كيف نسلّي أولادنا أثناء السفر؟

نشر في 13-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 13-04-2016 | 00:01
No Image Caption
حين كنت مسافرة في الأسبوع الماضي، قابلتُ عائلات عدة تسافر مع أولادها الصغار. كنت أسافر وحدي وأدركتُ مدى صعوبة السفر مع الصغار في هذه الأيام. كانت هذه التجربة صعبة بما يكفي منذ سنوات، لكن نظراً إلى التدابير الأمنية المشددة راهناً ومراحل الرحلات الكاملة وتأخير السفر أحياناً، قد تتحوّل الرحلة مع الأطفال أو الأولاد الأكبر سناً إلى كابوس حقيقي.

تأخرت رحلتي لثلاث ساعات. كان الوضع مزعجاً لكنه لم يكن صعباً جداً لأنني أسافر وحدي وأستطيع أن أسلّي نفسي في المطار. تواجدتُ في مطار صغير، لذا كان يسهل عليّ أن أراقب الناس. كانت العائلات المسافِرة كثيرة، لذا بدا لي الوضع أشبه ببرنامج تعليمي عن نمو الأولاد وتربيتهم.

يصعب أن ينتظر الناس طوال ثلاث ساعات، لكني اندهشتُ حين رأيتُ بعض العائلات الشابة تبذل قصارى جهدها لتسلية أولادها. لم يكن المرور في قسم التفتيش الأمني لتغيير الموقع ممكناً بالنسبة إلى معظم المسافرين لأنهم كانوا ليضطروا إلى حمل جميع أغراض الأولاد مجدداً وإعادة التكيّف مع الوضع على الجانب الآخر من المطار. كان يمكن أن نتّجه نحو البوابة ونعود منها، أو نقصد المطعم ثم الحمّام مئات المرات قبل أن نضجر سريعاً.

لذا لجأ معظم العائلات إلى سحب أجهزة “آي فون” أو الحواسيب لتسلية الأولاد. هكذا انشغل الجميع بوسائل التكنولوجيا. لكن جلس أبوان شابان على الأرض وراحا يلعبان مع ابنتهما. لعبوا لعبة الاختفاء وقرأوا الكتب وتناولوا الوجبات الخفيفة (بدت جميعها صحية) وتحدثوا عن مختلف أنواع الطائرات ووجهتها. استمر هذا الوضع طوال ثلاث ساعات. شعرتُ بالذهول لأنهما نجحا في تسلية ابنتهما في المطار بسهولة.

حين طلبوا منا أخيراً الصعود على متن الطائرة، بدأت ابنتهما تتعب وتعكّر مزاجها مثل معظم المسافرين الراشدين من حولها. أوضحت والدتها للمحيطين بها أن ابنتها فوّتت موعد قيلولتها ولم تتناول الغداء وقد شعرت بملل وتعب مثل جميع الناس، وهو وضع منطقي. حين جلستُ في مقعدي، نظرتُ إلى أفراد تلك العائلة في الجهة المقابلة لي. فكرتُ في نفسي: “ستكون هذه الرحلة التي تمتد على ساعتين طويلة بعد تأخير موعدها”.

لكن حين أجلس الأبوان ابنتهما في مقعدها وأقلعت الطائرة، أخرجت الأم جهاز “آي باد” ونزّلت فيلماً لابنتها كي تشاهده. جلست الفتاة الصغيرة (كانت تبلغ سنتين ونصف سنة تقريباً) بكل هدوء طوال مدة الرحلة. شعرتُ بالذهول!

بعد هبوط الطائرة، تحدثتُ إلى هذين الأبوين مجدداً وعلّقتُ على حسن تصرّف ابنتهما وقدرتها على الجلوس ومشاهدة الفيلم بهدوء. فأجابت والدتها: “لا يتسنى لها أن تستعمل الأجهزة الإلكترونية إلا خلال الرحلات الجوية، حتى أنها لا تحصل على هذه الفرصة إذا تأخرت الرحلة لثلاث ساعات”!

يا للعجب! كان يجب أن أهنّئهما لأنهما لم يستعملا الأجهزة الإلكترونية كـ”مربّية بديلة” والتزما بهذه الخطة لأطول فترة ممكنة. لا شك في أنهما قدوة مثالية في عالم التربية!

back to top