الشاعر أحمد الشهاوي: «نواب الله» بين إبداع الشاعر والباحث

نشر في 20-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 20-01-2016 | 00:01
No Image Caption
«أسفار وأشعار» عنوان يليق بمجمل أعماله الشعرية. هو المسافر دوماً، المرتحل بلا توقف. تعبت منه الحقائب ولم يتعب. هو المحلق في سماء باتساع المسافة بين نيل دمياط حتى شواطئ أميركا اللاتينية. المسافر في ذاته لاستجلاء مشهد الروح. هو الصوفي السائح المريد العاشق الشاعر أحمد الشهاوي العائد من جولاته الشعرية في الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك.
التقته «الجريدة» ليروي قصته مع الأسفار والأشعار وعن جولاته في أميركا اللاتينية، ويشرح أسباب خلافه مع عصفور وحجازي وخروجه من لجنه الشعر، ويتحدث عن أحدث إبداعاته كتابه الفكري الجديد «نواب الله».
«أسفار وأشعار» عنوان اقترحناه لأعمالك الشعرية، هل تراه مناسباً؟

يمكنني أن أضع لأعمالي الشعرية عنوان «المسافر» أو «المرتحل» أو {السائح} بلغة الصوفية، وإذا كانت العرب قالت في السفر سبع فوائد فأنا أقول سبعة آلاف فائدة. وربما كنت محظوظاً حين سافرت في أول رحلة أدبية لي إلى فرنسا في سن مبكرة في السادسة والعشرين لمدة شهر عام 1987. منذ ذلك التاريخ لا أكف عن السفر. ولم يكن لدي أموال للسفر فكان الشعر هو الممول لرحلاتي المتكررة وهو ما يجعل الآخرين يدعونني إلى نشر كتاب مترجم أو حضور مهرجان للشعرـ وكان الشعر هو المعين بعد الله عز وجل.

ما أهم تلك الرحلات وما تأثيرها في تجربتك الشعرية؟

ثلاث محطات رئيسة في مسيرتي الشعرية: الأولى، حين سافرت إلى  فرنسا  عام 1987، حيث تعرفت إلى الشاعر الكبير أدونيس للمرة الأولى وصرنا صديقين وقرأت كل ما كتب شعراً وتنظيراً للشعر، وهو من النادرين الذين تواصلوا مع التراث الصوفي والإرث العربي والنصوص المقدسة.

الثانية، حين شاركت في برنامج الكتاب الدوليين في الولايات المتحدة الأميركية عام 1991 لمدة ثلاثة أشهر، وكنت أصغر مشارك آنذاك. والحق أن مشاركتي هذه كانت جواز مرور لدعوتي إلى المهرجانات الشعرية الدولية، لأن البرنامج أهم وأكبر البرامج الأدبية الدولية، وفيه التقيت بأحد كبار كتاب أميركا اللاتينية خوسيه دونسو وكان رفيقاً لغارسيا ماركيز، وتصادقنا منذ ذلك الحين حتى وفاته منذ أربع سنوات.

المحطة الثالثة كانت كولومبيا، بوابتي إلى أميركا اللاتينية حيث شاركت في مهرجان {مدايين} لعامين متاليين 2006 و2007، وهو أحد أكبر مهرجانات الشعر في العالم، والأكبر في أميركا اللاتينية، شارك فيه شعراء كبار من أنحاء العالم، منهم من حصل على نوبل ومنهم من حصل على سرفانتس.

لماذا لا تقيم مصر مثل هذه المهرجانات الشعرية الدولية؟

سؤال مهم، وربما لا أجد له إجابة. المؤسف أنه لا يوجد في دولة عربية واحدة مهرجان دولي للشعر كالمهرجانات التي أشارك فيها، ولا أعرف سبباً. أزعم أنني أستطيع وحدي، أنا العبد الفقير إلى الله، أن أقيم هذا المهرجان وأن أدعو خمسين من كبار شعراء العالم ومنهم الحاصلون على أرفع الجوائز استجابة لدعوتي وعلى نفقتهم الخاصة. لكني بحاجة إلى من ينفق على الإقامة والضيافة والجوائز، وهذه مهمة المؤسسات الثقافية الرسمية وربما تساهم معها مؤسسات المجتمع المدني.

