مخرج يعود من عبادة غريبة في Holy Hell!

نشر في 02-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 02-02-2016 | 00:01
No Image Caption
انتهت المقابلة وودّع أعضاء الفريق بعضهم بعضاً، لكن أدرك ويل آلن أنه يريد قول ملاحظة أخيرة فسأل: {هل تعلمون ما كتبه جوزيف كامبيل عن رحلة الأبطال؟ إنه أصعب جزء من العودة وإعادة الاندماج في العالم لكنه عنصر بالغ الأهمية. يضيف البطل قيمة إلى العمل عبر سرد ما اكتشفه، وأنا أتمتع بهذه القيمة الآن بفضل هذه القصة وهذا الفيلم}.
لا تسيئوا فهمه! لا يعني هذا الكلام أن المخرج آلن الذي يبدو متواضعاً بطبيعته ونجح في التكيف مع وضعه بعد سنوات من إسداء الخدمات للآخرين يضع نفسه بالضرورة في مصاف الأبطال. لكن تبدو المهمة التي جعلته يخصص أربع سنوات لصنع فيلم Holy Hell ({الجحيم المقدس}) قوية فعلاً ولا عجب في ذلك!

كان فيلم Holy Hell في البداية جزءاً من منافسة مهرجان {صندانس} للأفلام الوثائقية الأميركية، وهو يسرد قصة آلن حول 22 سنة أمضاها ضمن عبادة في غرب هوليوود بقيادة {أستاذ} جذاب ويناقش كيفية بلوغ مستوى واعد من التنوير الفكري. كانت تلك التجربة في البداية مبهجة لكنها أصبحت في النهاية تثير الانقسام وتعزز الاستغلال الجنسي.

بما أن فيلم Holy Hell يسرد قصته بشكل أساسي استناداً إلى لقطات واسعة صورها آلن في تلك الفترة، يعطي الفيلم أثراً غريباً حين يكشف لنا معنى العبادات من الداخل ومدى جاذبيتها بالنسبة إلى كل من يبحث عن التنوير الفكري، كذلك يعرض مقابلات بعد سرد الوقائع ليثبت حجم التداعيات المريرة التي يمكن الشعور بها إذا انهار الوضع.

يوضح آلن الذي يبلغ اليوم 53 عاماً: {بقيتُ مع أستاذي بين عامَي 1985 و2007، أي نصف حياتي، بين عمر الثانية والعشرين والرابعة والأربعين. اضطررتُ إلى التخلي عن معارفي حين انتميتُ إلى تلك العبادة. قيل لنا إننا مضطرون إلى إعادة برمجة الأفكار السيئة. وحين غادرتُ الجماعة، اضطررتُ إلى التخلي عن كل ما تعلّمتُه هناك}.

يقف فيلم Holy Hell وحده بين أكثر من مئة فيلم طويل على لائحة مهرجان {صندانس} لكنه لا يذكر اسم المخرج أو كاتب السيناريو. بما أن أستاذ آلن لا يزال ناشطاً في مجاله، لكن في ولاية أخرى، وبما أن منتجي الفيلم يشعرون {بالقلق على بعض الأشخاص داخل الجماعة} كما يقول آلن، كان التكتم أفضل سياسة يمكن اعتمادها.

يصف آلن نفسه بالرجل {الضائع والمرهق} حين غادر كلية السينما في عام 1985: {عدتُ إلى دياري في شاطئ نيوبورت وفكرتُ بأنني قد لا أرغب في صنع الأفلام، بل أريد أن أجد نفسي وأكتشف هويتي. لطالما انبهرتُ بالمفاهيم الفلسفية والروحية والأسئلة الوجودية: {من نحن؟ ما سبب وجودنا؟}. ثم طردتني والدتي من المنزل. في تلك المرحلة، دعتني شقيقتي للانضمام إلى جماعة تأملية كانت تشارك فيها منذ تسعة أشهر وعرّفتني إليها بكل حماسة}.

