ليزر يضع الذرات بمكانين في آن

نشر في 15-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 15-01-2016 | 00:01
No Image Caption
تخيّل كرة صغيرة موضوعة على طرف إصبعك وعلى كتفك في آن واحد. هل تواجه صعوبة في تخيل ذلك؟ لا يستطيع معظمنا استيعاب فكرة وجود شيء ما في مكانين في الآن نفسه. لكن علم الفيزياء برهن أخيراً هذا التأثير على مسافة نحو نصف متر، محظماً الأرقام القياسية السابقة.
تشكّل تجربة جديدة مثالاً لمبدأ التراكب، الذي يعتبر أن الشيء يستطيع أن يكون في حالتين كميتين في وقت واحد. ويستمر هذا الوضع إلى أن نحاول مراقبته. فعندما نقدم على خطوة مماثلة، تنهار خاصية تُدعى وظيفة موجته مستقرةً على إحدى الحالتين. فهذا هو المبدأ عينه الذي سمح لقط شرودنجر بالبقاء حياً وميتاً على حد سواء داخل العلبة إلى حين فتح غطائها.

نعتقد غالباً أن الآليات الكمية تنطبق على الجسيمات الذرية الفرعية فحسب. ولكن ما من أمر يحد مداها من الناحية النظرية. نتيجة لذلك، تسعى التجارب إلى تحديد عمليات الانتقال بين العالمين الكمي والواقعي. يوضح مارك كاسيفيتش من جامعة ستانفورد بكاليفورنيا: «نتساءل جميعنا عما إذا كانت ثمة حالة تتحول معها عمليات التراكب إلى حالات مادة تقليدية».

للإجابة عن هذا السؤال، ابتكر كاسيفتش وزملاؤه متكثف بوز-أينشتاين: سحابة من 10 آلاف ذرة روبيديوم كلها في الحالة الكمية عينها. فدفعوا هذه السحابة، التي لا يتخطى قطرها المليمترات القليلة، نحو الأعلى في غرفة ارتفاعها 10 أمتار مستخدمين الليزر، ما دفع في الوقت عينه الذرات إلى حالتين منفصلتين.

مع بلوغ المتكثف أعلى الغرفة، كانت وظيفة موجته قد بلغت خليطاً متناصفاً من الحالتين، فاتخذ موقعين تفصل بينهما مسافة 54 سنتمتراً. واستمر في حالة التراكب هذه مدة ثانية عاود بعدها الهبوط. وفي الأسفل، أعاد الليزر الحالتين إلى واحدة. وقد كشف هذا الأمر أن الذرات أتت على ما يبدو من مرتفعين مختلفين، ما يؤكد أن المتكثف كان فعلاً في حالة تراكب في أعلى الغرفة.

برهنت تجارب سابقة التراكب في مسافات وفترات أقصر. وقد بلغ الرقم القياسي السابق أقل من سنتمتر لمدة ربع ثانية. لكن عمل كاسيفيتش برهن هذه العملية على نطاق أكثر أهمية. يقول: {يُظهر عملنا بشكل حاسم عمليات الانفصال الكبيرة. لم يسبق أن نجح أحد في أمر مماثل}.

لإنجاح هذه التجربة، كان من الضروري تبريد الغرفة لدرجة أعلى بجزيء من الصفر المطلق، والعمل بدقة على تعديل مسار المتكثف لأخذ دوران الأرض في الاعتبار خلال التجربة. يشير كلاوس هورنبيرغر من جامعة دويسبورغ-إسن بألمانيا: {استكشفوا المجهول}.

لكن هذا الإنجاز قد لا يكون بالاهمية التي يبدو عليها. في عام 2013، ساهم هورنبيرغر في وضع {مقياس غرابة} يساهم في تقييم التجارب وفق مدى إظهارها امتداد التأثيرات الكمية في العالم الفعلي. صحيح أن عمل كاسيفيتش زاد المسافة، إلا أنه أجرى تعديلات بطرق أخرى، ما يجعل النتائج التي يسجلها معادلة للمحاولات السابقة، وفق هورنبيرغر. ويعني هذا الأمر أن تجربة قط  شرودينجر الحقيقية لا تزال بعيدة المنال.

back to top