رثاء فقيد العلم والمعرفة والكويت

نشر في 19-01-2016
آخر تحديث 19-01-2016 | 00:01
قلما يصدف أن يتعرف الفرد منا في حياته على شخص يجمع في آن واحد صفات العالم الراسخ في علمه، والمعلم العظيم، والناشط السياسي الجريء في الشأنين الوطني والعالمي، الجسور في طرح آرائه والأمين في قول ما يراه صواباً، والواثق من معلوماته، استناداً إلى ثقافة واسعة المدارك راسخة التأصل، سامية الهدف.

أ. د. أحمد بشارة كان واحداً من هؤلاء الأشخاص النادرين. والأندر من ذلك أن تحظى بصداقة وزمالة أحد هؤلاء وأن تعمل معه شريكاً في بناء المؤسسات عبر السنوات والعقود.

إن المدهش في شخصية د. بشارة أنه كان يتعامل مع كل قضية يتبناها بالعزم والتفاني والإخلاص نفسه، وكأنها قضيته الوحيدة وشغله الشاغل.

لقد كان، رحمه الله، يتناول من خلال مقالاته وأبحاثه الشأن العام من حقوق المرأة إلى الطاقة النووية، إلى جميع جوانب السياسات العامة في البلاد بكل جرأة.

وقد تعرفت على د. بشارة حال عودته إلى البلاد بعد حصوله على شهادة الدكتوراه والتحاقه بجامعة الكويت، وكانت سمعته كأحد الخريجين المتفوقين قد سبقته. ولم يمض وقت طويل إلا وكان د. أحمد يعمل إلى جانبي في معهد الكويت للأبحاث العلمية نائباً للمدير العام في مطلع الثمانينيات، ثم عاد بعدها إلى جامعة الكويت نائباً لمديرها مع فريق متميز برئاسة د. عبدالمحسن العبدالرزاق.

وتوثقت زمالتنا عبر السنين لتصبح صداقة دائمة وشراكة في العمل بالعديد من اللجان والجمعيات العلمية والثقافية عبر العقود، والتقينا من جديد في لجنة الطاقة النووية التي ترأسها في أواخر العقد الماضي.

وقد سعدت كثيراً باختيار حضرة صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، للدكتور بشارة ليعمل معنا في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي نائباً للمدير العام، حاملاً معي وزملائي عبء مواصلة بناء هذه المؤسسة. وكنت أتطلع إلى تحمله العبء الأكبر من المسؤولية في المستقبل القريب، إلا أن القدر شاء غير ذلك، فيا لها من خسارة جسيمة للمؤسسة والمجتمع العلمي والكويت عموماً، ويا لها من خسارة أفدح بلا شك لأسرته وأصدقائه!.

لقد كان لي الشرف أن أكون من بين رفقاء دربه العلمي والأكاديمي والمهني، وأن أحظى بزمالته وصداقته عبر العقود الطويلة، فباسمي وباسم أسرة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي نعزي عائلته الكريمة ونعزي أنفسنا والكويت وجميع أصدقائه فيها والوطن العربي وبكل أنحاء العالم، وداعاً يا أبا فهد.

و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

back to top