فصل الخطاب بين الخطأ والصواب

نشر في 04-03-2016
آخر تحديث 04-03-2016 | 20:42
 د. محمد لطفـي ملاحظات سريعة حول خطاب السيسي الأخير دون تأييد أحد الجانبين، أو رفضه، فلكل رأيه الخاص، ولكنها ملاحظات موضوعية حول حقيقة ما جاء في ذلك الخطاب بين الخطأ والصواب.

منذ 3-7-2013 ومع كل خطاب أو حديث للسيسي يختلف المصريون بين مؤيد ومعارض بشأن ما يقوله، وتزيد الأعداد وتقل بين الجانبين وتتباين حدة الاختلاف تبعا لما جاء في كلمته، وهذا أمر طبيعي، فالاختلاف في الرأي سمة إنسانية مقبولة بل مطلوبة أيضا، وجاء الخطاب الأخير ليؤكد ذلك، لكن الهوة اتسعت بين الجانبين وزادت الحدة إلى درجة غير مسبوقة، وكان تبادل الاتهامات والسباب، للأسف، على صفحات التواصل الاجتماعي هو الخطأ الأكبر.

وبعيدا عن رأي هؤلاء وهؤلاء نرصد بعض الملاحظات حول الخطاب:

الأولى "التوتر والانفعال": بدا واضحا للجميع أن هناك توترا كبيرا وانفعالا على وجه السيسي أثناء خطابه، وسواء كان هذا التوتر ناتجا عن إرهاق جسدي، كما قيل "لم ينم ليلة إلقاء الخطاب"، أو نتيجة انفعالات ذهنية، لم يكن ملائما أن يلقي الخطاب في هذه الحال.

الثانية "الارتجال": من الطبيعي أثناء الخطاب أن يرتجل المُلقي بعض الكلمات والعبارات لتفسير الخطوط الرئيسة للخطاب، ولكن أن يكون الارتجال كثيرا وبعيدا عن سياق الخطاب، ويفاجئ المتلقي بعبارات ومفردات لا ترابط بينها، فذلك أمر يخرج المتلقي عن قدرته على متابعة الخطاب.

الثالثة "عبارات سبق ذكرها": استخدم السيسي كلمات لها ذكرى سيئة عند المصريين مثل "إنتو مين؟"، فعند سماعها تداعت إلى الذاكرة فورا عبارة القذافي السابقة، وتمت المقارنة التي لم تكن أبدا في مصلحة الخطاب الأخير.

الرابعة "أنا فقط...": رغم الشعبية الكبيرة التي نالها السيسي عند الكثيرين بعد القضاء على الإخوان فإن شعبية عبدالناصر، مثلا، وكاريزميته الطاغية لا يمكن تجاوزها، وكذلك السادات بعد حرب أكتوبر، ومبارك بعد 30 سنة حكم، ولم يسمع المواطن من أي منهم "اسمعوني أنا فقط وصدقوني أنا فقط".

الخامسة "الغموض": طالب السيسي المصريين بألا يتحدثوا إلا بعد أن يذاكروا الموضوع جيدا، وكان يتحدث حول سد النهضة، وانتظر المصريون حديثا شافيا يشرح كل شيء، ويوضح كل الحقائق، ولكن فجأة انقطع الحديث ولم يعرف المصري شيئا هل هناك حل؟ وما هو؟ وكيف ستتم مواجهة أزمة نقص المياه؟ وإلى أين وصلت المفاوضات مع إثيوبيا؟ لم يسمع المواطن إجابة لكل ذلك.

السادسة "التهديد": "اللي هيقرب من مصر هشيله من على الأرض"، ورغم الوضوح اللغوي للعبارة لم يعرف المتلقي لمن يوجه هذا التهديد؟ ومن الذي يقترب من مصر؟ ولماذا؟ وماذا سيفعل؟ وهل يقصد مصر الوطن أم مصر الفرد؟ أسئلة كثيرة فرضت نفسها على ذهن المتلقي.

السابعة "الجنيه والبيع": بدون إطالة لم يكن اختيار العبارتين "لو ينفع أتباع هتباع" و"صبّح على مصر بجنيه" موفقا وبنظرة سريعة إلى السوشيال ميديا يدرك المتابع مدى الإخفاق في اختيارهما.

هذه بعض الملاحظات السريعة حول الخطاب دون الوقوف مع أحد الجانبين سواء التأييد أو الرفض فلكل رأيه الخاص... ولكنها ملاحظات حول حقيقة ما جاء في الخطاب بين الخطأ والصواب.

back to top