«يوم الثقافة الفلسطينية» في القاهرة...

كما قال الشاعر وثيقة سينمائيّة لحياة درويش

نشر في 17-03-2016
آخر تحديث 17-03-2016 | 00:01
شهد المجلس الأعلى للثقافة المصري «يوم الثقافة الفلسطينية»، مقترناً بذكرى ميلاد الشاعر الكبير محمود درويش (13 مارس 1941)، بحضور وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، وسفير فلسطين في القاهرة جمال الشوبكي. وأدار اللقاء الناقد د. صلاح فضل، وتحدث خلاله عدد من مثقفي فلسطين ومصر.
أكّد وزير الثقافة المصري حلمي النمنم الارتباط الوثيق بين فلسطين ووطنها العربي، ووجودها في القلب من الثقافة العربية، موضحاً أنه ليس غريباً أن يقترن الاحتفال بيوم الثقافة الفلسطينية بذكرى شاعر العرب محمود درويش، باعتباره أحد رموز الإبداع في شعرنا العربي والإنساني المقاوم، وابن القضية التي ظلت حاضرة في فضاء قصائده، وهو استطاع بموهبته الاستثنائية أن يطرحها بجماليات شعرية فارقة.

كلام الوزير جاء في “يوم الثقافة الفلسطينية” الذي شهده المجلس الأعلى للثقافة المصري. من جهته، قال سفير فلسطين لدى القاهرة جمال الشوبكي، أن الثقافة الفلسطينية تتصدى لمحاولات الاحتلال لطمس هوية الفلسطينيين، وإحياء الأساطير الصهيونية، وستبقى الثقافة السلاح طويل الأمد لتثبيت الهوية، مبيناً أن اختيار ميلاد محمود درويش كيوم لهذه الثقافة، جاء لعطائه الإبداعي المتفرد، وذيوع قصائده المقاومة والكاسرة لقيود المحتل، وهو ليس شاعراً فلسطينياً فحسب، بل شاعر لكل العرب وأحرار العالم.  

أما الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة د. أمل الصبان فذكرت أن العالم يحتفل كل عام في 13 مارس بيوم الثقافة الفلسطينية، وبشاعر الثورة محمود درويش، لا سيما أن سلاحه كان الفن والكلمة في تخليد تاريخ مقاومة وصمود شعب، ونستعيد كلماته في هذا السياق: “إننا في هذا اليوم، لا نملك إلا قوة الحياة في مواجهة موت القوة”.

 أدب المقاومة

 

قال الناقد د. صلاح فضل إن جوهر الثقافة الفلسطينية يتماثل مع نظيرتها العربية، وهي تنهض على الحرية والمحبة والإبداع، والطموح لبناء مستقبل سلمي يعتمد على العلم والإنسان والوعي الحضاري، وتعززها أبعاد الهوية والتاريخ والحضارة وتراث من عادات وتقاليد وتجارب إنسانية، وموقع الإنسان في الكون، ودوره في تعمير الحياة، وهو يستمد من ذلك كله عناصر وجوده وبقائه.   

من جهته، قال الأمين العام للجنة الفلسطينية للثقافة والعلوم وأمين عام اتحاد الكتاب مراد السوداني: “تمتد الثقافة الفلسطينية فينا امتداد الزيت بالزيتون، وهي باقية راسخة، وما زالت تمنحنا كل هذه القدرة على التماسك، ومنذ 120 عاماً تتفصد الوجع، مثلما شعبنا في الوطن والشتات، وما زالت تنزف حبرها الأخضر وحناءها التي سالت من الشهداء”.

انتهى السوداني إلى أن الهوية سؤال مفتوح، فهل هي اختيار أم جبر؟ موضحاً أنها اختيار باعتبارها قضية وعي وتفكر وانتماء وفعل ثقافي متعدد السياقات والفضاءات، وجبر لارتباطها بالمكان والزمان (شرطا الوجود)، فكيف إذا كان هذا المكان وهذا الزمان فلسطين بجراحها وتاريخها، ومقاومتها لهذا النقيض الاحتلالي.

بدورها قالت الكاتبة عبلة الرويني إن فلسطين ليست عبارة إنشائية، بل كانت ولا تزال في قلب الإبداع والثقافة المصرية، وحسب قول المفكر والعالم الجغرافي جمال حمدان إن أي محاولة لفك الارتباط بيننا وبين القضية الفلسطينية، هي محاولة لفك ارتباط العروبة والقومية العربية، وثمة محاولة للخلخلة، والنزاعات الدائرة أثرت سلبا، ودفع ثمنها الفلسطينيون تحديداً.

وشددت الرويني على أهمية تفاعل الثقافة الفلسطينية مع نظيرتها العربية، ومد الجسور مع المثقفين والمبدعين في سائر الوطن العربي، مبينةً أن هذا الأمر منوط بالفلسطينيين أنفسهم، لا سيما أن هذه التغيرات الظاهرة لن تؤثر على حضور القضية في وعي ووجدان كل عربي.

ثقافة الصورة

وصف رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية الأمير أباظة فوز الأفلام الفلسطينية في المهرجانات السينمائية باللحظة المضيئة في الإبداع المقاوم، والمعبر عن مجابهة هذا الشعب للاحتلال، ومرورها بمراحل عدة منذ عام 1920 وصولاً إلى عام 1983، وظهور مجموعة من مبدعي هذا الفن، وحملهم رسالة نقل قضية الشعب الفلسطيني في أرضه إلى العالم.  كذلك ألمح رئيس الملتقى السينمائي الفلسطيني فائق جرادة إلى أن لدى الفن السابع قدرة على الإيصال والتأثير، وكان ثمة إدراك مبكر لأهمية الثقافة البصرية، لنقل الرواية الفلسطينية الحقيقية والمناهضة لرواية الاحتلال، وحمل مبدعوها شعلة الدفاع عن الشخصية الوطنية، ومعهم الرواد عبر التاريخ، وبدأ هذا الزخم الإبداعي قبل الانتداب، واستمر بعد نكبة 1948، والتصدي لمحاولات الاستلاب وطمس الهوية.

أكد جرادة أن المخزون الثقافي الفلسطيني، يستعصي على المحو، وثمة أسماء عدة حافظت على الهوية والموروث، أمثال سمير عزام رائد القصة القصيرة، والموسيقار رياض البندك، وإبراهيم وفدوى طوقان، ومحمد حسيب القاضي، ومي زيادة، ومعين بسيسو، وسحر خليفة، وإدوارد سعيد، وغسان كنفاني، وهشام شرابي، وغيرهم.

في كلمته، لفت رئيس تحرير مجلة “عالم الكتاب” محمد شعير إلى مرحلة مجهولة من حياة محمود درويش في القاهرة، وعمله لفترة في مجلة المصور، ثم جريدة “الأهرام” مع الراحل محمد حسنين هيكل، وجلوسه في غرفة تضم كلاً من نجيب محفوظ، وعائشة عبد الرحمن “بنت الشاطئ”، ويوسف إدريس، وكتابته مقالات عدة يجب جمعها في كتاب لإلقاء الضوء على فترة مهمة من تاريخ مصر والقضية الفلسطينية.

واختتمت الاحتفالية بأمسية شعرية للشاعرين مراد السوداني ومحمد لافي، وعرض فيلم “كما قال الشاعر” للمخرج الفلسطيني نصري حجاج، حيث يوثق حياة وإبداع محمود درويش بين الأرض والمنافي، ناهيك بقراءة أشعاره بأصوات أدباء وشعراء من أنحاء العالم، مثل البرتغالي جوزيه ساراماغو، والأميركي مايكل بالمر.

back to top