كانت تلك الجماعة التي عادت وشملت أكثر من مئة عضو وحملت اسم {بودافيلد} بقيادة رجل اسمه {ميشال}، وقد كانت جاذبيته واضحة في اللقطات التي صورها آلن حينها. لا يتهم الفيلم زعيم العبادة بأي جريمة ولا تحصل أي مواجهة بينه وبين أعضاء الجماعة في الفيلم.

يتذكر المخرج التفاصيل قائلاً: {كان الأستاذ يتكلم بفخامة فائقة وبدا ذكياً ومضحكاً وجريئاً. راح يحثنا على تقبل نفسنا ووعدنا ببلوغ مستوى مرتفع من التنوير الفكري. كان التخبط شديداً من الناحية العاطفية ولم نجد أمامنا أي حدود. أدى الأستاذ دور المعالج والمرشد في آن وكان يُفترض أن نخبره بكل شيء}. في النهاية، يقول آلن إن الأستاذ تلاعب به كي يدخل في علاقة حميمة، وقد أربكه هذا الوضع وجعله يعيش معاناة كبيرة.

وضع منهار

غادرت الجماعة غرب هوليوود واتجهت نحو أوستن، تكساس، في عام 1992 ثم راح الوضع ينهار: {بدأ الجميع يكتشفون الحقائق والتلاعبات الجنسية وطرق السيطرة على العلاقات تدريجياً، فقد كان المرشد يدعي شفاء الناس مع أنه لا يفعل. كان المكان أشبه بمكتب حيث يتكلم الجميع عن أفعال رب العمل. سرعان ما اتضحت جميع التفاصيل}.

بدأ الناس يغادرون ثم غادر آلن بدوره.

بعد تلك السنوات كلها داخل الجماعة، واجه آلن السؤال التالي: {ما الذي سأفعله بحياتي؟ لم أتمكن من اتخاذ أي قرار وكنت أفتقر إلى السلام، وكأنني مصاب بإجهاد ما بعد الصدمة}.

لكنه اكتشف الإجابة خلال رحلته إلى مهرجان {صندانس} السينمائي في بارك سيتي، يوتا، حيث شاهد أفلاماً مثل Keep Lights On ({أبقِ الأضواء مشتعلة}) للمخرج إيرا ساكس: {بثّ فيّ الحماسة. شاهدتُ مجموعة من الفنانين يطرحون أفلاماً صادقة جداً وقلتُ في نفسي: هذا ما أريد فعله. شعرتُ بامتنان شديد عند رؤية أشخاص يتحكمون بحياتهم ويعرضونها على الشاشة}.

حرص آلن على تعديل اللقطات التي صورها لكن حين قرر مغادرة الجماعة، لم يأخذ معه المشاهد كلها: {في تلك الفترة، لم أكن أهتم بذلك. لم أظن يوماً أنني سأراجع هذه المواد مجدداً. شعرتُ بضرورة أن أمضي قدماً}.

حين بدأ آلن يحضّر فيلم Holy Hell، اضطر إلى تخصيص 35 ساعة للمونتاج ولإجراء المقابلات مع أكثر من 12 عضواً مستاءً كانوا ينتمون سابقاً إلى تلك العبادة.

يقول آلن عن العوامل التي شجّعته على تنفيذ هذا المشروع: {لم أشأ يوماً أن أصنع فيلماً سلبياً لكني شعرتُ بأنني أقرب شخص إليهم وكان يمكن أن أسرد قصة منصفة. يسألني الناس: {هل تندم على ذلك}؟ أظن أنه سؤال غير عادل. هل يمكن أن يندم أحد على زواج فاشل رغم إنجاب الأولاد؟ لم تكن التجربة تتعلق بي حصراً، بل بالجماعة كلها. لم أدرك ذلك إلى أن صنعتُ الفيلم}.

back to top