العراق: غياب السُّنَّة يعكر «فرحة» تكريت

نشر في 04-04-2015 | 00:06
آخر تحديث 04-04-2015 | 00:06
No Image Caption
بالنسبة إلى عراقيين كثيرين فإن استعادة تكريت من «داعش»، تشبه سقوطها بيده. فحتى الآن لم يفهم الناس كيف تبخرت القوات العراقية الصيف الماضي وسلمت عشرات المدن إلى المتشددين. واليوم لم يفهم الناس بشكل كافٍ كيف تبخر «داعش» من تكريت في الأسبوع الأخير، وتوقف عن المقاومة بمجرد بدء الطلعات الجوية الأميركية، بحيث لم يسجل حتى هجوم انتحاري في آخر ثلاثة أو أربعة أيام، ضد القوات العراقية المتقدمة نحو المدينة.

لكن هذا الغموض جزء من التعقيد السياسي الذي كشفته عملية تكريت، سواء في العلاقة بين العراقيين وواشنطن، أو دور طهران المثير للجدل، أو غياب السنة العراقيين عن عملية تحرير مدينتهم، رغم مشاركة بضع مئات من عشائر مقربة من الحكومة.

وتمثل معركة تكريت أول عملية تحرير لمدينة سنية كبيرة نسبياً، وغير مختلطة طائفياً وقومياً، ولذلك اعتبرها مراقبون اختباراً أساسياً لمرحلة ما بعد «داعش»، ولصيغة الإدارة وبسط الأمن في المحافظات السنية لاحقاً. وأبرز نتيجة لهذا الاختبار أن سنة العراق سياسياً وعسكرياً، كانوا غائبين عن المعركة، أي أن الشيعة المهيمنين على السلطة لم يتمكنوا من بناء ثقة كافية تسمح فعلياً بالتشارك في السلاح والدم، وأن الحديث عن هذا لم يتجاوز الأقوال.

وحتى بالنسبة إلى من يتساءلون: ماذا يضير السنة لو تحررت مدنهم بتضحيات شيعية خالصة؟ فإن سؤال الإدارة والأمن للمناطق المحررة يظل بلا إجابة، فهل ستدار تكريت أمنياً وعسكرياً، من قبل الميليشيات الشيعية التي حررتها، وحينئذٍ يمكن أن ننتظر اعتراضاً سنياً مسلحاً جديداً؟ أم أن هناك إذعاناً بضرورة منح السنة قوة دفاع ذاتي تحمي مدنهم، بصيغة «الحرس الوطني» المعروفة والمعروضة على البرلمان؟ وإذا كان هذا ممكناً فلماذا لم يجر منح السنة هذه القوة ليشاركوا في تحرير مدنهم؟ وإذا أمكن للعراقيين تأجيل هذه الأسئلة في معارك تكريت وحتى الأنبار غرباً، فليس بإمكانهم التهرب منها في معركة الموصل أكبر المدن السنية في البلاد، والتي سيحين أوانها خلال أسابيع.

وهناك من يلفت إلى أن الدور الإيراني كان كبيراً في معركة تكريت، بحيث لم يسمح بإشراك السنة ولا التحالف الدولي خلال الأسبوعين الأولين، وإذا عاد الدور الإيراني إلى حجمه الطبيعي؛ مجرد تنسيق وإسناد لا قيادة، فإن الخيارات ستعود إلى ترتيب التفاهم مع السنة، وبرعاية التحالف الذي تقوده واشنطن. ويرى هؤلاء أن توقيع اتفاق الإطار النووي بين إيران والقوى العظمى، سيمنح واشنطن مرونة أكبر في صوغ وضع سنة العراق سياسياً وأمنياً، وأن طهران ستضطر إلى إبداء مرونة.

وحتى ذلك الوقت، فإن التعقيدات التي كشفتها المعارك الأخيرة، لاتزال تعكر صفو الفرح الواضح الذي شعر به ملايين العراقيين بعد طرد «داعش» من تكريت.

back to top