المسرح في لبنان... تقدّم رغم الصعوبات

نشر في 30-03-2016 | 00:01
آخر تحديث 30-03-2016 | 00:01
يحقّق المسرح في لبنان تطوراً ملحوظاً مع تعدّد الأعمال المسرحية المعروضة وتلك التي قيد التحضير، إضافة إلى تجديد عرض بعض المسرحيات بناء على طلب الجمهور، ما يعني أن المسرح، رغم قلّة عدد الصالات في لبنان، ما زال يحظى بمتابعيه وبمحبيه على عكس ما يروّج له.
تقول الممثلة رندا الأسمر {إننا نفتقر إلى كتّاب مسرحيين في لبنان، ومعظم ما نراه من أعمال في هذا المجال اقتباس أو ترجمة، خصوصاً أن الكتابة المسرحية تختلف عن تلك التلفزيونية، لكن في الوقت عينه ثمة تجارب جيدة جداً}، مشددة على مشكلة قلة صالات المسرح في لبنان، حيث يقتصر عددها على ثلاث في بيروت التي تفتخر بكونها منبع الثقافة في الشرق، حسبما قالت.

وحول علاقتها بخشبة المسرح تقول أسمر: {إنها علاقة مقدسّة يجمعها حبّ دائم أبدي. لا أحب الخشبة فحسب بل كل ما يحيط بها، لهذا السبب توجهت إلى الإنتاج المسرحي الذي لا أفقه فيه شيئاً. لا شعور يضاهي المشاركة المباشرة بين الممثل والناس، حيث نكتشف كيفية تلقيه ما نقدّمه له بلحمنا ودمنا. فهذه لحظة اختلاء بعيداً من الواقع لفترة من الزمن، لا يعيشها سوى الممثل المسرحي}.

الأسمر توضح أن {أداء الممثل المسرحي يختلف عن سواه كون تقنيات العمل مغايرة بطبيعتها. مسرحياً، يكون جسد الممثل كله مكشوفاً أمام الجمهور على الخشبة، كذلك صوته وحركته التي يمتلكها على المسرح أكثر من امتلاكه إياها في إطار الكاميرا المحدد، فضلاً عن لعبة الإضاءة والمؤثرات الأخرى على الخشبة أيضاً}.

حركة بركة

من جهتها، تشير الممثلة رولا حمادة إلى فرحتها الكبيرة بالحركة المسرحية راهناً، وتقول في هذا السياق: {إنها حركة بركة أتابعها دائماً. أردت تقديم مسرحيتي {حبيبي مش قاسمين} قبل سبتمبر لكنني لم أجد مسرحاً شاغراً}. وتعتبر أن خشبة المسرح عملية تجدد للفنان كونها تردّه إلى الأساس والفعل المجرّد الذي يحتاج إلى عمل وتعب لتقديم عروض قليلة. وتضيف: {لكننا حينها ننفض ذاتنا ونتجدد للانطلاق مجدداً بعد أخذ نفس عميق}.

على عكس بعض زملائها، لا تشعر حمادة بالانتماء إلى أجواء المسرح أكثر من الدراما التلفزيونية، وتقول في هذا السياق: {صحيح أن ثمة حميمية أكثر بين الممثل وفريق العمل المسرحي، وبين الممثل والخشبة، ومع الجمهور الحاضر في الغرفة المغلقة، إنما يجب ألا يقلل الممثل من شأن الحميمية التي تنشأ بين ممثلي الدراما وفريق العمل. وهذا ما ميّز فريق {وأشرقت الشمس} الذي تعاون مجدداً في {سوا}. برأيي السر غير المعلن في نجاح المسلسلين هو  المحبة الحقيقية التي تجمع فريق العمل وتجعله متكاتفاً لإنجاح المسلسل، ما ينعكس إيجاباً على الكاميرا}.

تنشغل حمادة راهناً في التحضير لمسرحيتها {حبيبي مش قاسمين} التي تتولّى تنفيذها لينا خوري، وترتكز القصة على امرأة تؤدي دورها حمادة نفسها ورجلين لم تتقرّر هويتهما بعد. تبدأ المسرحية بجوّ كوميدي وتتصاعد الأحداث تدريجاً لندخل بعدها إلى عمق العلاقة الزوجية وخفاياها التي لا تُحكى عادة بين الشريكين.

