«المركز»: ارتفاع أسعار الكيروسين والديزل في الكويت قد يخلق ضغوطاً تضخمية في قطاعي الإسكان والاستثمار

نشر في 18-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 18-01-2015 | 00:01
No Image Caption
فتح قنوات النقاش العام وشفافية الدراسات والتطبيق التدريجي لزيادة أسعار الوقود تخفف وطأة التأثير

قد تؤدي زيادة أسعار الوقود إلى رفع التكاليف التي تواجه صناعة الإنشاء الكويتية إلى درجة أنها قد تصل إلى حوالي 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بناءً على أكثر التقديرات تحفظاً.
قال المركز المالي الكويتي «المركز»، إن ارتفــاع أسعـار الوقـود في الكويـت، سيترك تأثيرا ويخلّف تداعيات على قطاعات حساسة مثل الإنشاء، ما قد يفرض تكاليف مباشرة وأخرى خفيّة على قطاعات عديدة في الاقتصاد.

وأضاف «المركز» في تقرير متخصص أصدره أمس، أن مراجعة ترشيد الدعم رغم أنها خطوة مستحقة لضمان الاستدامة الاقتصادية للدولة على المدى الطويل، بكن من الضروري وضع نهج استراتيجي للتنفيذ بخصوص وقف الدعم لتجنب الضغوط التضخمية التي يمكن أن تترك تأثيرات سلبية لايمكن التنبؤ بها، وربما لا يمكن السيطرة عليها في مختلف القطاعات والصناعات، ما يؤثر على معنويات المستثمرين خلال العملية.

وفي التفاصيل، قد تؤدي زيادة أسعار الوقود إلى رفع التكاليف التي تواجه صناعة الإنشاء الكويتية إلى درجة أنها قد تصل إلى حوالي 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بناء على أكثر التقديرات تحفظاً.

وتتضمن مشاريع الإنشاء مستويات عالية من المخاطر بسبب مجموعة من العوامل مثل أعمال تخطيط الإنشاء والتصاميم الفريدة، وظروف العمل المتقلبة المستندة إلى الموقع التي تؤثر على تسليم المشاريع، والاعتماد على تعاقدات وفق سعر ثابت، والتجزيء الواسع النطاق الموجود في سلسلة القيمة التي تدعم مشاريع الإنشاء.

ووفقاً للأدلة الموجودة حول العالم، فإن أي زيادة في تكلفة الوقود بنسبة 30-40 في المئة ستؤدي إلى رفع إجمالي تكلفة الإنشاء بحوالي 2-5 في المئة، وفي هذا السياق، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الكيروسين والديزل في الكويت ثلاثة أضعاف من 55 فلساً إلى 170 فلساً، إلى ارتفاع في أسعار مواد الإنشاء الأساسية وتكاليف النقل المتعلقة بصناعة الإنشاء.

وبالنظر إلى ذلك، وبما أن الديزل يشكل حوالي ربع استهلاك الطاقة في قطاع النقل في الكويت، فإن زيادة أسعاره بمعدل ثلاثة أضعاف، من المرجّح أن تزيد تكاليف الوقود في قطاع الإنشاء بحوالي 5 في المئة.

ورغم أن صناعة الإنشاء تعتبر كياناً مستقلاً، إلا أنها تعد الثانية بعد قطاع الكهرباء في حجم الاستثمارات، ما يؤكد الأهمية الكبيرة للقطاع. ومن خلال وجود الاستثمارات العالية في هذا القطاع، يمكن أن تزيد الضغوط التضخمية الناشئة عن ارتفاع أسعار الوقود من تكاليف المشروع بصورة كبيرة.

ويشكل قطاع الإنشاء في الكويت حوالي1.7 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وفي الوقت الحالي هناك عدد من مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية التي يجري العمل عليها في الكويت.

وتقدر قيمة العقود في صناعة الإنشاء الكويتية بحوالي 4.9 مليارات دينار. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن التكلفة الإجمالية لمشاريع البنية التحتية والإنشاء في الكويت عام 2014 قد تلامس 6.5 مليارات دينار تقريباً.

