الكركم يمحو الذكريات السيئة!

نشر في 17-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 17-01-2015 | 00:01
قد يسهم الكركم، مكون يُعرف أيضاً باسم الزعفران الهندي له تأثيرات تحمي من الأمراض العصبية التنكسية، ذات يوم في مساعدة مَن يعانون اضطراب ما بعد الصدمة في نسيان الذكريات السيئة، حسبما تشير دراسة جديدة أجريت على الجرذان ونُشرت في مجلة europsychopharmacology، ألقت عليها الضوء ماندي أوكلاندر في {تايم}.
تساءل الباحثون في كلية هانتر ومركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك عما إذا كان الكركم قادراً على مساعدة مَن يعانون اضطراب ما بعد الصدمة. لاختبار هذه الفكرة، أطعم الباحثون جرذاناً طعاماً عادياً أو كرات مطيبة بالكركم. عملوا بعد ذلك على إثارة خوف الجرذان من صوت محدد بإصدار هذا الصوت ومن ثم هز قائمتها. بعد عملية التخويف، انتزع الباحثون أدمغة الجرذان وحللوها. وفي أطر أخرى من التجربة، حاولوا دفع الجرذان إلى استرجاع ذكرى الخوف بإخضاعها لاختبارات استعادة الذكريات.

اكتشف الباحثون أن الجرذان التي تناولت الطعام المطيب بالكركم واجهت صعوبة أكبر في استرجاع ذكرى الخوف، ما يشير إلى أن هذا المكون يؤدي دوراً في إبعاد الذكريات السيئة.

يوضح الدكتور غلين شاف، باحث في الدراسة وبروفسور في قسم علم النفس في كلية هانتر: {منع الكركم بفاعلية ترسخ ذكرى الخوف. وكان تأثيره طويل الأمد. بدا لنا أن هذه البيانات مقنعة. فقد أظهرت أن الذكريات التي ضاعت ضاعت بشكل نهائي}.

لا يمكن بالتأكيد الاستناد إلى دراسات أجريت على الجرذان للتوصل إلى خلاصات في شأن البشر، إلا أن النتائج تبدو واعدة، حتى إن الباحثين يبحثون راهناً عن طريقة لاختبار هذا المكون على البشر.

لا يعلم الباحثون بعد الآلية وراء تأثير الكركم السحري في الذاكرة، إلا أن شاف يعتقد أن خصائصها المضادة للالتهاب تؤدي دوراً في ذلك. يؤثر الكركم في العمليات الخلوية في الدماغ، وينجح في استهداف الالتهاب بفاعلية، علماً أن رد الفعل هذا له علاقة بمجموعة واسعة من الأمراض القلبية الوعائية إلى الألزهايمر، حتى اضطراب ما بعد الصدمة، وفق هذا الباحث. يضيف شاف: {يتمتع الدماغ بجهازه المناعي الخاص. ونملك أسساً قوية للاعتقاد أن الكركم، الذي يُعتبر مكوناً طبيعياً مضاداً للالتهاب، يؤثر في هذه العمليات، التي تؤدي دوراً أيضاً في تشكل الذكريات، عندما يُضاف إلى الطعام}.

تمثل عملية ترسخ الذكريات مجالاً مهماً في علم النفس والطب النفسي في الوقت الراهن، وفق شاف: يسأل المعالج أحياناً المريض الذي يعاني ذكرى مؤلمة تذكرها، عملية تُضعف الذكرى وتزعزعها قبل ترسخها بشكل نهائي في الذاكرة. ولا شك في أن من المفيد استهداف هذه العملية بطعام مثل الكركم قد يكون مفيداً. يؤكد شاف: {ترتكز هذه الفكرة على واقع أن الكركم يؤثر في العمليات الخلوية في الدماغ التي تسهم في تخزين الذكرى في قسم الذكريات الطويلة الأمد}.

اعتمدت دراسة شاف التي أجريت على الجرذان على غرام من الكركم لكل كيلوغرام من وزن الجسم، ما يعني أن على الإنسان تناول 68 غراماً من الكركم كل يوم للإنسان العادي، إلا أن هذه الكمية تُعتبر كبيرة جداً حتى بالنسبة إلى محبي الكاري. استخدم الباحثون جرعة عالية إلى هذا الحد لأن الجسم لا يمتص الكركم بشكل جيد، وفق شاف، ما يشكل عقبة كبيرة في الوقت الراهن أمام هذا العلاج الطبيعي الواعد. صحيح أن طهو نبات الزعفران الهندي تبدو فكرة جيدة، إلا أننا بهذه الطريقة لا نحصل إلا على 3% من الكركم. لذلك يسأل شاف: {كيف نتمكن من جعل هذا المكون الذي يتمتع بخصائص طبية كبيرة يدخل جسم الإنسان بنسبة أكثر تركيزاً لإحداث فارق؟ سنعمل في المستقبل على الإجابة عن هذا السؤال}.

يأمل الباحث أن ينجح الباحثون ذات يوم في إجراء تعديل في جزيء الكركم، ما يجعل امتصاصه أسهل ويقلل من الجرعات الضرورية. يختم شاف: {لا شك في أن قدرتنا على إطعام الجرذان الكركم بجرعات كبيرة لا يمكن للإنسان بلوغها والتأثيرات التي يحدثها تؤكدان أن هذا المسعى يستحق العناء}.

back to top