الوخز بالإبر سبيلك إلى تخفيف الألم
يتمتع العلاج “البديل” الوخز بالإبر في حالات عدة بالفاعلية ذاتها كما مسكنات الألم، علماً أنه يؤدي إلى تأثيرات جانبية أقل.
إن كنت تعاني الألم المزمن وتتساءل عن السبيل إلى تفادي التأثيرات الجانبية التي ترافق تناول مسكنات الألم على الأمد الطويل، يمكنك أن تجرب خياراً آخر: الوخز بالإبر. تحولت هذه التقنية، منذ البدء باستعمالها في سبعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة، من علاج بديل إلى طب معتمد. وتُقدّم اليوم كليةُ الطب في هارفارد وغيرها من مؤسسات بارزة صفوفاً لتعليم الوخز بالإبر للأطباء.بالإضافة إلى ذلك، تدرب منظمات محترفة عدة اختصاصيين في الوخز بالإبر، ويلجأ أكثر من مليوني إلى ثلاثة ملايين أميركي إلى هذا العلاج كل سنة.
تذكر الدكتورة لوسي تشين، طبيبة تخدير متخصصة في الوخز بالإبر في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لهارفارد: “صار الوخز بالإبر اليوم واسع الانتشار. ويُعتبر هذا العلاج بديلاً جيداً في حالة مرضى كثيرين يعانون الألم المزمن، خصوصاً مَن يعجزون عن تناول المسكنات”.ما تأثيره؟يشمل الوخز بالإبر إقحام إبر بالغة الرقة في مواضع معينة من الجسم وتحريكها. ويسود الاعتقاد في الطب الصيني بأن هذه الإبر تفتح أقنية الطاقة المسدودة لتطلق القوة الشافية التي تُدعى “تشي”. لكن الأطباء الغربيين يظنون أن الإبر تنشط النواقل العصبية (مواد كيماوية تسهل تفاعل الأعصاب). كذلك تشير دراسات اعتمدت على التصوير بالرنين المغناطيسي إلى أن الوخز بالإبر قد يعرقل إطلاق مواد كيماوية يُعتقد أنها تؤدي دوراً في استمرار الألم المزمن.بِمَ تشعر خلال العلاج؟ لن يجعلك الوخز بالإبر تشعر كما لو أنك تلك الوسادة الصغيرة التي تُشَك فيها الإبر. أما التأثير الذي ينجم عن هذا العلاج والذي يُدعى ديتشي، فيصعب وصفه. في عام 2014، قيّم باحثون في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس عدداً من دراسات يصف فيها مَن عولجوا بالوخز بالإبر ما شعروا به خلال هذه العملية. فلاحظوا أن معظم المرضى تحدثوا عن ألم خفيف وضغط. كذلك أشار البعض إلى ارتباط ديتشي بالشعور بتنميل، دفء، وبرودة، مع أن هذا الأمر أقل شيوعاً.هل ثمة أدلة تدعم الوخز بالإبر؟يُستعمل الوخز بالإبر لمعالجة عدد من الحالات، بما فيها ألم العنق والظهر والركبة المزمن، الاضطرابات العضلية- العظمية مثل الألم العضلي الليفي، الصداع، وتشنجات العادة الشهرية.منذ تأسيس مكتب الطب المكمِّل والبديل في معاهد الصحة الوطنية في الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، أجرى الباحثون عدداً كبيراً من الدراسات بغية تحديد ما إذا كان الوخز بالإبر فاعلاً حقاً. على سبيل المثال، في تحليل نُشر في مجلة JAMA Internal Medicine عام 2013، درس فريق دولي من الخبراء نتائج 29 دراسة شملت نحو 18 ألف مشارك خضع بعضهم للعلاج بالوخز بالإبر والبعض الآخر لعلاج زائف بالوخز بالإبر (أقحمت الإبر في مواضع خاطئة)، في حين لم ينل آخرون أي علاج. فتبين لهم عموماً أن الوخز بالإبر يخفف الألم (وفق مقاييس الألم المعتمدة) بنسبة %50 تقريباً.قارنت الدراسات الباكرة الوخز بالإبر بعلاج زائف أو عدم الخضوع للعلاج مطلقاً. لكن تجربة سريرية حديثة قارنته بعلاجات الألم المعتادة، خصوصاً الأدوية والعلاج الفيزيائي. في هذه الدراسة التي نُشرت في عدد نوفمبر 2015 من Annals of Internal Medicine، أظهر الباحثون أن الخضوع لجلسات من الوخز بالإبر تتراوح مدتها بين 12 و50 دقيقة على مدى أشهر عدة أكثر فاعلية في تخفيف ألم العنق المزمن، مقارنة بالعلاجات التقليدية مثل مسكنات الألم والعلاج الفيزيائي. بالإضافة إلى ذلك، تمتع المرضى الذين خضعوا للوخز بالإبر بتراجع في حدة الألم الذي كانوا يعانونه قبل ستة أشهر بنسبة %33 بعد أن أنهوا العلاج، مقارنة بتراجع بنسبة %22 في حالة مَن خضعوا للعلاجات التقليدية. والأهم من ذلك أن الوخز بالإبر لم يؤدِّ إلى أي تأثيرات سلبية.