النُّكْتَة

نشر في 26-02-2016
آخر تحديث 26-02-2016 | 00:01
 د. محمد لطفـي "النكتة" كلمة بالعامية المصرية تعني الطُرفة أو المزحة، وهي كلمات قليلة أو حدوتة صغيرة جدا يقولها شخص فيضحك المستمع لها وتبعث على الفرح والسرور، وعادة ما يتم تناقلها بسرعة بين أفراد البلد الواحد وقد تتجاوز الحدود إلى بلدان أخرى، ويقال عن المصري إنه "ابن نكتة" كناية عن أنه دائم الابتسام وحديثه يسعد الآخرين وإطلاقه الدائم للنكات وفرحه بها، ويقال إن المصري إذا لم يجد ما ينكت عنه فإنه ينكت على نفسه، وللنكتة دورها في التعبير عن الكثير من المواقف السياسية، وعن آلام المواطن وآماله في آن واحد، واستخدمها المصري كذلك كسلاح يواجه به الظلم والاستبداد، وفي نقد سلوكيات المجتمع وتصرفات المسؤولين.

من أشهر النكات، كما نتذكر جميعا، نكتة المطار السري التي انتشرت في أوائل السبعينيات (قبل حرب أكتوبر) حين كان سائق "الأوتوبيس" ينادي على الركاب "محطة المطار السري اللي عايز ينزل"، وكانت تعكس حال التذمر لدى المواطنين من تأخر الحرب وتقول للمسؤولين بصراحة لم يعد هناك أمر خفي.

عذرا فالمقال ليس عن النكتة ودورها الاجتماعي (وإن كان يستحق) ولكنها عن المصري، وكيف تبدل حاله واختفت الابتسامة من وجهه، وأصبح دائم العبوس والحزن، تراه في المواصلات العامة مهموما حزينا، ويسير في الطريق شاردا يحدث نفسه، وأصبحت التجمعات ولقاءات الأصدقاء جلسات للعلاج الجماعي كل يشكو حاله وهمومه بعد أن كانت جلسات للسمر وإطلاق النكات، فهل كان المصري يتخيل يوما أن يصل إلى هذه الحال؟

في الفن السينمائي والمسرحي هناك كوميديا الكلمة وكوميديا الموقف، كذلك في النكتة هناك النكتة اللفظية ونكتة الموقف التي غالبا ما تكون من نوع الكوميديا السوداء التي لا ندري أنضحك معها أم نبكي؟! أو ضحك كالبكاء كما قال المتنبي ويعيش المواطن المصري في هذه الأيام الكثير منها.

* تصريح وزير الخارجية "اجتماع السيسي مع البشير وديسالين (رئيس وزراء أثيوبيا) لم يبحث ملف سد النهضة"!! هل يمكن هذا؟ أخطر وأكبر مشكلة تواجه مصر وتتعلق بإثيوبيا والسودان لا يتم بحثها... ففيمَ كان الاجتماع إذاً؟ هل هذه نكتة أم نكبة؟

* طالب بصيدلة الأزهر يدّعي فوزه في مسابقة عالمية لقراءة القرآن ويهلل الإعلام وتفرد الصحافة صفحاتها للإنجاز الفريد ثم يتضح كذبه وغشه.

* طفل 4 سنوات يحكم عليه بالمؤبد بتهمة القتل العمد والتحريض والإرهاب ثم يقال تشابه أسماء... أين تحقيقات المباحث والنيابة وأمانتها؟ أين عدل القاضي وفحصه الدقيق لأوراق القضية؟

* "دخل القناة الجديدة سيغطي تكاليف الحفر خلال 3 أشهر"... "المليارات تتدفق على مصر بعد مؤتمر شرم الشيخ"، ورغم ذلك "انهيار الجنيه أمام الدولار"، كيف يمكن للمواطن أن يفهم ذلك بعيدا عن إحساسه أن يستمع لنكتة تدفعه للبكاء.

* اعتداء... تحرش... قتل... تعذيب في أقسام الشرطة من أسوان للإسكندرية ووزير الداخلية يقول حالات فردية... لا تعليق.

* ونختم بنكتة عالمية أطلقها باراك أوباما: الهجوم البري على سورية سيقضي على "داعش" ويطرد السوفيات ويسقط نظام الأسد (3 في 1). "فينك" أنت من زمان لا أدري؟ هل هذه نكات يضحك لها المواطن أم ألم يعتصر القلوب ويبكي العيون؟

back to top