دليل صعوبة العربية!

نشر في 02-04-2016
آخر تحديث 02-04-2016 | 00:01
 جري سالم الجري معظمنا شقي بدروس اللغة العربية، فكم مرة جاءتنا ملاحم مدرسي العربية في الابتدائي والمتوسطة والثانوية! وكم مرة تجرعنا أهوال قواعد "كان" التي تحشد كل أخواتها علينا! وكم مرة كابدنا جواب الشرط الجازم الدكتاتوري! وكم مرة دخلنا سراديب التعذيب من كلمات فيها تنوين بالكسر وبعضها منصوب بالكسرة الظاهرة بتهمة جمع المؤنث السالم! وحتى لو سلم الجمع من النصب فإن نونه تبتر بصدور حكم حذف النون، وكم تكررت سيناريوهات الجار والمجرور!

فما عسى الطلاب أن يفهموا صعوبات كهذه؟

 ولكن لنسأل بعلمية دقيقة ودون عواطف مبالغ فيها: هل هذه اللغة الممتدة لآلاف السنين عسيرة، وهي التي نطق بها الأُميون قبل الإسلام؟ هل تشقّ على عقليات جيل التكنولوجيا؟ ألم يقل من خلق عقولنا "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"؟ وسبحانه يُعلل سهولة تعقل كتابه بعروبة كلماته.

فإذا ولجنا إلى عوالم الأحرف العربية، بعيداً عن دهاليز القواعد، فإننا نجد عالما كامل الأبعاد لكل حرف بذاته، وقد لاحظ الأولون الذين عرفوا العربية بسهولة أن كل حرف عربي يحتوي على شيفرة معلوماتية، فالـ"حاء"، على سبيل المثال، حرف مقترن بكل ما هو حار ومتحرك، بل هو مقترن بكل شيء فيه رصّ من البروتينات، يعني مثل بياض البيض وصفاره المسمى بالـ"الآح" و"الماح" و"الرحم" الحاوي لحياة البويضات، واسم "حواء" واحتوائها نسل آدم، كذلك فعل "حمْحَم" وهو ترَدد صَوْت الخيل دَاخِلَ حَنْجَرَتِها، وكذلك حرارة العواطف السيكولوجية (حب- حنان- حزن- فرح- حُبور)، ومن الممكن لنا تأمل كلمة (الحديد) تأملاً فيزيائياً، فهذا المعدن هو مجرد ذرات مرصوصة بحيث تتحرك بقالب ضيق جدا، وعندما نتأمل علم الثيرموديناميكيات (فيزياء الحرارة) نجد هذه الكلمات التي لو تتلفظها تشعر بالحرارة (حر- حرارة- حار- حامي- حرق- حريق- يحترق).

أما حرف الشين فنجده مقترناً بكل انتشار أو تشققات عشوائية الاتجاهات (تفشى- انشق- شرارة) وكلمة "شهرة" أي أن يكون الشخص معروفا في شتى البلاد، و"هشاشة" تعني تركيباً ذا أجزاءٍ متباعدة، في حين حرف الـ"كاف" يعد شيفرة كل شيءٍ متماسك الأجزاء، فنجد "مركب- كوكب- مكوك- فلك- كوب- كومة- كون"، فالكوكب مجرد أكوام تركب بعضها فوق البعض بقوى الجاذبية من كل صوب، فصارت متجمعة على بعض بشكلٍ كروي، و"الكون" تركبَت فيه كل ذرة ومجرة.

وهذا غيض من فيض في عالم حروف العربية التي تكلم فيها العديد من علمائنا، وفي ظاهرة شيفرات الأحرف، ومنهم ابن جني في كتابه "التفصيل" والثعالبي في كتابه "فقة اللغة"، والفيزيائي محمد عنبر في "جدلية الحرف العربي".

إذاً، يبدو أنه لا دليل على صعوبة العربية! والبراهين تدل أنها يُسرت تيسيراً بيناً وبليغاً لمن يعقلها ويتوكل، فقد قال فلاسفة اليونان: "حِكمة اليد عند الصينيين، وحكمة اللسان عند العرب، وحكمة الرؤوس عند اليونانيين".

 فهي لغة القرآن التي ما أنزلها الله علينا لنشقى، فإذا أزلنا عواطفنا المبالغ فيها، ونظرنا إلى العربية بعقلانية فسنجدها تتناغم مع فطرتنا ووجداننا، فإنها الأسماءَ كُلها التي عَلمها اللهُ أبانا آدم "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا".

back to top