الموسى: التحذيرات عن الوضع الاقتصادي قديمة ولم تجد آذاناً صاغية

نشر في 12-02-2016 | 00:03
آخر تحديث 12-02-2016 | 00:03
No Image Caption
خلال ندوة «الاقتصاد المستدام بين الهدر والتبذير في الموازنة العامة»
أشار الموسى إلى أن الدولة اكتفت حتى اليوم ببناء اقتصاد ريعي وسياسات رعاية اجتماعية «من المهد إلى اللحد»، لافتاً إلى أنه كانت هناك توصيات

لا تخرج عن إطار النصح بتنويع مصادر دخل الدولة، والتحوط لتقلبات الأيام، لكن جميعها لم تجد آذانا صاغية.

قال رئيس مجلس إدارة البنك التجاري علي الموسى إن، «الاقتصاد الوطني يمر الآن بمرحلة صعبة جداً، فقد كان النموذج الاقتصادي الكويتي مبسطاً جداً، ويقوم على مصدر واحد تصرف منه الدولة على ما تراه من أنشطة ومشاريع، وتدّخر ما يتيسر لليوم الأسود، ومنذ اكتشاف النفط في البلاد حتى الآن مرت مداخيل الدولة بهزات وأزمات، ولكن بفضل الله ورحمته اجتازت كل ذلك لتدخل في رحاب تراكم الثروة مرة أخرة ومرات وتنسى ما مضى من تجارب».

وأضاف الموسى خلال ندوة «الاقتصاد المستدام بين الهدر والتبذير في الموازنة العامة»، التي نظمتها الجمعية الكويتية للاخاء الوطني أمس الأول، أن «المشهد السياسي يصور الوضع كما لو أن كارثة طبيعية قد حلت على البلاد دون سابق إنذار فساد الارتباك في التصريحات والتصرفات، وعدم الخوف والتوجس في صفوف الناس».

 وأشار إلى أنه «بمراجعة سريعة سنجد انه ليس للمسؤولين عذر في اختياراتهم السيئة، فمن يقرأ الأدبيات في الخمسينيات إلى الآن فسيجدها زاخرة بمطالب تنويع الدخل، والتحذيرات من مغبة الاعتماد على مصدر واحد، ثم تمت الاستعانة بجهات استشارية عالمية دولية متخصصة، فضلا عن أجهزة الدولة البحثية والاستشارية، واللجان المشتركة التي تشكلها الحكومة». وذكر «كانت توصيات كل هذا الجهات لا تخرج عن اطار النصح بتنويع مصادر دخل الدولة، والتحوط لتقلبات الأيام وغدرها، وتنوعت المقترحات بشأن الوسائل والأدوات والطرق، لكن جميعها لم تجد آذانا صاغية، وأكثر ما يزيد على نصف قرن نادت جهود أهلية متناثرة إلى المحافظة على حقوق الأجيال القادمة في ثروة الوطن الناضبة، سواء بالحد من الإنتاج وتقييده، أو من خلال تجنيب جزء من متراكم حصيلة بيعه».

وأكد الموسى أنه على اثر الزيادة التاريخية في أسعار النفط انفتحت شهية الإنفاق الهادر غير المثمر، كما اشدت همة قناصة الفرص ودعاة نهب ثروة الوطن تحت عنوان أو آخر، فانتقلت فئات التنفيع من الملايين إلى عشرات الملايين ثم إلى مئاتها.

من المهد إلى اللحد

وأشار إلى أن الدولة اكتفت حتى اليوم ببناء اقتصاد ريعي وسياسات رعاية اجتماعية «من المهد الى اللحد»، غير متعظة من تجارب ومصير دول أخرى سارت قبلها على نفس النهج، وأصبحت أمثولة في كتب الاقتصاد وتاريخه.

وأضاف «لقد تبين خطر هذا الخيار حين انتهت الكويت لتحتل آخر الرتب في المؤشرات الاقتصادية بين شقيقاتها دول مجلس التعاون، ولقد تشوهت بنية الإدارة الكويتية، فضرب الفساد في اطنابها وتجذر وفقدت فعاليتها لتحتل البيروقراطية المعطلة مكانها. في بيئة كهذه لا يوجد مكان لاقتصاد مستدام».

وأضاف ان في الوضع الراهن يمكن ان تعيش الكويت استنادا الى وضعها المالي الحالي دون تغيير نحو 15 سنة قادمة دون تغير يذكر في الدعومات، ودون كوادر جديدة أو زيادة انفاق وامتياز.

