الذئاب تتعاون والكلاب تخضع

نشر في 31-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 31-08-2014 | 00:01
No Image Caption
توصلت خبيرتا علم النفس التعاوني فريدريك رانج وصوفيا فيراني إلى خلاصة مقلقة بالنسبة إلى محبي الكلاب.
يعتقد باحثون كثير أن الذئاب اختارت طبيعة تعاونية حين دجنها البشر، ما أدى إلى ظهور حيوانات لا تتردد في مساعدة الإنسان في القيام بعدد من المهام. ولكن عندما درست هاتان العالمتان من معهد ميسيرلي للأبحاث في جامعة الطب البيطري في فيينا كلاباً ومجموعات ذئاب رُبيت في المختبر، تبين لهما أن الذئاب كانت الأكثر تحملاً وتعاوناً.

في المقابل، شكّلت الكلاب سيطرة هرمية مباشرة صارمة تتطلب الخضوع من العناصر الأضعف، حسبما أوضحت رانج أخيراً خلال اجتماع جمعية السلوك الحيواني في جامعة برينستون. تعتقد رانج أن الذئاب التي تحوّلت إلى كلاب رُبيت لقدرتها على اتباع الأوامر ولتعتمد على أسيادها البشر.

طورت رانج وفيراني وصفهما الجديد للكلاب والذئاب باعتماد سلسلة من الاختبارات طبقتها على مجموعات مدجنة من الكلاب والذئاب الهجينة: أربع مجموعات من كل نوع، تحتوي كل منها من حيوانين إلى ستة حيوانات. ربت هاتان العالمتان كل الحيوانات مذ كان عمرها نحو 10 أيام في مركز علوم الذئاب في منتزه إرنستبرن للحيوانات في النمسا. فأقامتا معها طوال 24 ساعة يومياً إلى أن انضمت إلى حياة الجماعة، كي تعتاد بهذه الطريقة البشر.

جرأة وتحد

اختبرت رانج وزملاؤها مدى تحمل الكلاب والذئاب الأعضاء الآخرين خلال مواجهتها تحدي تناول الطعام. فقد وضعت الباحثتان كلباً يتمتع بمكانة عالية مع آخر أدنى مرتبة وأعطتهما طبق طعام واحداً. كررتا بعد ذلك التحدي ذاته مع ذئبين.

 ذكرت رانج خلال الاجتماع أن في كل من الزوجين، «احتكر الكلب الأعلى مكانة الطعام. ولكن في الاختبارات التي طُبقت على الذئاب، تمكن الحيوانان كلاهما من الحصول على الطعام بغض النظر عن مكانتهما»، فضلاً عن أنهما نجحا في المضغ في الوقت عينه. صحيح أن الذئاب الأكثر سيطرة «تصرفت أحياناً بعدائية طفيفة نحو الحيوانات الخاضعة لها. لكن الكلب الأدنى مكانة ما كان يتجرأ حتى «على تناول الطعام، عندما وُضع مع كلب أعلى مكانة، وفق رانج، التي تضيف: «لم تتجرأ على تحديها».

تغلبت الذئاب على الكلاب أيضاً في الاختبارات التي قيمت ما إذا كانت هذه الحيوانات تستطيع تتبع نظر أترابها للعثور على الطعام. تقول رانج: «أعربت عن تعاون كبير في ما بينها. وعندما نشب خلاف بينها أو كان عليها اتخاذ قرار كمجموعة، تواصلت في ما بينها أو «تحاورت» أولاً، إذا جاز التعبير». لكن الوضع اختلف مع مجموعات الكلاب في المركز لأنه مع أدنى تعدٍّ، كان الكلب الأعلى مكانة «يتصرف بعدائية» نحو الكلب الخاضع له.

علاقة هرمية

تعتقد رانج وفيراني أن العلاقة بين الكلاب والبشر هرمية مع أداء الإنسان دور الكلب الأكبر، لا تعاونية كما ضمن مجموعة الذئاب. لذلك من الضروري إعادة النظر في مفهوم «تعاون الكلب-الإنسان»، وفق راند، فضلاً عن «الفرضيات المطروحة عن أن تدجين الكلب عزز قدراته التعاونية». بدلاً من ذلك، ربى أسلافنا الكلاب للطاعة والاعتماد عليهم. توضح راند: «لا يتعلق هذا بهدف مشترك، بل بالحضور  معنا إنما من دون خلاف. نأمرها وهي تطيع».

يذكر جيمس سيربل، خبير متخصص في علم الأخلاق في جامعة بنسلفانيا: «هذا عمل ممتاز. لكنه لن يروق لمن يعملون على تدريب الكلاب. فلا تستطيع التحدث عن «السيطرة» أمامهم. فهل للسيطرة وجود كظاهرة بين الكلاب؟ من الواضح أن الجواب إيجابي». لكنه يشير إلى أن ثمة اختلاف بين الأنواع. على سبيل المثال، أظهرت الباحثتان أن كلاب البودل واللابرادور ريتريفر تصبح أكثر عدائية ضمن المجموعة، مقارنة بالملموت وكلاب الراعي الألمانية.

تؤكد مونيك أوديل، خبيرة متخصصة في السلوك الحيواني في جامعة ولاية أوريغون بكورفاليس، أن دراستها سلوك الكلاب والذئاب، التي عُرضت أيضاً خلال الاجتماع، تدعم فكرة رانج عن أن الكلاب تنتظر الأوامر. فبغية معرفة ما إذا كانت الكلاب «تحل المشاكل بمفردها»، قدمت لعشرين كلباً بالغاً (10 حيوانات أليفة و10 أخرى تعيش في ملجأ للحيوانات) حاويات مقفلة تحتوي على النقانق. وقد أعطي كل من هذه الحيوانات دقيقتين لفتحها. كذلك أعطيت عشرة ذئاب أمسك بها من البرية المهمة نفسها. لم يصب أي من الكلاب البالغة النجاح، حتى إن معظمها لم يحاول. في المقابل، تمكن ثمانية من الذئاب العشرة من فتح الحاوية في أقل من دقيقتين، شأنها في ذلك شأن جراء الكلاب، ما يدل على أن الكلاب تتمتع بالقدرة ذاتها على إنجاز المهام تماماً كالذئاب. لكن أوديل تضيف: «فيما تكبر الكلاب وتصبح أكثر اعتماداً على مالكها، تخسر هذا السلوك [المستقل]».

للتشديد على هذه النقطة، لاحظت أوديل أن الكلاب البالغة تستطيع فتح الحاوية في النهاية، عندما يأمرها مالكها بذلك. ذكرت خلال الاجتماع: {لأن الكلاب تقمع استقلالها، من الصعب معرفة ما هي قدراتها الطبيعية على حل المشاكل}.

back to top