استقالة مصدمة

لماذا استقلت من لجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة؟

منذ دخولي اللجنة، قلت لرئيسها آنذاك الراحل الدكتور عبد القادر القط: لا أريد أن أسافر على نفقة اللجنة أو أشارك بأشعاري في أي مهرجانات شعرية أو أمسيات شعرية تقيمها اللجنة، فأنا مجرد عضو لخدمة الشعر والشعراء. وقلت إن شعراء اللجنة ليسوا شعراء مصر، بل مصر زاخرة بشعراء كثيرين لا يجب إهمالهم ويجب أن نعطي فرصة للشعراء للمشاركة في مهرجانات شعرية خارج مصر، خصوصاً أن هؤلاء الشعراء يدعون بأسمائهم. كذلك رفضت احتكار أعضاء اللجنة الدعوات والسفر، فهو أمر فيه إقصاء وتهميش مرفوض، فضلاً عن تكريم اللجنة لشعراء متوسطي القيمة لوجود مصالح شخصية. كذلك كانت لدي رؤى للتطوير والتغيير تجاهلتها اللجنة لهذه الأسباب كلها. كنت مختلفاً مع أحمد عبد المعطي حجازي، رئيس اللجنة الذي خلف

د. القط،  فكان من الأفضل أن يتخلص مني أمين المجلس جابر عصفور، من ثم أنا لم أستقل من اللجنة بل تم التخلص مني بالاتفاق مع حجازي.

بعيداً عن الشعر أصدرت أحدث إبداعاتك كتابك «نواب الله»، من هم نواب الله؟

لا شك أنني عشت مصدوماً منذ بداياتي عندما كنت أقرأ عن المتصوفة وللمتصوفة، ولشدة ما رأيت من أهوال من تقتيل وذبح وتذرية رماد لهؤلاء المتصوفة ومساءلاتهم من فقهاء وشيوخ وعلماء الذين منحوا أنفسهم للسلطان. هذه الصدمة التي استمرت معي كانت ذروتها في 2003 عندما أصدرت « الكتاب الأول الوصايا في عشق النساء}، وحدث هجوم ضار عليّ من الإخوان وتم التكفير الأول من الأزهر. وفي 2006 واصل الإخوان التهجم عليّ وعلى الكتاب وحدث التكفير الثاني 2006، وأصر الشيخ محمد سيد طنطاوي على عدم نشر الفتوى.

 الغريب أنك تُكفر في هذا البلد من دون أن تعرف السبب. والحقيقة أنني قررت ومنذ عام 2003 أن أهب وقتي ونفسي وروحي لقراءة تاريخ الأزهر وتاريخ الإخوان المسلمين، وبدأت أجمع كل ما يتصل بهذا الشأن بالتكفير والعذابات التي تعرض لها المتصوفة والشعراء والعلماء والفقهاء عبر العصور الإسلامية، ولدي الآن مكتبة نادرة. وعندما قررت أن أكتب كتابي هذا كانت لدي معرفة بالأزهر وتاريخه وشيوخه، وما فعله مع الكتّاب والشعراء على مدى التاريخ من طه حسين وعلي عبدالرازق حتى بالإمام محمد عبده الذي هو ابن الأزهر وكان مفتياً للديار المصرية ومع ذلك وصفه الأزهر {بالهجاص المهياص}. ولكن كل هؤلاء ذهبوا وبقي محمد عبده، وكان عندي استعداد ألا أكتب شيئاً إلا ومعي مستند ومرجع وآية وحديث نبوي شريف.

إذاً قدمت في الكتاب جهداً  بحثياً.

هو كتاب بين إبداع الشاعر وعمل الباحث. سيصدر باللغة الإنكليزية عن أكبر دار للنشر في الولايات المتحدة الأميركية {شيكاغو برس}. هي محاولة مني أنا المُكفر مرتين لأول مرة في التاريخ أنا المشتوم بالله أن أضيء شمعة في هذا الظلام الحالك الذي يمارسه من ينبغي عليهم أن يكونوا أصحاب النور، فهم لا كبير عندهم ولا مجتهد لديهم. قررت في الكتاب، أنا أحمد الشهاوي المسلم العربي وأنا من بيت أزهري، أن أجتهد على قدر ما تحصلت وقرأت وعرفت كي أوقف هؤلاء عن أن يكونوا نواب الله أو مديرين لأعماله، والله لا يحتاج إلى وسطاء. لماذا نمارس السمسرة في الدين؟ لماذا عينوا أنفسهم نواب الله؟ الدين لا يحتاج إلى سماسرة ولا وسطاء.

back to top