المشروبات الرياضية... تحت المجهر
يتناول الرياضيون المحترفون المشروبات الرياضية ليتمكنوا من بلوغ مستويات أداء أعلى. ولكن بالنسبة إلى الشباب العاديين، قد تجعلهم هذه {المشروبات الصحية} يبلغون مستويات أعلى على الميزان.
تشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة Obesity إلى أن الشبان الذين يتناولون مشروباً رياضياً واحداً أو أكثر كل يوم يكسبون مزيداً من الوزن خلال ثلاث سنوات، مقارنة بزملائهم في الصف الذين يتناولون مشروبات أخرى.توضح نانسي رورير، باحثة في مجال عملية الأيض خلال التمرن من جامعة أوتاغو في دونيدين بنيوزيلندا لم تشارك في الدراسة: {لا تقتصر هذه المشكلة على الأولاد، فبالغون كثر يستهلكون هذه المشروبات، مع أنهم لا يحتاجون إليها. لكن بما أن المشروبات الرياضية تعود بالفائدة على مَن يتبع نمط حياة كثير النشاط، أعتقد أنها باتت تُعتبر بديلاً صحياً، إلا أن هذا سوء فهم على الأرجح}.
ترطيب الأجسامصُممت المشروبات الرياضية لتعيد ترطيب أجسام الرياضين الذين يمارسون تمارين قاسية وتستبدل الأملاح والسكريات التي يستخدمونها أو يخسرونها خلال التمرن. فتعيد كمية السكر في المشروبات الرياضية ملء مخزون الجسم من الطاقة في العضلات والكبد، لأنها تُستنفد خلال التمارين القاسية. أما الملح، فيعوّض الصوديوم الذي يفقده الرياضي من خلال التعرق، علماً أن هذين المكونين كليهما يساعدان الخلايا في الأمعاء على امتصاص السوائل بسرعة أكبر من الماء وحده. وهكذا يستطيع الرياضي إعادة ترتطيب جسمه والتعافي بسرعة أكبر.صحيح أن الشخص العادي يحصل على كمية كافية من السعرات الحرارية من الوجبات، إلا أن الرياضيين المحترفين، مثل المتسابقين في بطولة فرنسا للدراجات، يواجهون صعوبة في استهلاك كميات كافية من الطاقة، من خلال الطعام الصلب، تعيد دعم عضلاتهم طوال الكيلومترات الطويلة التي تكثر فيها التلال الصعبة، وفق رورير. ولا شك في أن الرياضيين الذين يستهلكون كميات كبيرة من الماء خلال مسابقات مماثلة يعرّضون أنفسهم لخطر نقص صوديوم الدم المميت (حالة تتراجع فيها كمية الصوديوم في الدم مع العجز عن التخلص من فائض الماء). لذلك تستطيع المشروبات الرياضية تحسين أداء الرياضي في حالات مماثلة.تقول أليسون فيلد، باحثة مشرفة على الدراسة وعالمة أوبئة في كلية الطب في جامعة هارفارد في بوسطن بماساتشوستس: {طُوِّرت هذه المشروبات لأناس يقومون بما لا يقل عن 60 دقيقة من النشاط المستمر في الحر الشديد. لذلك فكر في تمارين كرة القدم في فلوريدا خلال فصل الصيف}.مسافات طويلةتمارس فيلد أيضاً رياضة الركض مسافات طويلة وتقرّ بأنها تتناول أحياناً مشروبات رياضية، غير أنها لا تقوم بذلك إلا إذا ركضت طوال ساعة على الأقل. وتكفيها زجاجة تحتوي لتراً من هذه المشروبات طوال مارثون بأكمله، وتستعين معها بالماء وجيل الطاقة.من المؤكد أن الناس يحتاجون إلى إعادة ترطيب جسمهم خلال التمارين، وخصوصاً عندما يتعرقون بكثرة. ولتفادي الإصابة بالجفاف، تنصح الكلية الأميركية للطب الرياضي بأن يشرب الرياضيون ما يكفي من السوائل كي لا يفقدوا أكثر من 2% من وزن جسمهم. لذلك، إذا كنت تتمرن للمتعة أو خسارة الوزن، يُعتبر الماء مناسباً لإعادة ترطيب الجسم. وتؤيد رورير وفيلد كلتاهما هذا الرأي. ارتفع استهلاك المشروبات الرياضية في الولايات المتحدة. صحيح أن المشروبات الغازية العادية لا تزال المشروب الأكثر شعبية، إلا أن مبيعاتها تراجعت خلال العقد الماضي. فقد كشفت إحدى الدراسات أن واحداً من كل أربعة مشروبات يستهلكها الشبان يكون مشروباً رياضياً. لاقت المشروبات الغازية وغيرها من المشروبات المثقلة بالسكر اهتماماً متزايداً بسبب ارتباطها باكتساب الوزن والسمنة بين الشبان البالغين. إلا أن تأثير المشروبات الرياضية في الوزن لم يُدرس بعد.