أطماع لا تنتهي!

نشر في 20-02-2016
آخر تحديث 20-02-2016 | 00:01
 عبدالهادي شلا تصدمنا أخبار الحروب وتنوع أسبابها أو ذرائعها خصوصاً في وطننا العربي، ويفزعنا ما يجري في الخفاء من ضجيج مرة وهمس مرة أخرى دون أن نسمع ما يطمئن بقرب انفراج، هي مزايدات وتقاسم أدوار تفوح منها رائحة تقاسم الغنائم في صراع لا يتوانى فيه أي طرف عن تقديم أبنائه على مذبح هذه الأطماع التي مركزها وطننا العربي.

البشر يكدون بشقاء غير مسبوق للحاق بموكب التقدم التقني، واللهاث وراء توفير لقمة العيش التي كانت هنية إلى سنين قريبة، ولم تعد كذلك في أيامنا التي استنزفت وقتهم أملاً في يوم سعيد ومستقبل جميل، وحدهم الحالمون في وسط هذه "المعمعة" من يحلم بمكان في عش جميل فوق شجرة باسقة دون أن تكون له القدرة على التسلق.  المواطن العربي هو الأكثر مصاباً والأكثر تطلعاً لإنهاء هذه الحروب، فقد ذاق كل أنواعها عبر مراحل التاريخ، فما قامت حرب فاصلة في تاريخ البشرية إلا كانت البلاد العربية مسرحها وحلبة صراع المتحاربين لتفتح الباب لحقبة جديدة بتناقضاتها من الخسارة والمكسب، ولينقسم العالم مرة أخرى استعداداً لحرب تعيد ترتيب أوراق مبعثرة هنا وهناك يخرج من رحمها منتصر أو منتصرون متحالفون، وفي أكثر الحروب كان المواطن العربي هو الذي يعاني نتائجها إما باستعمار أو وصاية أو ثورة من بين ظهرانيه. الذين كتبوا وحللوا وهم كثر، وما زالوا يكتبون ويحللون، إنما يقدمون شرحا معلوم التفاصيل لما يجري دون أن يكلف أحد نفسه بتصور ناجع يخرج الأمة من كبوتها، أو يقدم نصحا للحاكم أو للشعب.

 في أغلب الظن أن ما يصل أو يتسرب من أخبار هذه الحروب الدائرة في وطننا إنما هو أخبار مسموح بها كي يلتفت إليها الجميع وينشغلوا بترتيبها وينقسموا في تفسيرها، فتتسع الشقة بين أبناء البلد الواحد لتقدم لنا المزيد من الفصائل والأحزاب المتحاربة، وضحيتها "أيضاً" هو المواطن العربي!

الحروب تستنزف قدرات الأمم، وغياب الخطط وخوضها دون حسابات دقيقة ومعرفة بقدراتها إنما تجعل الأمر في نهاية المطاف خارج السيطرة، ليترتب عليها المزيد من التبعات المرهقة في كل مجالات الحياة، وتزداد صعوبتها حين تبتلع هذه الحروب الجزء الأكبر من ميزانيات الدول على حساب "المواطن".

إن تعرض البلاد العربية لغزوات من جهات متعددة متنوعة التوجهات والأفكار لهو أمر خطير، وإن وجود دول غير عربية في سمائها وعلى أرضها لا يقبل تفسيرا غير أنه بداية استعمار بصورة غير تقليدية، مثل تلك التي لم يتعاف منها الوطن العربي بعد استقلاله. ورغم أن الحديث في الغرف المغلقة يجري حول استراتيجيات جديدة حول التقينات والطاقة تجعل من الثروات العربية أمرا غير ذي بال كما تصوره وسائل الإعلام، فإن هذه التقنيات والطاقة الجديدة مثل استخدام طاقة الشمس أو الماء وغيرها إنما تحتاج إلى وقت غير قصير للاعتماد عليها كليا دون النفظ العربي.

ولا يغيب عن الحسبان الموقع الاستراتيجي للسيطرة على كل ما ترى القوى المتحاربة أنها في حاجة إليه حاضراً ومستقبلاً، وسيبقى مكانها الأهم هو الوطن العربي.

* (كاتب فلسطيني - كندا)

back to top