مصمم ذكاء Google يصنع ذكاءً ثورياً جديداً

نشر في 23-04-2015 | 00:01
آخر تحديث 23-04-2015 | 00:01
No Image Caption
يخطط الرجل وراء الشركة الناشئة التي استحوذت عليها غوغل مقابل 650 مليون دولار لبناء ذكاء اصطناعي ثوري جديد. ما هو؟ الإجابة لدى {تكنولوجي ريفيو}.
بدأ ديميس هاسابيس لعب الشطرنج في سن الرابعة، وسرعان ما اتضح أنه ولد نابغة. في سن الثمانية، قاده النجاح في لعب الشطرنج إلى التفكير في سؤالين يشغلان باله منذ ذلك الحين: أولاً، كيف يتعلم الدماغ إتقان المهام المعقدة؟ وثانياً، هل تستطيع الكمبيوترات القيام بالمثل؟

يصب هاسابيس (38 سنة) اليوم اهتمامه على أسئلة غوغل، بعدما باع شركته الناشئة التي لا تتمتع بشهرة كبيرة في لندن، DeepMind Technologies، لشركة الأبحاث هذه السنة الماضية لقاء 400 مليون جنيه إسترليني (650 مليون دولار آنذاك)، حسبما تشير التقارير. ضمت غوغل DeepMind بعدما قدَّمت أدلة على أن برنامجها الإلكتروني قادر على تعليم نفسه لعب ألعاب فيديو كلاسيكية بذكاء خارق. وفي مؤتمر {تيد} في فانكوفر هذه السنة، مدح مدير غوغل التنفيذي لاري بايج هاسابيس ودعا تكنولوجيا شركته {إحدى أهم الابتكارات التي صادفتها منذ زمن}.

قد تحسن تكنولوجيا DeepMind بعض منتجات غوغل الحالية. ولكن إذا طوَّرت هذه التكنولوجيا أكثر، فقد تبدل دور الكمبيوتر في مجالات كثيرة. لا شك في أن بناء كمبيوتر يستطيع التعلم عندما يواجه أي مشكلة تقريباً يسهم في حل بعض مشاكل العالم الأكثر تعقيداً، وفق هاسابيس. ويضيف: {ثمة أحتمال كبير أن يعود الذكاء الاصطناعي بفائدة كبرى على البشرية. فقد يسرّع التقدم نحو إيجاد علاجات للأمراض، فضلاً عن تلك المجالات كافة التي نحقق فيها تقدماً بطيئاً في الوقت الراهن}.

ثلاث مهن

بفضل سعيه إلى فهم الذكاء وابتكاره، تنقل هاسابيس في ثلاث مهن: مطور ألعاب، عالم أعصاب، واليوم مقاول في مجال الذكاء الاصطناعي. ففي سن السابعة عشرة، قاد تطوير لعبة التحفيز الكلاسيكية Theme Park التي صدرت عام 1994. ثم واصل تعليمه ليحصل على شهادة في علوم الكمبيوتر من جامعة كامبريدج، ثم أسس شركة الألعاب الناجحة الخاصة به عام 1998. لكن الحاجة إلى بناء ألعاب كمبيوتر ناجحة حدت من الوقت الذي استطاع هاسابيس تخصيصه لهدفه الحقيقي في الحياة. يخبر: {ظننت أن الوقت قد حان لأقوم بأمر يركز على الذكاء}.

لذلك بدأ هاسابيس عام 2005 تحضير رسالة دكتوراه في علم الأعصاب في جامعة لندن، وهو يأمل أن تقدم له دراسة الأدمغة الحقيقية أدلة قد تساعده في مجال الذكاء الاصطناعي. قرر دراسة الحصين، جزء من الدماغ يدعم الذاكرة والتنقل المكاني ولا يزال مجهولاً نسبياً.

وسرعان ما خلف بصمته في هذا المجال. ففي دراسة أعدت عام 2007 واعتبرتها مجالة Science {إنجاز العام}، أظهر أن خمسة مرضى يعانون فقدان الذكارة بسبب ضرر في الحصين واجهوا صعوبة في تخيل حوادث مستقبلية. ويعني ذلك أن جزءاً من الدماغ كان يُعتقد سابقاً أنه يرتبط بالماضي يحمل أهمية كبرى في التخطيط للمستقبل.

شكَّلت فكرة أن الذاكرة والتخطيط للمستقبل متشابكان أمراً حمله معه إلى مغامرته التالية. ففي عام 2011، تخلى عن حياته كباحث دراسات عليا ليؤسس DeepMind التي كان هدفها المعلن {حل لغز الذكاء الاصطناعي}. فاستخدمت الشركة باحثين بارزين في مجال تعلم الآلات وجذبت مستثمرين بالغي الأهمية، بمن فيهم صندوق بيتر ثيال لمؤسسي الشركات وإلون ماسك، مؤسس Telsa وSpaceX. لكن DeepMind لم تبرز حتى ديسمبر عام 2013، عندما قدمت أداء مميزاً في مؤتمر أبحاث بارز حول تعلم الآلات. ففي كازينو هارا على ضفاف بحيرة تاهو، قدّم باحثو DeepMind برنامجاً إلكترونياً تعلم لعب ثلاث ألعاب أتاري كلاسيكية (Pong، Breakout، وEnduro) أفضل من الخبراء البشر. زوّد البرنامج بقدرة على ولوج أدوات التحكم والعرض، معرفة النتائج، وميل إلى جعل هذه النتائج على أعلى مستوى ممكن. وهكذا تحول هذا البرنامج إلى خبير في هذه الألعاب من خلال التجربة والخطأ.