حللت فيلد وزملاؤها بيانات {دراسة الترعرع اليوم في جزءها الثاني}، التي تتناول عادات الأكل والتمرن لدى الأولاد بين سن التاسعة والرابعة عشرة. بدأت هذه الدراسة عام 2004. واعتاد الباحثون إرسال استبانات متابعة كل سنتين إلى ثلاث سنوات.في حالة كل مشارك، احتسب الباحثون مؤشر كتلة الجسم، الذي يقدّر نسبة الدهون في الجسم بالاستناد إلى طول الشخص ووزنه، ثم قارنوه بعادات شربه. فاكتشفوا أن مقابل كل مشروب رياضي يستهلكه المراهق كل يوم، يكتسب 0.3 وحدة في مؤشر كتلة الجسم على مدى ثلاث سنوات. وتعادل زيادة الوزن هذه نحو نصف كيلوغرام إلى كيلوغرام واحد لكل مشروب في حالة المراهق العادي.قد يبدو هذا الارتفاع الصغير على الميزان غير ذي أهمية، لكن هذه الزيادة تُضاف إلى الوزن المكتسب بسبب خيارات الطعام والشرب الأخرى. فتُعتبر زيادة الوزن هذه مقلقة على وجه الخصوص في حالة كثير من المراهقين الذين يعانون أساساً زيادة في الوزن أو السمنة. تشير فيلد: {يفترض الناس أن المشروبات الرياضية خيار أفضل من المشروبات الغازية، أو أنها جزء صحي من حياة الإنسان}. وتقر بإبداع حملات التسويق المبتكرة التي تقوم بها شركات تصنيع هذه المشروبات. وتضيف: {نجحت هذه الشركات في الجمع بين صورة المشروبات الرياضية ونمط الحياة الصحية والرياضيين المحترفين}.مصدر للسكّرإذا قارنا الكمية ذاتها من المشروبات الغازية والرياضية، نلاحظ أن المشروبات الرياضية تحتوي مقداراً أقل من السكر. ولكن عندما تُوَضب في عبوات أكبر تحتوي حصصاً عدة، تقدم لمستهلكها كمية كبيرة من السكّر.تذكر رورير: «لا تختلف هذه المشروبات كثيراً عن أي مصدر آخر للسكر». رغم ذلك، تكره تشويش صورة المشروبات الرياضية. توضح: «يمكننا تعزيز أداء الرياضي وقدرته على التحمل بإعطائه القليل من السكريات والسوائل الإضافية». لكنها تصر على ضرورة تخصيص هذه المشروبات للتمارين الطويلة العالية الحدية.تقدّر إحدى الدراسات أن 8% فقط من الشبان يتمرنون ما لا يقل عن 60 دقيقة كل يوم، ما يُظهر أن عدد الطلاب الذين يحتاجون مشروبات رياضية بانتظام منخفض.بالإضافة إلى ذلك، تحتوي زجاجة مشروبات غازية سعتها لتر ثلث المعدل اليومي الموصى به من الصوديوم. ولكن بما أن الصوديوم (يُستهلك غالباً على شكل ملح) كثير الاستعمال في الحساء المعلب وغيره من المأكولات المعالجة، يتناول معظم الأميركيين كمية مفرطة منه. ولكن في بعض الحالات، ارتبط فائض الصوديوم بارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتات الدماغية.عام 2006، وافقت الجمعية الأميركية للمشروبات على التوقف عن بيع المشروبات الغازية العادية في المدارس. لكن المشروبات الغازية الدايت والماء المنكّه والمشروبات الرياضية لا تزال متوافرة في آلات البيع. وخلال السنة المقبلة، ستطرح وزارة الزراعة الأميركية تنظيماتها بشأن الوجبات الخفيفة الذكية في المدارس، ما يحدّ من كمية السعرات الحرارية المسموح بها في خيارات المشروبات المتوافرة في المدارس. ولا شك في أن هذه الخطوة ستلغي الكثير من المشروبات الرياضية.تقول فيلد: {في العالم المثالي، ينتقل الجميع إلى شرب الماء، لكن هذا بعيد الاحتمال}.