أسعار النفط تهوي والأنظار تتجه صوب «أوبك»
رأى محللون أنه رغم وجود عوامل مؤثرة في السوق مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي، فإن تراجع أسعار النفط ليس له مبرر كبير مع قرار «أرامكو» خفض الفوارق للإمدادات للولايات المتحدة وزيادتها لآسيا في ديسمبر.
واصلت أسعار النفط تراجعها أمس، متأثرة بأنباء عن خفض السعودية لأسعار شحناتها للولايات المتحدة، وهبط برنت نحو 84 دولارا للبرميل في التعاملات الآسيوية، في الوقت ذاته وبحسب بيانات حديثة فقد عمق خام غرب تكساس خسائره أيضا بسعر أدنى منذ إغلاق يونيو 2012، كما انخفضت أسعار العقود الآجلة بنسبة 1.6 في المئة في نيويورك لليوم الرابع من الانخفاضات المتتالية.وبحسب محللين في شؤون النفط تحدثوا لـ»العربية نت» فإنه بالرغم من وجود عوامل مؤثرة في السوق مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي فإن تراجع الأسعار ليس له مبرر كبير مع قرار «ارامكو» بخفض الفوارق للامدادات للولايات المتحدة وزيادتها لآسيا في ديسمبر.
تفاعل إيجابيويؤكد المحلل وائل مهدي أن السوق كان يجب أن يتفاعل إيجابياً مع الاعلان السعودي عن أسعار الشحنات، خاصة وأن الانخفاض في برنت لا يعكس تحسن أوضاع الأساسيات في السوق. أما في أسعار نيويورك، فإن الهبوط لايزال له أسباب كثيرة منها تشبع السوق النفطي هناك بالنفط وهبوط أسعار الوقود.وقال: «المفترض أن يتفاعل سعر برنت ايجابا مع القرار السعودي فمن خلال رفع أسعارها لأوروبا، وآسيا قضت على كل الشكوك بوجوب حرب الأسعار، وهو للاسف ما لم يتفاعل معه السوق ايجابيا. وتساءل اذا لم تتفاعل الاسواق مع هذا الخبر مع فمتى يتفاعل؟».وقال ان «أن أسعار الوقود انخفضت بشكل كبير وهبطت تحت 3 دولارات للجالون وبالتالي كان يجب أن تحافظ أرامكو على هوامش ربح زبائنها من المصافي الاميركية عند مستوى معقول، حيث ان البديل للنفط السعودي جاهز وبكثرة هناك».وأوضح مهدي ان من الأسباب التي قد تدفع ارامكو الى خفض أسعارها لأميركا هو تحول خام غرب تكساس إلى «الكونتانقو» ليلحق في برنت الذي سبقه للكونتانقو، مضيفا ان التحول للكونتانقو يعني أيضا أن المعروض من النفط في السوق الأميركي أصبح أكثر من الطلب، وهذا يجعل تخفيض النفط السعودي حتميا.منظمة أوبكوفي ظل ذلك لا تبدو بوادر لمنظمة أوبك في خفض انتاجها، في وقت تسبب وفرة المعروض في الأسواق العالمية أمام طلب راكد في دفع الأسعار للهبوط بأكثر من 27 في المئة، عن ذروته هذا العام التي سجلها في يونيو.بدوره، علق الخبير في شؤون النفط كامل الحرمي لـ»العربية» حول خفض السعودية لاسعار النفط الخفيف لاميركا بالقول ان قرار السعودية فيه معادلة تعني تعزيز حصتها في السوق، والمملكة هي القادرة الوحيدة من الدول المنتجة التي تستطيع ان تبيع نفوطها بالسعر المناسب.وقال: «ليس هناك أي عضو في اوبك قادر على تلبية احتياجات السوق سوى السعودية التي سمحت لدول اخرى في المنظمة ايضا ببيع منتجاتها باسعار منافسة».الا أن الحرمي أبدى مخاوفه من استمرار تراجع الأسعار في ظل هرولة الصين للشراء، حيث بات مخزونها اليوم يمتلك كميات كبيرة، وقال: «نخشى ان تستخدم الصين احتياطها في السوق مستقبلا».دور التوازن وتساءل الحرمي حول مستقبل الأسعار، وماذا لو استمر هذا الانخفاض الى الربع الأول من العام القادم فهل هناك بدائل أمام «اوبك»؟ خصوصاً وأن النفط الصخري دخل لاعبا في السوق، فمن يلعب دور التوازن اذا عرفنا ايضا ان الانتاج المتزايد من خارج «أوبك» بات في ارتفاع مستمر.على صعيد متصل صرح وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي لـ»رويترز» امس «إن أوبك قلقة بشأن تراجع أسعار النفط لكن لا تشعر بالذعر إزاء الوضع».وردا على سؤال حول ما إذا كان قلقا بشأن نزول أسعار النفط مؤخرا وفقدها نحو ربع قيمتها منذ يونيو: «نعم نحن قلقون لكن لم يصبنا الذعر.» وامتنع الوزير عن التعليق عندما سئل حول ما إذا كانت «أوبك» تعتزم خفض الإنتاج في اجتماعها المقبل في 27 نوفمبر لدعم الأسعار. ومن المنتظر أن يكون اجتماع «أوبك» المقبل في فيينا أحد أهم اجتماعاتها في سنوات.لماذا تبدو «أوبك» مطمئنة رغم تواصل تراجع أسعار النفط؟على الرغم من التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط فإن متوسط سعر جالون البنزين في الولايات المتحدة انخفض دون ثلاثة دولارات لأول مرة في أربع سنوات، الأسبوع الماضي.وهو مرشح لمزيد من التراجع مع تواصل انخفاض أسعار النفط وارتفاع الدولار، فهل يشير ذلك إلى أن اجتماع «أوبك» سوف يسفر عن خفض حصص الإنتاج وعدم دعم تواجد وفرة الإمدادات داخل السوق العالمي؟ ومع تضرر العديد من الدول المعتمدة على النفط في تدبير إيراداتها وضبط ميزانياتها، فلماذا سمحت «أوبك» وأعضاؤها الكبار بتراجع الأسعار إلى ما دون 80 دولاراً؟ تجيب صحيفة «يو إس إيه توداي» عن ذلك: أن الأمر في غاية البساطة، حيث إن البدائل لدى الولايات المتحدة صارت أفضل كثيراً، بل صارت ثورة الغاز الصخري تمثل تهديداً للدول المنتجة في الشرق الأوسط. ومع تطور تقنيات التكسير الهيدروليكي، والتوقعات المتواترة باستقلالية الولايات المتحدة فيما يخص الطاقة في مدى زمني قريب «عام 2020» فهذا يعني تراجع الدور الذي تلعبه منطقة الشرق الأوسط في سوق الطاقة عالمياً.لكن في المقابل فإن مستثمري ثورة النفط الصخري يواجهون مشكلة أساسية حالياً تتمثل في ضرورة بقاء الأسعار فوق 85 دولاراً حتى يتواصل ضخ الاستثمارات في هذا القطاع. وهذا ما تراهن عليه «أوبك»، وتحديداً على لسان أمينها العام عبدالله البدري، الذي يرى أن بقاء الأسعار عند 85 دولاراً يعني خروج الكثير من الاستثمارات من السوق، حيث إن 65 في المئة من المنتجين يعانون ارتفاع التكاليف.هل نجحت استراتيجية كبار المنتجين؟عمدت السعودية أمس الأول إلى خفض سعر نفطها المورد لعملاء أميركيين، وهو ما زاد من الضغط على العقود الآجلة التي هبطت امس دون 78 دولاراً لخام «نايمكس»، ودون 84 دولاراً لخام «برنت».وأشارت شركة الاستشارات «فاكتس غلوبال إنرجي» أمس الاول الى أن أكبر المنتجين في منظمة «أوبك» لن تسمح بعودة أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل، ويجب أن تواصل الأسعار التراجع قبل أن تخفض السعودية إنتاجها اليومي. وبالفعل شهدت الأسعار أمس مزيدا من التراجع بعد أن حقق خام «نايمكس» أدنى إغلاق له منذ منتصف عام 2012 يوم أمس، مما يعني نجاح استراتيجية كبار منتجي «أوبك» حتى الآن في الضغط على الأسعار. وبهذا يتوازى تواصل انخفاض الأسعار مع حفاظ السعودية على زبائن آسيويين وأميركيين.وهذا بدوره يعني إمكانية توقع ما سيحدث في اجتماع «أوبك» يوم السابع والعشرين من الشهر الجاري، حيث سيكون من غير المرجح خفض الإنتاج عن مستوى 30 مليون برميل يومياً رغم مناداة بعض المحللين بضرورة تحرك «أوبك» للحفاظ على حصتها في السوق.(أرقام)