استغلت DeepMind تقنية جديدة رائجة لتعلّم الآلات تُدعى {التعلم العميق} وتشمل معالجة البيانات من خلال شبكات من الخلايا العصبية المحفزة بقوة. إلا أن DeepMind جمعت بين التعلم العميف وحيل أخرى لتحقيق مسائل ما من خلال مستوى ذكاء غير متوقع.

يذكر ستوارت راسل، بروفسور وخبير متخصص في الذكاء الاصطناعي في جامعة كاليفورنيا ببركلي: {صُدم الناس قليلاً لأنهم لم يتوقعوا أن ننجح في تحقيق أمر مماثل في هذه المرحلة من التكنولوجيا}.

استخدمت DeepMind بالتحديد تقنية تُدعى التعلم المعَزز استوحيت من عمل عالم نفس الحيوانات أمثال ب. ف. سكينر. فقاد هذا العمل إلى برنامج يتعلم بالعمل وتلقي ردود الفعل تجاه نتائج هذا العمل. حاول باحثو الذكاء الاصطناعي الاستفادة من التعلم المعزّز طوال عقود. ولكن قبل نموذج الأتاري الذي أعدته DeepMind، ما كان أحد قد طور نظاماً قادراً على تعلم أمر معقد بقدر المشاركة في لعبة كمبيوتر. ومن أسباب نجاح هذه الخطوة حيلة مستعارة من منطقة الدماغ المفضلة عند هاسابيس. يشمل جزء من عملية التعلم في برنامج تعلم الأتاري استرجاع تجاربه السابقة مراراً، محاولاً تحديد التلميحات الأدق إلى ما عليه فعله في المستقبل. يوضح هاسابيس: {نعرف جيداً أن الدماغ يقوم بأمر مماثل. فعندما تخلد إلى النوم، يعيد الحصين عرض ذكريات اليوم في القشرة}.

بعد أكثر من سنة، ما زال راسل وباحثون آخرون حائرين يتساءلون كيف أدت هذه الحيلة وغيرها إلى هذه النتائج المذهلة وما المجالات الأخرى التي يمكنهم استغلالها فيها. لكن غوغل أدركت بسرعة أهمية هذه التكنولوجيا، معلنة بعد شهر من عرض تاهو أنها اشترت الشركة.

«علماء ذكاء اصطناعي»

يقود هاسابيس اليوم ما يُدعى Google DeepMind. كانت هذه المجموعة تتألف من 75 موظفاً حين انضمت إلى غوغل، وكان نحو ثلاثة أرباع أعضائها يعملون على أبحاث أساسية. أما الباقي، فشكلوا {فريق أبحاث تطبيقية} يبحث عن فرصاً لتطبيق تقنيات DeepMind على منتجات غوغل الحالية. بالإضافة إلى ذلك، يحلم هاسابيس بابتكار {علماء ذكاء اصطناعي} يستطيعون القيام بأمور مثل طرح فرضيات جديدة بشأن الأمراض وإجراء التجارب عليها في المختبر. وعند سؤاله عن هذه المسألة، يجيب أن برنامج DeepMind قد يكون مفيداً أيضاً في الرجال الآليين، مجال خصصت له غوغل أخيراً استثمارات هائلة. ويضيف: {من الأسباب التي تُظهر لمَ لا نملك عدداً أكبر من الآليين الذين يستطيعون القيام بعدد أكبر من المهام المفيدة المبرمجة سابقاً. لا يجيد الآليون التعاطي مع غير المتوقع أو تعلم مسائل جديدة}.

قد يعود تردد هاسابيس في الكلام عن التطبيقات إلى خجله، أو ربما لا يزال باحثوه في المراحل الأولى لفهم كيفية تطوير برنامج الذكاء الاصطناعي الذي ابتكرته شركته. ولكن من المؤشرات القوية إلى أن هاسابيس يتوقع تحقيق تقدم سريع نحو شكل جديد وقوي من الذكاء الاصطناعي واقع أنه يشارك في مجلس يُعنى بالقيم والأخلاق بغية تحديد الأوجه السلبية المحتملة لتطوير الذكاء الاصطناعي. يقول هاسابيس ضاحكاً: {هذه مسألة من الضروري أن ندركها نحن وغيرنا من العاملين في غوغل. لكننا لا نزال نتسلى بلعب الأتاري راهناً. إلا أننا بدأنا نصعد الدرجات الأولى من السلم}.

back to top