مواطنون يدعون إلى اقتصاد نظيف

نشر في 08-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 08-06-2015 | 00:01
 مونيكا أرايا خلال السنوات العشرين الماضية تم اتخاذ القرارات المتعلقة بالبيئة والطاقة والمناخ خلف أبواب مغلقة، وبدون مشاركة تذكر من الناس الذين سوف يكونون أكثر المتأثرين بنتائج تلك المفاوضات، لقد تأثر تشكيل السياسات بالاعتبارات التكنوقراطية التي تجاهلت أولويات السكان العاديين أو كانت غير مهتمة بها، وكنتيجة لذلك عادة ما يتم التضحية بالهواء النظيف والطاقة المتجددة والمساحات الخضراء لأن نظرية التشريعات الصديقة للبيئة تزيد النفقات وتزيد البيروقراطية للشركات؛ مما يعني إلحاق الضرر بالاقتصاد في نهاية المطاف.

فالأخبار الطيبة تتمثل بنشوء نموذج جديد من المشاركة الشعبية، وخصوصا في الدول النامية مع مشاركة أصوات وأفكار جديدة في المناقشات القائمة، فالمواطنون حول العالم يطالبون حكوماتهم بالاستماع إليهم فيما يتعلق بالقضايا البيئية وأن تضع احتياجاتهم وأولوياتهم في المقدمة.

لقد اتسم الجدل القائم حول النشاط البيئي في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا لسنوات عدة بالتركيز على المبادئ المجردة والصراع السياسي، وإلى حد ما كان ذلك مفهوماً، فقد كانت المعارضة للنشاط البيئي– من صناعة الوقود الأحفوري والأحزاب السياسية وبعض أجزاء الصحافة- قوية للغاية.

لكن النتيجة كانت عبارة عن نقاش بعيد جداً عن القضايا التي تهم المواطنين العاديين، وبدلاً من مناقشة كيف أن النقل العام غير الفعال والهواء الملوث يجعلان الحياة أسوأ لمليارات الناس، تركز الحديث على مقايضة تخفيض الكربون بحوافز اقتصادية ومسارات الانبعاثات والتصنيع في الصين.

لحسن الحظ فقد تم جعل المناقشات مرة أخرى قريبة من فهم المواطن العادي، ففي خلال أقل من 35 سنة سوف يعيش نحو 66% من سكان العالم في المدن، علما أن جزءا كبيرا من هذا النمو الحضري سوف يحصل في الدول النامية وخصوصا في إفريقيا، أما أميركا اللاتينية فيعيش نحو 80% من الناس فعليا في مراكز حضرية.

بالنسبة إلى سكان المدن فإن البيئة يمكن أن تشكل أولوية وجودية، فلو استمر الجفاف في تهديد إمدادات المياه لساو باولو على سبيل المثال فإن أكبر مدينة في أميركا اللاتينية من حيث تعداد السكان ستكون معرضة للفشل الحضري. إن هذه الأزمة وغيرها من الأزمات المشابهة تمنح المواطنين الفرصة للسيطرة على الموقف، وإيجاد حلول مبتكرة يمكن أن تلهم الآخرين.

عندما تسأل الحكومات الوطنية والمجالس البلدية الناس عن أولوياتهم وحاجاتهم فإن الجواب واضح، وما قامت به الحكومة التشيلية يعتبر سابقة في المنطقة، وذلك عندما قامت وبشكل دقيق بتحديد أولويات المواطنين المتعلقة بالبيئة والمناخ، وطبقاً لاستطلاع للرأي أجرته الحكومة فإن تلوث الهواء هو الأولوية البيئية الأهم بالنسبة إلى التشيليين (33%) يليها النفايات (21%) والضجيج (11%).

ويعتقد الكوستاريكيون كذلك أن التلوث الهوائي هو أهم أولوية بيئية (22%) يليها النفايات 020%) والمياه (17%) طبقا لاستطلاع أجراه برنامج الأمم المتحدة للتنمية، وفي الصين فإن الحماية البيئية قد أصبحت بشكل متزايد من أهم مخاوف المواطنين، ومن الأدلة على ذلك الفيلم الذي أنتجه أحد الصحافيين على نفقته الخاصة والمتعلق بتلوث الهواء، حيث اجتذب هذا الفيلم 200 مليون مشاهد في أسبوع واحد، وفي عالمنا اليوم فإن الناس يتوقعون من بلدانهم ومدنهم أن تمنحهم ما هو أكبر من النمو ومراكز التسوق.

لقد أظهر استطلاع أجراه بنك التنمية لأميركا أن 5000 مواطن في بوغوتا وبيونيس أيرس وليما ومكسيكو سيتي وساو باولو يريدون المزيد من الشفافية من الحكومة المحلية، والمزيد من المشاركة في عملية صنع القرار ونوعية حياة أفضل. هذا الاستطلاع بالإضافة إلى استطلاعي تشيلي وكوستاريكا كلها تظهر أن المواطنين يدركون أن التغير المناخي سيؤثر عليهم، وهم يريدون الحكومات أن تفعل المزيد في مجال حماية البيئة بدلا من أن تقلل من عملها في هذا الخصوص. وبينما نحن نطور فهما أفضل لاحتياجات الناس العاديين وأولوياتهم، فإن أولئك الذين يتفاوضون للتوصل إلى اتفاقية عالمية في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في باريس في وقت لاحق من العام يجب أن يكونوا من الحكمة بحيث يضعون ذلك بعين الاعتبار، فالقرارات المبهمة والأولويات التي لا تفسير لها من غير المرجح أن تحصل على دعم شعبي؛ ولهذا السبب فقط فإن جعل الحكومات مخاوف مواطنيها على قمة الأولويات من العوامل الحاسمة.

إن ما قامت به الحكومة التشيلية يعتبر سابقة إيجابية في العالم النامي، وذلك عن طريق إجراء مشاورات مكثفة فيما يتعلق بالتزامها الوطني الخاص بالمناخ لمؤتمر باريس كما قامت المكسيك والبرازيل بإطلاق عمليات تشاور رسمية أيضا، ومن الممكن أن تعمل بلدان أخرى في المنطقة الشيء نفسه.

إن على السياسيين على المستوى المحلي والوطني الآن وبشكل متزايد تطبيق معايير أعلى من الحماية البيئية، وإن حقبة جديدة من المشاركة الشعبية والتدقيق الشعبي قد بدأت؛ مما يخلق الفرص لعمل بيئي شامل، ويعد بتحقيق أكثر مما يمكن أن تحققه النخبة المجتمعة خلف الأبواب المغلقة.

*  المؤسسة والمديرة التنفيذية لنفيلا، كما تقود مجموعة السكان "كوستاريكا ليمبيا".

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top