وتساءل الموسى «لماذا نحن في هذه الحوسة والحنة والرنة؟ لماذا يقول مشروع الميزانية العامة للدولة 2016/2017 شيئا وتأتي تصريحات كبار المسؤولين في الحكومة كنقبض ما جاءت به ميزانية؟ ما نصيب المواطنين من الدعومات؟ ولماذا الإصرار على إفقارهم؟».

الهدر الضائع

من جهته، قال الوزير السابق د. عادل الصبيح، إن «الأولويات يجب أن تتجه إلى الهدر قبل الرسم (الرسوم ورفع الدعم وزيادة المبالغ دون اعتراض عليها ضمن الأولوية)، كما يجب رفع الدعم العام (دون الموجه) قبل فرض الضرائب، والاستغناء عن الكماليات قبل الضروري، وأن يكون الاستثماري مقدما على الاستهلاكي».

وأضاف الصبيح: «حتى لا أزعل الحكومة ولا المواطن سأركز على جوانب الهدر الضائع على الجميع، لذلك لن أتكلم عن تغيير سلوك ولا توعية ولا زيادة رسوم، فقط ادارة الطاقة والمياه لتقليص الهدر».

وركز في كلمته على قطاع الطاقة لعظم المال المصروف فيها (نحو 5 مليارات دينار سنوياً منها نحو 3 مليارات سنويا وقود)، وما يقابله من عظيم الهدر وسعة كبيرة في فرص التوفير المستدام، مشيرا إلى أن الوقود فقط في قطاع الكهرباء والماء يصل إلى ٣٣٦ الف برميل مكافئ يوميا، أي بنسبة تتجاوز ١٢ في المئة‏ من إنتاج الكويت.

كما طالب الصبيح باستخدام عزل حوائط خارجية, وعزل الأعمدة والجسور, وعزل الأسطح، واستخدام زجاج مزدوج مع عاكس، بالإضافة الى شتر خارجي أو «بلايند» داخلي لتوفير استهلاك الكهرباء.

وأشار إلى أنه يجب تشجيع استعمال مصابيح LED بدلا من التقليدية، بالجمارك والدعم والتوعية، حيث ان مصباح LED واحد ٩ واط (يكافئ ٦٠ واط عادي) يكلف نحو 1.5 د.ك، بينما يوفر على الدولة ٥ دينارات سنويا منها ٣.٣ د.ك وقود ومدة نحو ١١ سنة، أي بإجمالي وفر ٥٥ دينارا للتكلفة الشاملة منها ٣٦ دينارا كوقود بتكلفة فقط ١٥٠٠ دينار، أي بعائد سنوي على الاستثمار ٣٠٠ في المئة‏ ومضمون، متسائلا

هل لدى هيئة الاستثمار مشروع بعشر هذا العائد؟

وشدد الصبيح على إلزام كل السكان بدفع فواتير الكهرباء والماء، ويمنع ان يكون ضمن الإيجار، مع تشجيع نظم الطاقة الشمسية ودعم المالك بنسبة من الوفر المحقق.

أما في ما يتعلق بتوفير المياه فقال الصبيح «يجب فرض فرز شبكة المياه الرمادية عن المياه السوداء في المنازل، واستحداث آليات لإعادة استخدام المياه الرمادية في الري على مستوى المناطق والمجمعات, والفلترة والتعقيم واعادة الضخ في شبكة الصليبي، واستخدام السيفونات والري المنزلي».

وطالب بضرورة ان «يدفع مستهلك الماء مبالغ استهلاكه وتحديدا الشقق السكنية، إذ ان ايجارها يشمل الماء، لأن المستهلك يكره المالك فينتقم منه بالماء هدراً، والمالك يدفع ٨٠٠ فلس، والدولة تدفع 8.800 دنانير منها ٦ دنانير وقود، ورغم أن الانتقام تسعة أعشاره على الحكومة، فإن الحكومة ترفض تركيب عدادات ماء للشقق.

كما طالب الصبيح باشتراط السيفون الموفر للماء لدخول الكويت، إذ إن العادي يصرف نحو ٣-٧ غالونات، والموفر يصرف ١.٦ غالون، ومعدل الاستهلاك العادي للفرد بالمتوسط ١٨ غالونا في اليوم، بينما استهلاك التوفير ٨ غالونات، والفرق ١٠ غالونات للفرد في اليوم، أي في السنة نحو ٣٦٥٠ غالونا للفرد، منوها أنه لو اشترطت الدولة سيفونات التوفير فقط فإن الكويت تحقق وفراً قدره ١١٥ مليون دينار سنوياً.

back to top