فوضى القتال في فيلم A War

نشر في 25-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 25-02-2016 | 00:01
في فيلم A War (حرب)، ينضم قائد الجيش الدنماركي كلوز بيدرسون (بيلو أسباك) إلى وحدته المسلحة المضطربة عند دخولها إلى قرية ريفية.
كانوا يخططون لمساعدة الناس على طرد ميليشيا «طالبان» التي يخشاها معظم السكان، لكن تؤدي تلك المهمة الواعدة إلى اندلاع معركة متقلّبة.
في بعض اللحظات، يتحول الاعتداء الفاشل من هجوم إلى فوضى عارمة.
تحقق الأضرار الجانبية الكبرى التي تسببها المعركة في فيلم «حرب» أهدافاً غير مقصودة في أفغانستان والدنمارك معاً يكون بعض التداعيات مميتاً وبعضها الآخر مشروعاً.

يقدم فيلم التشويق الجاذب للكاتب والمخرج توبياس ليندهولم لقطات حادة ودقيقة عن الصراع الميداني في أول ساعة من العمل، ثم ينتقل إلى محكمة عسكرية في الساعة الثانية. يُتَّهَم بيدرسون بارتكاب جرائم حرب وتواجه نائب عامة تعتبر نفسها محقة في انتقادها قراراته الرسمية، لكنها لا تكون مخطئة بالكامل. يغلّف ضباب الحرب الاستراتيجيات المطبقة في جميع ساحات المعارك. تعجّ المشاهد المشوقة في المحكمة بصراعات متناقضة بين الأدلة المتاحة والناقصة. تبدو كل معركة فوضوية ومؤلمة جداً ويقع ضحيتها أشخاص لم يقصدوا التسبب بأي أذى.

عمل معقّد

إذا كنت تبحث عن فيلم يقدم أفكاراً جديدة عن الحرب على الإرهاب، تابع البحث في مكان آخر! لا يُعتبر هذا الفيلم دراسة أكاديمية بل إنه عمل معقد ومدهش ويستحق ترشّحه لجائزة أوسكار كأفضل فيلم أجنبي لهذه السنة. يطرح الفيلم قصصاً تهمّ الناس عن انعكاسات استمرار الحرب على العائلات بدل الاكتفاء بالتركيز على طريقة موت المقاتلين.

يجسد أسباك شخصية بيدرسون بأسلوب الأفلام الوثائقية، فيظهر بصورة الرجل العادي غير المعصوم عن الخطأ. يبدو قائداً عاقلاً لفريقه مع أنه ليس مؤهلاً للتعامل مع الصدمات العاطفية التي يواجهها عناصره بعد خسارة زميل لهم. كذلك هو رب عائلة مسؤول مع أنّ أفضل ما يستطيع تقديمه لزوجته المحبطة ماريا (توفا نوفوتني) وأولادهما الثلاثة في الدنمارك يقتصر على اتصال ليلي عبر الأقمار الاصطناعية. قد يكون جريئاً في ساحة المعركة لكنه يرتكب الأخطاء التي يمكن أن تفيد الفريق المنافِس.

ربما يتمسك بيدرسون بحذافير قواعد الاشتباك العسكري كي يبقي ذلك الصراع المحتدم تحت السيطرة. لذا يصرّ على ضرورة أن تنتظر عائلة أفغانية تهددها حركة “طالبان” حتى وصول جنوده في صباح اليوم التالي، ما يعني اضطرارهم إلى النوم في منزلهم التقليدي الهش بدل الانتقال إلى مركزه العسكري المحصّن. حين يتقابلون مجدداً، تحت وابل الرصاص، يجد بيدرسون نفسه عالقاً في مأزق لا يمكن الخروج منه: حتى أفضل قراراته يمكن أن تهدد حياة الناس وسجل الجنود وهويته الخاصة. ثم يعود إلى الدنمارك لمواجهة النظام القانوني الذي يحاكمه على قرار سريع اتخذه وسط احتدام المعركة.

من المبرر أن يشعر بيدرسون بقلق إزاء كل “حقل ألغام” رمزي وحقيقي يمر به. تشير المشاهد الجانبية في بلدته الدنماركية إلى أن تربية الأولاد قد تتحوَّل من عمل روتيني إلى مصدر قلق مزعج. يسهل أن يشتدّ الصراع وانعدام الأمان في كل زاوية من عالم بيدرسون أثناء وجوده في الخارج لأشهر متلاحقة. حين يعود لمواجهة التهم التي يمكن أن تبعده عن أولاده بعدما حُرم من رؤيتهم طوال سنوات، تطالبه ماريا بأن يرفض مشاعر الذنب التي يمكن أن تجتاحه لأسباب أخلاقية ويدافع عن نفسه بشراسة، فتقول له: “ربما قتلت بعض الأولاد في أفغانستان، لكن لديك ثلاثة أولاد أحياء في منزلك”. يوضح فيلم ليندهولم في لقطاته الأخيرة أن القرار النهائي بشأن المتّهم يبقى معلّقاً رغم انتهاء التحقيقات الرسمية وصدور الأحكام.

back to top