعدم نسيانها أو إنكارها}.

كيف بدأتَ تختار الأعمال التي تريد إدراجها في مجموعة واحدة من المختارات الأدبية؟

أردتُ في الأساس أن أصدر كتاباً من القصص المجمّعة. كنت أعلم أنه سيكون كتاباً ضخماً جداً، ثم أبلغني مدير أعمالي بأنه سيتألف من مجلّدَين وما كنت لأتمكّن من نشرهما بأي طريقة. لذا اضطررتُ إلى التفكير بنشر قصص {مختارة}، ما يعني اضطراري إلى التخلي عن عدد من قصص أحبها كثيراً. تطلّبت العملية وقتاً طويلاً. حضّرتُ لوائح كثيرة وكانت كل لائحة منها نهائية قبل أن أعيد النظر فيها مجدداً. وقعت هذه المشكلة لأن نصف قصصي القصيرة لم تكن قصيرة بأي شكل.

ما المعايير التي اتكلتَ عليها لاختيار قصص معينة؟ هل كنت تبحث عن مواضيع محددة؟

بدا لي بعض القصص بسيطاً ولم أختره. أردتُ أن أقيم توازناً معيناً. حملت واحدة من أفضل قصصي على الإطلاق عنوان Bunny Is Good Bread (الأرنب خبز جيد)، وكانت تتمحور حول سوء معاملة فاضحة يتعرّض لها صبي صغير. حين كنت أقرأها علناً، كانت ابنتي تنزعج لأنني أعيد قراءتها دوماً. لا تكون القصة قاسية بلا مبرر بل إنها سيئة في جوهرها. كتبتُ قصة أخرى عن سوء معاملة الأطفال وكنت أتوق إلى ضمّها إلى الكتاب [The Juniper Tree (شجرة العرعر)]، وظننتُ أن إدراج قصة منهما في مجلّد واحد يكفي. لكن وردت قصتان عن التعذيب.

تغيّر قطاع النشر

لاحظتَ تغيّر قطاع نشر الكتب بطريقة جذرية على مرّ السنين. كيف تؤثر عليك هذه التغيرات؟

عمري 73 عاماً وأقوم بما أريده. أعيش حياة مريحة. لكنّ ما أفعله يومياً في مكتبي ما كان ليدفع أقساط أولادي في المدارس الخاصة، علماً أنهم راشدون ومستقلون الآن. واثق من أنني لن أصبح مشرّداً، مع أنني أبدأ بالتساؤل عن هذا الاحتمال حين أفكر بالموضوع. لكني تعلّمتُ أن أتخلّص من مخاوفي بدرجة معينة. أنا محظوظ جداً. لو كنت أصغر سناً، لاضطررتُ إلى التعامل مع حقيقة مخيفة تجتاح قطاع النشر في الولايات المتحدة، أي تراجع مستوى التسليف بشكل قياسي. تبخّرت مداخيل عدد كبير من الكتّاب. من الأصعب عليهم اليوم أن يكسبوا لقمة عيشهم. يمكن أن يعيلوا نفسهم عبر تأليف كتاب سنوياً، لكنّ هذه العملية ليست سهلة بأي شكل، إذ يصعب أن نؤلف كتاباً في السنة. لدي صديقة مقرّبة من عمري في شمال كاليفورنيا وقد اكتشفت للتو أنها مضطرة إلى تأليف أربعة كتب سنوياً لإعالة نفسها وأنها لا تستطيع عيش حياة مترفة. زاد الوضع قسوة وبرودة وصعوبة.

ورغم هذه المصاعب كلها، قررت ابنتك إيما ستروب [Other People We Married (أشخاص آخرون تزوجناهم)، The Vacationers (المصطافون)، والرواية المرتقبة Modern Lovers (عشاق معاصرون)] الانضمام إلى هذا المجال!

إيما شابة استثنائية جداً. قد يبدو كلامي مبتذلاً، لكني أؤكد أنّ أحكامها صائبة. تبدو مصمِّمة من كل قلبها على أداء عملها بأفضل طريقة ممكنة. لا شك في أن اختراع قصص واقعية بقدر الحياة التي نعيشها نشاط غريب. لكن تبين أن إيما تبرع في ذلك. حين تخرّجت في الجامعة، كتبت رواية طويلة تشبه أجواء Wuthering Heights (مرتفعات ويذيرنغ) وتدور أحداثها في مدرسة ثانوية. أعطتني نسخة تمتد على 800 صفحة تقريباً، فنظرتُ إليها بارتياب. لكن حين بدأتُ أقرأها، استعدتُ هدوئي لأنني اكتشفتُ أن إيما بارعة في الكتابة، رغم بعض الجوانب الفوضوية في القصة. تتمتّع إيما بقدرة فطرية على كتابة جمل مريحة ومتوازنة وعميقة ومضحكة. حين نقرأ كتاباتها، سنثق بما تقوله. إنها موهبة حقيقية.

هل الإشاعات التي تتحدث عن صدور جزء ثالث من كتاب Talisman حقيقية؟

آمل بأن يحصل ذلك فعلاً. يتوقف الأمر بالكامل على الصبر الذي يتحلى به مساعدي الفاضل ستيف كينغ. كان يُفترض أن نبدأ المشروع منذ ثلاث أو أربع سنوات، لكني واجهتُ مشاكل صحية منعتني من متابعة العمل. ثم واجهتُ مشاكل في الكتاب الذي كنت أعمل عليه، لذا لم نتمكّن من إطلاق المشروع. لكنه يصرّ على التحلي بالصبر لأن الكتاب يطرح فكرة رائعة. لن أكشف عنها طبعاً، لكن في شبابنا حصلت قصة شهيرة في العالم، فاحتفظ كلانا بقصاصات الصحف عنها، هو في {ماين} وأنا في {ميلووكي}. القصة قوية جداً وقد انتابنا الشعور نفسه تجاهها، لذا نتوق إلى إصدار الكتاب. أظنّ أنه سيعطيني استراحة لسنة أو سنتين ثم نبدأ العمل على المشروع مجدداً.

back to top