الأطفال... هل يولدون سماناً؟

نشر في 31-01-2016
آخر تحديث 31-01-2016 | 00:00
No Image Caption
يُعتبر الوزن عند الولادة «طبيعياً» بالنسبة إلى من يولدون في أوانهم، في حال تراوح بين 2.800 كيلوغرام و4.200 كيلوغرامات. ونظراً إلى وجود مخاوف كبيرة بشأن السمنة في الطفولة، تساءلت عن أبكر مرحلة ممكنة يكون الطفل فيها عرضة للوزن الزائد.

هل حقاً يعاني الأطفال البدانة؟

كان من السهل دحض ذلك «الخبر» الغريب السنة الماضية عن أن امرأة أسترالية أنجبت طفلاً وزنه 18 كيلوغراماً. لكننا نتلقى في الآونة الأخيرة تقارير غريبة بكل معنى الكلمة، على غرار تقرير من المملكة المتحدة يعرب عن القلق بشأن إنجاب أطفال «يعانون البدانة».

كيف نستطيع تناول موضوع «سمنة الأطفال» بشكل علمي؟

وفق التعريف الطبي، يعتبر الطفل كبير الحجم عندما يبلغ وزنه 3.700 كيلوغرامات أو أكثر. ويشير عمود الصحة في صحيفة «نيويورك تايمز» قبل أيام إلى أن هذا التعريف ينطبق على أقل من 8 % ممن  يولدون في الولايات المتحدة.

هل من أطفال لا يُعتبرون كبار الحجم فحسب، بل يعانون السمنة؟

اتصلت قبل أيام بمؤسسة «روبرت وود جونسون» في برينستون بنيو جيرسي لطرح هذا السؤال. أوضح لي ديفيد كرول، وهو طبيب أطفال ومسؤول بارز في البرنامج، أن الطفل الذي يتخطى نسبة الـ95 % (أي الذي تبلغ نسبة طوله إلى وزنة 95 % أو أكثر) في بعض الظروف المحددة يُعتبر مريض سمنة:

 «خلال الأشهر الأولى من الحياة، يمر الطفل بمرحلة نمو سريعة وقد تتبدّل النسبة المئوية خلال فترة قصيرة. وهكذا قد يتخطى الطفل خلال مراحل حياته الأول نسبة الـ95 %، إلا أنه من المهم متابعة حالته لمعرفة ما إذا كان هذا الوضع سيستمر لاحقاً، خصوصاً مع تباطؤ معدل النمو. إن ظل الطفل فوق هذه النسبة مع بدء هذا المعدل بالتباطؤ، يُعتبر في هذه الحالة مريض سمنة، فنتدخّل لإعادته الى وزنه الطبيعي».

ظننت أن معدلات الأطفال الذين يتخطون نسبة الـ95 % ترتفع في الولايات المتحدة، إلا أنني كنت مخطئة. فقد أشار جايمي بوسيل، مسؤول من برنامج مؤسسة «روبرت وود جونسون» يعمل على موضوع سمنة الأطفال، إلى أن معدلات مَن يتخطون نسبة الـ95 % خلال أولى سنتين من حياتهم تتراجع في الواقع، ما يتلاءم مع ميل الانخفاض العام في نسبة السمنة بين الأولاد في سن الثانية إلى الخامسة.

جاء معدل الأطفال الذين يُصنفون من فئة مَن يتخطون نسبة الـ 95% خلال السنتين الأولى والثانية من حياتهم في عامي 2011-2012 أدنى مع 8.1%، بعد أن كان 9.5% عامي 2007-2008 و9.7% عامي

2009-2010.

من المحير العمل مع كل هذه الأرقام الآتية من مصادر مختلفة. فكيف يتلاءم معدل 8.1 % الأخير من الأطفال الذين يتخطون نسبة الـ95 % مع معدل «أقل من 8 % من الأطفال الكبار الحجم» الذي أشارت إليه تقارير صدرت أخيراً؟ وما علاقة هذه الأرقام بخلاصة أن من يفوق وزنهم الـ4.200 كيلوغرامات لا يُعتبرون ضمن الوزن «الطبيعي»؟

النقطة الرئيسة واضحة: قد يكون عدد كبير من الأولاد عرضة لخطر السمنة، إن استمر وزنهم كبيراً.

إلى أي حد يُعتبر وزن الأم سبباً لارتفاع وزن الطفل؟

يقول بوسيل: «تعاني نصف النساء في سن الإنجاب في الولايات المتحدة الوزن الزائد أو السمنة، ما يجعل من طفلهن أكثر عرضة للسمنة بدوره».

وقعت أثناء مطالعاتي على بحث في مؤتمر جمعية الداء السكري الأميركية الصيف الماضي أظهر (إنما لم يبرهن) أن أولاد الأمهات اللواتي يعانين السمنة يكونون أكثر عرضة، حتى على مستوى الخلايا، لمراكمة الدهون ليصبحوا هم بدورهم في مرحلة ما ضحايا هذا المرض، حتى إن لم يعانوا السمنة في الطفولة. تفيد صحيفة «تايم»:

«حلل علماء بقيادة فريق من كلية الطب في جامعة كولورادو خلايا جذعية مأخوذة من الحبل السري لأطفال ولدوا بوزن طبيعي لأمهات يعانين السمنة. حفزوا في المختبر هذه الخلايا الجذعية على التحوّل إلى عضلات ودهون، فاتضح أن الخلايا الناجمة من الأمهات السمينات شملت كمية من الدهون أكبر بنحو 30%، مقارنة بنتائج الأمهات اللواتي يتمتعن بوزن طبيعي، ما يُظهر أن خلايا هؤلاء الأطفال أكثر عرضة لمراكمة الدهون».

لكنّ العاملين في مؤسسة روبرت وود جونسون حرصوا، خلال مناقشتهم هذه المسألة معي، على عدم التركيز على الأم فحسب، فأرسلوا إلي مقتطفاً من تقرير صادر عام 2015 عن معهد الطب يرد فيه:

«تشير الأدلة العلمية الأخيرة إلى أن أصل السمنة في الطفولة يعود إلى تفاعل العوامل الوراثية، السلوكية، والبيئية، فضلاً عن أن كثيراً من الأدلة يؤكد أن سلوك الأم والأب الغذائي وغيره من عوامل تؤثر في مدى تعرّض الطفل لخطر السمنة».

ومن الأهمية بمكان، عند وصف الطفل بالسمين أو تقديم النصائح للعائلات بشأن غذاء الطفل وصحته، تفادي أي تلميح إلى ما صار يُعرف بـ{الدهون المعيبة». فكما ذكرت سابقاً، تشير بيانات نوعية إلى أن «الحرب على الدهون» قد تلحق في بعض الحالات أذى بالأفراد الذين نسعى إلى مساعدتهم.

خلاصة القول: حتى الأطفال قد يعانون السمنة. أما الأسباب فمعقدة. ولا شك في أن الفقر يؤدي دوراً بقدر الجينات، علماً أن هذا عامل لا بد من أخذه في الاعتبار في البرامج التي تتناول صحة الأطفال.

* باربرا كينغ

back to top