مقارنة النساء برجل

نشر في 19-03-2016
آخر تحديث 19-03-2016 | 00:01
 جري سالم الجري النساء لا يصلحن للمقارنة بالرجل، فكيف لهن أن يساوين كفاءته وهو قائد جيوش الفتوحات، ومن اكتشف دوران الأرض، ورسم خرائط القارات، واكتشف علاج السل، واخترع المصباح، ووطئت قدماه القمر، وأسس علم النفس، وقنن الفيزياء، وفوق هذا وذاك علمهن فنون الطهي، وانتصر عليهن في عقر دارهن، فعالم صرعات الموضة يشهد أن أشهر المصممين لأزيائهن هو الرجل الفرنسي؟

أما سياسياً فهو المكتسح بلا منازع، فليس في عالمنا الشرق أوسطي سوى الرجال في رئاسة الجمهوريات والممالك والإمارات والسلطنات، سواء ديمقراطياً أو علمانياً أو حتى قبلياً، ولا نرى أن الله سبحانه وتعالى أرسل نبية أو رسولة، ولا أمرنا باستخلاف النساء علينا.

 فيا معشر النساء، أليس الرجل هو المهندس الأوحد لعمران الحضارة علمياً ومالياً وعسكرياً ودينياً؟ قاصرة العقل والدين ليست سوى سكن لذاك البطل وحاضنة لأشباله، ليس لها إلا درب إسعاد سيد الكون، إلى أن تأتي آخرتها المرهونة بإسعاد الزوج، وإرضاء الأب، والتضحية للابن، فكامل دور حياتها هو لرجل.

لكني أسأل المجتمع: أما آن الأوان للتفكير بفهم وتدبر لدور المرأة في الحياة؟ فلنبحث في ماضي الإنسانية عن دورها، ولنكن "رجعيين" ونرجع إلى زمن مضى...

 فقد وثق الكاتبان (شو- ار) و(وو- يو) في كتابهما "الدليل التام لتاريخ وتقاليد الونغ. شن" حال الصين التي كانت مجزأة إلى أجزاء من إمارات موزعة، حتى جاء اليوم الذي بدأ به زعيم حرب يكتسح إمارات الصين الواحدة تلو الأخرى، ولما أتى على آخر إمارة وانتصر عليها قبض على حاكمها، وسل سيفه من غمده وقتله أمام ابنته التي طلب منها الزواج بعد ذلك المشهد المفجع، فما كان منها إلا الرفض القاطع، لتشعره بالإحراج أمام جيشه، فأجبرها على مصارعته أمام جيشه لجعلها أضحوكة الصين على مدى التاريخ، وقرر أن تكون جائزة انتصارها هي حريتها، وعقوبة خسارتها أن تكون إحدى جارياته، فوافقت بدون تردد، فأمهلها شهرين، فقرأت كتب "الكونغ فو" ودرست وتدربت ليل نهار عقلياً وجسدياً ونفسياً وعصبياً، فهزمت المتعجرف وسلت سيفه من غمده وقتلته أمام جيشه، وهي "يم ونغ شن".

أما في المغرب الإسلامي فكانت فاطمة الفهري البنت القرشية التي اكتسب أجدادها المال الوفير، فصار زوجها وأخوها وأبوها من الأثرياء، وحين توفي الثلاثة بقيت هي وأختها مريم مع ميراثهما الكبير، فأدارتا مالهما بحكمة، حيث اشترت فاطمة مزرعة بجوار جامع القيروان الموجود بالمغرب لتضمها إلى الجامع وتضاعفت مساحته، ووظفت فيه مدرسين وملأته كتبا، ومنحت الطلاب شهادات، ووفرت للباحثين فرص البحث العلمي، وأجرت بالجامع أنظمة التخرج، والاختبارات الأكاديمية لتكون هي مؤسسة أول جامعة في تاريخ البشرية، وعملت أختها مريم الإنجاز نفسه في الأندلس.

أما في أميركا وبعد الحرب الأهلية فقد أرشفت الموسوعة البريطانية عن عقلية غزيرة الإبداعات، فاختراعاتها الموثقة 27 اختراعا، إنها مارغريت نايت المرأة الأديسونية لأنها مثل توماس أديسون، وأكبر إبداع لها حين كانت تشتغل في مصانع الورق، فاخترعت لهم آلة تطوي الورق آلياً، لتنتج الأوراق من المصنع "مبرومة" أوتوماتيكيا، حيث زاد الناتج وقلت الخسائر واقتصدت الوقت.

ألا يكفي هذا القدر من القراءة في الماضي الإنساني لنعترف أخيراً بحقيقة نراها رأي العين شرقا وغربا، وهي أن المرأة أم الأمم، فهي أمك ثم أمك، ولم يقصر عقلها إلا كثرة عطفها، وما قصر دينها إلا بعذر من خالقها.

بالفعل النساء لا يصلحن للمقارنة برجل، فإنه مجرد محتوى إحداهن.

back to top