وعمّا إذا كانت هذه المسرحية ستشكّل انطلاقتها في الكتابة المسرحية تقول: {يعود ذلك إلى مدى توافر الأفكار الجديدة، وهو أمر صعب. تعبت كثيراً قبل الاقتناع بهذه الفكرة، كذلك أعدت كتابة نصّ المسرحية مراراً قبل الاقتناع بالمضمون، وذلك لأنني صعبة أساساً ولم أرد تقديم مسرحيتي الأولى من دون قناعة تامّة بها}.

ملعب الأحلام

في السياق نفسه، يقول الممثل جهاد الأندري الذي قدّم مسرحيتي {تقلا} و{شمس وقمر} أن المسرح ملعبه الذي يحب، وفيه جزء كبير من أحلامه، كونه في الأساس متخصصاً فيه، ويكشف عن انتهائه من نصّ مسرحي مقتبس بتصرّف عن {عرس الدم} للكاتب الإسباني فريديريكو غارسيا نوركا، سيسميه {دانتيل}، ويسعى راهناً الى تأمين إنتاج لائق له لأنه مكلف جداً لضمّه شخصيات كثيرة.

سيتولى الأندري الإخراج وهو ولم يختر طاقم العمل بعد. كذلك يحضّر لمسرحية مونودرامية فيما ما زال يبحث عن جهة إنتاجية لها، حسب قوله.

عن الاهتمام الجماهيري بالمسرح يقول: {لاحظت في السنتين الأخيرتين اهتمام الجمهور بالمسرح، لذا يجب أن نولي هذا الأمر أهمية، خصوصاً أن الشاشة لا تصنع ممثلاً، بل خشبة المسرح وهي الأساس في صقل الأداء. للأسف، لا حيّز للأعمال المسرحية في لجان التكريم الفنيّة، لذا تمنيت على القيمين على جائزة {الموركس دور} التي شاركت في لجنة تحكيمها هذا العام استحداث فئة للمسرح في السنة المقبلة كالتفاتة إليه، لأن ذاكرة الوطن لا تقاس بالأعمال التلفزيونية التي تسطّح ذهن المشاهد بل بالأعمال المسرحية}.

نجاح «فينوس»

يستقرّ الممثل بديع أبو شقرا راهناً في بلده لبنان بعد نجاح كبير حققته مسرحية {فينوس} وتمديد عرضها أسابيع طويلة. ويشير أبو شقرا في هذا المجال إلى أنهم كفريق عمل محترف تحضّروا للمسرحية جيّداً مسخّرين طاقتهم وخبرتهم الفنية في سبيلها، ويضيف: {كنت متأكداً من نجاحها فنياً. عملت وفق قناعتي الفنية مثلما فعل المنتج والمخرج جاك مارون وزميلتي ريتا حايك، وغابريال يمين ولينا خوري. إنما رغم ثقتي في نجاحها الفنّي، لم أتوقّع الانتشار الذي أدّى إلى تمديد فترة العرض لفترة طويلة. وعمّا إذا كان واجه تحدياً في الوقوف على مسرح لبنان مجدداً، خصوصاً أنه ملتزم مع المسرح الكندي منذ سنين يقول: {لم أخشَ العودة إلى خشبة المسرح في لبنان بل تقديم هذا النوع من الأعمال، ذلك لأن تجربتي في المسرح المرتكز إلى النصّ ليست متقدّمة. لذا احتجت إلى من يوّجهني حتى أمسك طرف الخيط، خصوصاً أننا لا نستظهر النص على الخشبة بل نمثّل بواقعية وكأننا لا نمثّل.

ورداً على سؤال حول اقتصار الحركة المسرحية في لبنان على بعض الأفراد، يوضح: {ذلك لأن المسرح والسينما في لبنان يرتكزان على المجهود الفردي ولم يصلا بعد إلى مرحلة الصناعة، والأخيرة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مشروع إستراتيجي في مؤسسات الدولة، وهو أمر ينطبق على البلدان كافة. في كندا مثلاً، تستند المسارح الغنائية إلى الجولات الخارجية وهي الوحيدة غير المعتمدة على دعم الدولة، بينما لا تسير المسارح والأفلام غير الهوليوودية من دون إستراتيجية الدولة التي تدعم هذا النوع الفنّي الذي يبني حضارة بلد ويؤسس تاريخه}.

back to top