وهذا الأمر يزيد الحاجة إلى الاستعانة بتقنيات حديثة ومواد بناء مبتكرة، ومحاولة إيجاد طرق تساعد في إبقاء مكونات التكلفة الأخرى كالمتعلقة بالوقود منخفضة.

وفي الفترة بين عامي 2015 و2020، من المتوقع أن يبلغ متوسط الإنفاق الاستثماري السنوي في الكويت 11.8 مليار دينار. تم تخصيص منها حوالي 6.3 مليارات دينار سنوياً لمشاريع بنية تحتية مهمة من الناحية الاستراتيجية، مثل مشروع توسعة المطار.

بالتالي، يتوقع أن يشهد قطاع الإنشاء في الكويت نشاطاً في غضون الأعوام المقبلة. ومن خلال استهداف الحكومة الكويتية نمو القطاع الخاص العقاري بنسبة 9.4 في المئة سنوياً كمعدل وسطي للفترة بين عامي 2015 و2020، فمن المرتقب أن تحظى مشاريع البنية التحتية والإنشائية بمزيد من الاهتمام بالتنفيذ نظراً إلى دورها الحساس في دعم نمو القطاع الخاص.

وفي كثير من البلدان حول العالم، ينظر إلى قطاع البنية التحتية اليوم على أنه سيلعب دورا بارزا في إعادة تشكيل الاقتصاد، وتقليص الاختناقات، ودعم نمو القطاع الخاص. وفي مثل هذا الوضع، يؤثر ارتفاع أسعار الوقود على هوامش ربح المقاولين.

وبالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، تواجه صناعة الإنشاء حالياً تكاليف متصاعدة للعمالة بسبب شحّ القوى العاملة. وتشكل تكلفة العمالة في دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 25 في المئة من إجمالي التكلفة، والتي قد تزيد لاحقاً نتيجة وجود نقص في العمالة.

لهذا، يمكن أن يضيف ارتفاع أسعار الوقود كثيراً على عبء التكلفة، ما يجعل الهوامش غير مجدية بالنسبة للمقاولين، ويُبعِد القطاع الخاص عن المشاركة في صناعة الإنشاء.

ومع ذلك، يعدّ ترشيد الدعم خطوة مستحقة لتحقيق الاستدامة الاقتصادية للدولة على المدى البعيد، رغم أنه قد يكون هناك تذمّر على المدى القريب. لكن من الضروري وضع نهج استراتيجي للتنفيذ لتجنب الآثار السلبية على مختلف القطاعات، والتي لا يمكن التنبؤ بها، وربما لا يمكن السيطرة عليها، ما يؤثر على معنويات المستثمرين خلال العملية.

ويعد أحد الحلول الممكنة تطبيق زيادة أسعار الوقود بطريقة تدريجية أو على مراحل، بدلاً من فرض مقدار كبير من الزيادة مرة واحدة.

ويمكن أن تساعد زيادة الأسعار على مراحل، في جعل أثرها المالي ضمن مستويات مقبولة أو يسهل التعامل معها.

ويعود السبب في ذلك إلى أن الأفراد يجب أن يأخذوا وقتهم للاعتياد والتأقلم مع الأسعار الجديدة، وأي تأثيرات تضخمية ناجمة عن هذه الزيادة ستخف من خلال أطر زمنية ذات مدى أطول.

وتعتبر الهند من الأمثلة العالمية في تطبيق معيار المراحل، ففي يناير 2013، قررت الحكومة الهندية تحرير أسعار الديزل بأسلوب تدريجي أو على مراحل، من خلال فرض 50 بيزة هندية للتر الواحد ترتفع بشكل طفيف كل شهر.

وفي سبتمبر 2014، كانت الحكومة الهندية  قادرة على إزالة الفجوة بين التكلفة المستوردة على الوقود وبين سعر بيع التجزئة. وفي أكتوبر 2014، رفعت الحكومة رسمياً الدعم عن الديزل بشكل كامل.

ومن الضروري، فتح قنوات النقاش العام وتبنّي الشفافية في الدراسات وتوفير الإطار الزمني للتكيف مع الأسعار الجديدة والقدرة على إدارة التأثير التضخمي تدريجياً يمكن التعامل معه بسهولة خلال مدة زمنية طويلة، بدلاً من تطبيق الأسعار المرتفعة الجديدة مرة واحدة.

back to top