The Guest Room لكريس بوهجاليان... الاستعباد والاتجار بالبشر

نشر في 21-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 21-04-2016 | 00:01
استوحى كريس بوهجاليان فكرة أحدث رواية له بطريقة عفوية وواقعية. حين كان يزور أرمينيا عام 2013 مع زوجته وابنته غريس التي كانت حينها مراهقة وصديقتها، استيقظ في وقت مبكر لمرافقة صديقة غريس إلى المطار كي تعود إلى ديارها. كان ينتظرها في ردهة الفندق في الساعة الثالثة فجراً تقريباً، فشاهد شابة تتحدث إلى حامل الحقائب.

يقول بوهجاليان: كانت الشابة تدفع له المال كي يسمح لها بصعود السلالم. من الواضح أنها كانت بائعة هوى وبدت أصغر من ابنتي. كأبٍ أميركي أرمني، انفطر قلبي عند رؤيتها. كانت يافعة جداً، فبدأتُ أتساءل: هل يمكن كتابة رواية عن فتاة مثلها؟

كان المشروع ممكناً طبعاً: هكذا نشأت رواية The Guest Room (غرفة الضيوف) (دار نشر Doubleday).

تتناول The Guest Room موضوعاً مشيناً عن الاتجار بالبشر والاستعباد الجنسي. تبدأ الرواية بحفلة لتوديع العزوبية في إحدى ضواحي نيويورك الراقية لكنها تتخذ منحىً كارثياً.

نظّم ريتشارد تشابمان الحفلة لأجل شقيقه الأصغر المعروف بسلوكه السيئ فيما قصدت زوجته وابنته المدينة لتمضية تلك الأمسية. لكنه لم يتوقع (وما كان أحد ليتوقع) المجزرة التي ستقع لاحقاً.

يحلل بوهجاليان تداعيات الحفلة من منظور ريتشارد المصدوم والمذنب وزوجته الغاضبة وابنته المرتبكة وألكسندرا، واحدة من الضحايا: إنها مراهقة أرمنية تخطفها عصابة روسية وتستعبدها جنسياً.

تكون قصتها قوية ومريعة ويستحيل نسيانها. يعترف بوهجاليان بأنه يعجز حتى الآن عن سماع الكتاب السمعي (تبلغ ابنته غريس 20 عاماً اليوم وتقرأ دور ألكسندرا): “لا أريد أن أسمع ابنتي وهي تقول عبارات معينة”!

لا يلقي بوهجاليان اللوم على أفراد العصابة الذين خطفوا ألكسندرا فحسب، بل يستعمل شخصية ريتشارد أيضاً لتبرير سلوكهم السيئ.

يقول بوهجاليان الذي كتب 16 رواية أخرى، من بينها The Sandcastle Girls (فتيات قلعة الرمال) و The Light in the Ruins (ضوء وسط الركام) و The Secrets of Eden (أسرار عدن) و Midwives (القابلات) و Close Your Eyes, Hold Hands (أغمض عينيك، أمسك الأيادي): “انتهى بي الأمر عن غير قصد باستكشاف سلوك الرجال الغريب حين يجتمعون. يتصرّف الرجال وسط الجماعة الذكورية بطريقة مختلفة جداً عما يفعلون فردياً. يتّضح هذا الجانب من شخصيتهم في هذا البلد خلال حفلات توديع العزوبية على وجه التحديد”.

الإبادة الأرمنية

يعتبر بوهجاليان رواية The Guest Room نسخة القرن الواحد والعشرين من كتاب Sandcastle Girls، في إشارةٍ إلى روايته التي تتطرق إلى الإبادة الأرمنية التي اقترفها العثمانيون خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها. تتعلق الروايتان بأرمينيا (كان جدّا بوهجاليان أحد الناجين من الإبادة التي قتلت مليون ونصف شخص وفق التقديرات)، لكنهما تشتقان أيضاً من الوعي الاجتماعي العميق الذي اكتسبه بوهجاليان مع تطور مسيرته المهنية.

يقول بوهجاليان الذي يبلغ 53 عاماً ويعيش في “فيرمونت” (كان قد نشأ في نيويورك): “أسعى إلى تحقيق هدفَين في هذه المرحلة من حياتي. أبحث عن قصة جيدة يمكن أن تُحدِث فرقاً في المجتمع. أعلم أن أحداً ما كان ليقرأ رواية Sandcastle Girls لو أنها اقتصرت على سلسلة من الأموات في الصحراء. كنت أحتاج إلى شخصيات تثير اهتمامي وتجعلني أرغب في الجلوس إلى مكتبي للكتابة في السادسة صباحاً. لم أكن أفكّر بهذه الطريقة منذ 20 سنة”.

لكن ربما كانت هذه الفكرة كامنة في لاوعيه: كانت روايته الرابعة Water Witches (ساحرات المياه) مستوحاة من مشاكل الجفاف والتغيّر المناخي في “فيرمونت”. لكنه يقول إن تجاوب الناس مع رواية The Sandcastle Girls التي نُشرت في عام 2012 غيّره وغيّر طريقة تعامله مع رواياته.

يقول بوهجاليان الذي جال العالم لمناقشة الكتاب وموضوع الإبادة وقصد روسيا ولبنان وحتى تركيا: “من المدهش أن يحوّلني الكتاب إلى ناشط اجتماعي. لا يمرّ يوم الآن، بعد أربع سنوات على نشر الكتاب، من دون أن أتلقى رسالة على فيسبوك من شخصٍ يقول إنه لم يكن يعرف أنّ الإبادة وقعت فعلاً إلى أن قرأ الكتاب”.

جمهور تركي

كان التحدث عن هذا الموضوع أمام جمهور تركي مؤثراً جداً: «فيما يخص موضوع الإبادة في تركيا، يدرك عدد كبير من الراشدين الشباب والمفكرين الجرائم التي ارتكبتها السلطنة العثمانية ويريدون أن تعترف حكومتهم بها. لكن يعرف معظم المواطنين الأتراك ما تعلّموه، أي أنّ الأرمن شكّلوا أقلية مريعة وكانوا متمردين خلال الحرب وذبحوا المسلمين: ربما مات عدد صغير من الأرمن، لكن مات عدد أضخم بكثير من المسلمين ولهذا السبب رحل الأرمن... أصبحت الحكومة التركية اليوم أخطر مما كانت عليه في عام 2013. تبدو طريقة تدميرها جيرانها الأكراد مريعة. من الطبيعي أن تقع هذه الأحداث حين لا تعترف الحكومة بجرائمها الماضية».

يأمل بوهجاليان أن يتابع تطوير وعيه الاجتماعي في كتاباته وأن يرفض الظلم بجميع أشكاله: “لا أظن أنني كنت شخصاً صالحاً جداً في شبابي، فقد كنت أركز على نفسي. لستُ فخوراً بذلك. لكن إذا نجحت رواياتي في إحداث فرق، سأكون ممتناً جداً”.

back to top