ريجيني و«الداخلية» والعبارة السحرية

نشر في 01-04-2016
آخر تحديث 01-04-2016 | 00:01
 د. محمد لطفـي "جوليانو ريجيني" شاب إيطالي 28 عاما طالب دراسات عليا بقسم العلوم السياسية بجامعة كمبريدج البريطانية، جاء إلى مصر كباحث زائر في الجامعة الأميركية بالقاهرة. في 25 يناير الماضي (ذكرى ثورة يناير ووسط القاهرة أشبه بالثكنة العسكرية) كان عيد ميلاد أحد أصدقائه (في وسط القاهرة)، فأخبر شريكه في السكن أنه سيذهب إليه ليهنئه بعيد ميلاده... اختفى ريجيني فلم يذهب إلى صديقه ولم يعد إلى المنزل.

في 3 فبراير تم العثور على جثة ريجيني في مدينة 6 أكتوبر، وتم الإعلان أن الوفاة نتيجة حادث سيارة، وسرعان ما تم التراجع حيث أثبت التشريح الظاهري أن الوفاة نتيجة ضربة شديدة خلف الرأس أسفل الجمجمة مع وجود علامات تعذيب كالكي بالكهرباء ونزع الأظافر، فأعلنت الداخلية أنها تواصل البحث والتحريات، ثم أعلنت في بيان بعد أسبوع أن المجني عليه متعدد العلاقات؛ مما يعوق التحريات ويجعل الوصول إلى الفاعل صعبا، وأن هناك اشتباها في وجود علاقة مثلية وراء الحادث.

ومنذ أيام أعلنت الداخلية أنها قامت بتصفية تشكيل عصابي في القاهرة الجديدة، وأن هذا التشكيل هو المسؤول عن قتل ريجيني، خاصة مع العثور على متعلقات خاصة به في منزل شقيقة زعيم التشكيل، ثم تراجعت الداخلية للمرة الثالثة، وقالت لم يثبت أن هذا التشكيل هو المسؤول عن قتل ريجيني.

كان هذا هو التسلسل من الجانب المصري أما الجانب الإيطالي فبمجرد الإعلان عن العثور على الجثة حضر وفد قضائي لحضور التحقيقات ومتابعة التحريات، ومع كل بيان للداخلية المصرية كان هناك رفض من الجانب الإيطالي ومطالبة بضرورة كشف الحقيقة كاملة ومعرفة قتلة ريجيني.

أثارت هذه الحادثة الكثير من التساؤلات حول دور ومسؤولية الداخلية، وكان العجب الأكبر من تسرع الداخلية في إصدار البيانات ثم التراجع عنها، خاصة مع الغياب الكامل للمنطق في هذه البيانات، لا سيما ما يتعلق بعلامات آثار التعذيب وكيفية حدوثها ولمَ؟ فسواء كانت الجريمة جنائية للسرقة أو نتيجة علاقة مثلية ما الذي يدفع القاتل لتعذيب المجني عليه بهذه القسوة والبشاعة التي لا تتم إلا رغبة في الحصول على اعتراف ما من المجني عليه، فما هو؟ ومن الذي يسعى إليه؟

الكثير من علامات الاستفهام كما ذكرت ما زالت مطروحة تنتظر الإجابة، والسؤال الأكبر مازال عن تسرع الداخلية في استنتاجاتها، فهل كانت تعتقد أن الجانب الإيطالي سيقتنع بها دون دلائل وإثباتات حقيقية؟ أم كانت تؤمن أن الرأي العام الإيطالي يمكن خداعه بالعبارة السحرية المستخدمة منذ يوليو 2013، والمرفوعة دائما في وجه كل من يحاول المناقشة أو المعارضة أو السؤال عن قضية ما، هذه العبارة التي يعتبرها البعض إجابة لكل الأسئلة "المهم خلصنا من الإخوان... ولا عايزين تكونوا زي سورية والعراق؟".

فهل يمكن أن تقتنع إيطاليا وعائلة ريجيني بهذه العبارة السحرية؟ وهل يمكن أن يتنازلوا عن معرفة الحقيقة كاملة في مقابل التخلص من الإخوان وألا يكونوا مثل سورية والعراق؟ هل يمكن هذا؟

back to top