مضايا وأخواتها... وعار الإنسانية

نشر في 30-01-2016
آخر تحديث 30-01-2016 | 00:01
 محمد خلف الجنفاوي لم يستطع القلم أن يكتب، خصوصاً أن المأساة مستمرة منذ مدة في مضايا، وهذا من هول الصدمة والإحساس بالألم في ظل تكنولوجيا أوصلت الصورة المفجعة والصوت المتهدج بأقسى أنواع المأساة.

في عالم غربي يبحث في الغالب عما بعد التغيير لمصالح وأموال ومشاريع متوحشة، خطط لها منذ وقت ليس بقصير في لعبة أمم متحركة، تبحث عن ثغرات لكي تنفذ، وما أكبر وأخطر من دكتاتورية وفساد وطائفية وقمع، ويا لها من نافذة بل باب مشرع لدخول من لا يريد إلا مصالحه، وإن كانت على أشلاء الأبرياء، فمنطقتنا انقسمت بين مؤيد لدكتاتور هناك وآخر حزين على دكتاتور سابق رحل عن هذا العالم بدماء وبلاد ممزقة وكوارث ما زالت تتوالى فقط لأنهم ينظرون بمقياس مدمر بسبب التخلف والعنصرية واللا إنسانية، ألا وهو مشاهدة الضحية للحكم على القاتل؟

فإن كان القاتل من البلد أو الطائفة أو الأيديولوجيا يصبح بطلا قوميا لا يُشقّ له غبار، وإن كان العكس فهو مجرم، بئس العدل والعقل إن وجدا!! فكلاهما قاتل، فمن جاء لخدمة الناس والحفاظ على الأمانة والعهد يتحول إلى قاتل لأجل الكرسي، وإن ذهب الشعب وأغلب الأرض فهو قابع في قصره يعتقد بغباء أن وجوده برغم الدماء والخراب انتصار على المؤامرة، مع أنه هو المؤامرة مجسدة بدم ولحم، فالمشكلة في العقول للأسف وهي ليست بالعدد البسيط، فلا فرق بين دكتاتور وآخر إلا بأرقام الضحايا حسب ظن البعض.

فمن يرفعون صور أبطال الهزائم والنكبات الإنسانية حتى بعد رحيل الغالبية منهم لا أعرف أي عقل يمتلكون؟ هل مثلا ظنوا أن أبطالهم سيقومون من موتهم لكي يحققوا أحلام بعض المرضى؟! فقد ولى إعلامهم الذي برع بتحويل الهزائم إلى انتصارات، والقمع والظلم وإقصاء الآخر إلى حفاظ على الأمن القومي، والانعزال ومحاربة العلم والتطور والتعايش إلى حفاظ على التراث العريق، وهم أول من هدم ذلك التراث.

فقضية فلسطين لا نرى فيها غير تحريض وتمويل فصيل ضد آخر، ففتحت السفارات لدى أغلب الدول وعروس عروبتا ما زالت تحت الأسر، والأسرى يجترون سني عمرهم بالصبر والأمل، والأكيد أنه الأمل بعد الله سبحانه، فالقضية ليست اصطفاف فئة ضد فئة أو طائفة أو دكتاتور وآخر، بل هي إنسان مع إنسان يعاني الظلم والقمع والتجويع، فإن أصبحت لدينا غالبية بفكر وعمل كهذين يكون الانتصار الأول والأكبر لجميع معارك السلام والحريّة والحقوق المسلوبة.

فالمهم بيان حجم المسؤولية، وكلما تقدم المجتمع وعرف حقوقه وبعد عن الطائفية والعنصرية أصبح مشاركاً في قراره، لذلك تجد المسؤول في دول الغرب كلما كبر زادت مراقبته، أما في بعض دولنا فالويل يلحق بمن ينتقد وقد يصل إلى الطرد من العمل.

back to top