Demolition... نظرة مثيرة للاهتمام إلى الموت والحياة

نشر في 12-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 12-04-2016 | 00:01
في فيلم Demolition (الانهيار)، يثبت المخرج الفرنسي الكندي جان مارك فالي مهارته في الكتابة. بعدما أخرج Dallas Buyers Club (نادي دالاس للمشترين) وWild (جامح)، بدأت المواضيع والأنماط التي يتبناها تتّضح. تعالج الأفلام الثلاثة الخط الرفيع الفاصل بين الحياة والموت، وكيف يؤثر الموت على الحياة فيُلهِم الناس ليتمسكوا بالحياة ويستمتعوا بها إلى أقصى حد.
في هذه الأفلام، يُستعمل الموت لمساعدة الأحياء على تجاوز حدود الحياة قدر المستطاع وبأقصى قوة ممكنة.
يبدو المخرج جان مارك فالي موهوباً في كتابة السيناريوهات الفصيحة والاحترافية ولن يكون فيلم Demolition استثناءً على القاعدة. كتب براين سايب السيناريو الذي يستعمل سلسلة رسائل تسمح لنا بالغوص في حياة البطل الداخلية. يُدعى الأخير ديفيس (جايك غيلينهال)، وهو يبدأ بكتابة الرسائل إلى قسم خدمة العملاء في شركة لآلات البيع غداة وفاة زوجته جوليا (هيذر ليند) في حادث سيارة.

إنها آلية تكيّف غريبة طبعاً. لكن من الواضح أن كتابة الرسائل إلى تلك الشركة سيكون أسهل بكثير من أن يكتب إلى سائق السيارة الذي اصطدم بسيارته أو إلى الأطباء الذين عجزوا عن إنقاذ زوجته. يكون قسم خدمة العملاء منفذه الوحيد كونه يشكّل جهة مجهولة يمكن أن يأتمنها على أفكاره ومسار زواجه وعمله (مصرفي استثماري) وعلاقته مع والد زوجته المتطلّب (رب عمله الذي يؤدي دوره كريس كوبر).

لكن يتمثّل قسم خدمة العملاء بامرأة اسمها كارين (ناومي واتس)، فتتأثر بقصته وتتعاطف معه وتعتبر رسائله منفذاً للهرب من حياتها المنظّمة والمثالية. تتزامن صداقتها التي تكون محفزاً للأحداث مع انهيار ديفيس. لكن يكون انهياره حرفياً في هذه الحالة، على مستوى تعامله مع بيئته المحيطة على الأقل.

يشعر ديفيس بخدر داخلي ويبدأ بتحطيم كل ما يراه، فيكسر الحواسيب وأبواب الحمّام والأجهزة كي يعرف كيف تعمل. ثم يدفع المال لرئيس موقع بناء كي يسمح له بتحطيم جدار بمطرقة بكل شراسة. خلال هذه العملية، يدوس على مسمار ويصرخ من الفرح لأن شعور الألم يُسعِده. كذلك يطلب من ابن كارين أن يطلق النار على صدره وهو يرتدي سترة واقية من الرصاص ويصغي إلى موسيقى صاخبة ويرقص في الشارع. يُسقِط ديفيس جميع التوقعات والمعايير الاجتماعية وتتّضح الأضرار الجانبية للحادث الذي تعرّض له حين يبتعد عن مهنته وعائلته.

صدق عاطفي

في مرحلة الانهيار التي يختبرها ديفيس كي يستعيد تماسكه مجدداً، يمرّ بعض اللحظات الممتعة. لكن ثمة صدق عاطفي في طريقة تعامله مع حزنه.

لن يكون فيلم Demolition أقل مستوى من غيره لمجرّد أنه مختلف في محتواه، ويطبّق الفيلم قاعدة الاختلاف على مرّ مراحله. يحمل التحطيم ناحية جمالية معينة، ويكتشف ديفيس وسط الركام أنه يعيش حياته فعلاً بدل أن يضطر إلى تحمّلها بصعوبة.

يستعمل فالي والمصور السينمائي إيف بيلانجر مقاربتهما الطبيعية والقوية في الفيلم، فتبدو عصرية لكن غير متطفّلة بشكل مفرط.

في النهاية، يسمح الإخراج بنجاح السيناريو والأداء التمثيلي. يضفي غيلينهال جواً من الصبيانية الجميلة على شخصية ديفيس الجامد، علماً أنه كان ليبدو سيئاً لو أدى ممثل آخر هذا الدور. لكن يتعلق الاكتشاف الحقيقي بالممثل الناشئ جودا لويس بدور كريس، ابن كارين المثلي. فهو جريء وواثق بنفسه وحسّاس بشكل صادم. يكون الشخصان دخيلَين غريبَين على محيطهما فيسود تفاهم لافت بينهما، ويمكن أن نأمل جميعاً عيش هذا النوع من العلاقات في هذه الحياة.

back to top