تحليل سياسي : الحكومة تخرج بخُفي حنين من جلسة الإصلاح

نشر في 17-04-2016 | 00:13
آخر تحديث 17-04-2016 | 00:13
No Image Caption
خرجت الحكومة «بخفي حنين» من جلسة الأربعاء الماضي لمجلس الأمة، بعد فشلها في تمرير مشروعها لتقليص دعوم الكهرباء والماء، واستثناء القطاع السكني، الذي يمثل 40 في المئة من إجمالي الاستهلاك المحلي، من مشروع اللجنة المالية البرلمانية الذي أقر بصيغته الجديدة في مداولة أولى، ولا تقف خسائر الحكومة عند هذا القانون بل تمتد إلى وثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تعرضت لانتقادات نيابية حادة أعادتها إلى «المالية البرلمانية» من جديد.

ورغم أن «وثيقة الإصلاح» لا تحتاج إلى تصويت نيابي لإقرارها، لاسيما أنها مستمدة من خطط التنمية المقرة سلفاً، فإن «إقرارها شكلياً» يوفر للحكومة دعماً وغطاء سياسياً لتنفيذ الخطة من جهة، فضلاً عن تعزيز موقفها، من جهة أخرى، أمام وكالة التصنيف الائتماني العالمية «موديز» لتفادي خفض تصنيف الكويت في تقريرها المزمع صدوره الشهر المقبل، وهو ما فشلت الحكومة في الحصول عليه عبر أغلبيتها النيابية.

تدرك الحكومة جيداً أن أهم عناوين «وثيقة الإصلاح» يتمثل في أربعة أهداف، وهي: وقف الهدر المالي الحكومي، وإعادة النظر في الدعوم المقدمة، وتنويع مصادر الدخل، وإصلاح جدول سلم الرواتب، أو ما يسمى «البديل الاستراتيجي»، وهي جوانب مرتبطة بشكل مباشر بالميزانية العامة للدولة.

وبالنظر إلى ما تم على أرض الواقع في تلك الاتجاهات، فإن إجراءات الحكومة تجاه الهدر متناقضة، فهي توفر من الميزانية ما قيمته 280 مليون دينار، وتعززها مجدداً بنحو 300 مليون دينار للعلاج في الخارج، أما على مستوى «الدعوم» فإنها خسرت مشروعها والقطاع السكني، الذي يمثل 40% من هدف التقليص، بتصويت أغلبيتها النيابية.

وفيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل فهو مرتبط بعدة إجراءات وقرارات وقوانين، ولا ينتظر أن يكون العصا السحرية على المدى القريب، إذ إن تحقيقه يتطلب سنوات من العمل الحكومي الجاد والتضامن الوزاري الحقيقي والتعاون النيابي القائم على المصلحة العامة لا الخاصة أو المكاسب الانتخابية.

أما الجانب الأخير، «البديل الاستراتيجي»، فهو يتساوى في الأهمية مع تقليص «الدعوم»، لأنه يمس المواطن بشكل مباشر، في وقت يعاني مشروع القانون حالياً داخل لجنة الموارد البشرية البرلمانية «إهمالاً حكومياً ونيابياً» منذ أكثر من عام، وهو ما يعكس أمرين، أولهما توجس النواب من إقراره في السنة الأخيرة من عمر المجلس وأثره على مواقعهم الانتخابية، والآخر عدم جدية الحكومة في الدفع تجاه مناقشته وإقراره رغم أهميته.

وفي هذا الصدد، لابد من الإشارة إلى أن التعامل الحكومي مع مطالب اتحاد عمال البترول والنقابات النفطية، باستثنائه من مشروع البديل، من شأنه أن يفتح الأبواب على مصاريعها أمام القطاعات الحكومية الأخرى للمطالبة بالمثل.

وفق المعطيات السابقة، وما انتهت إليه جلسة الأربعاء، يبدو أن الحكومة تعثرت مبكراً وفي أكثر من جانب في برنامجها، وإذا كان جانب التناقض يمثل جزءاً مهماً في التعثر، فإن انقلاب أغلبيتها النيابية هو الأكثر تأثيراً على مسيرة الإصلاح التي تدعو إليها، وفي كل الأحوال فإن جلسة 26 الجاري، بما قد تنتهي إليه، ربما تكون نقطة تحول أخرى في الإصلاح الاقتصادي... إما نحو المزيد من السلبية أو التحول الإيجابي.

back to top