توثيق تراث الواحات البحرية في مصر

نشر في 01-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 01-12-2014 | 00:01
في أعلى جبل في الواحات البحرية المصرية، أقام الفنان التشكيلي محمود عيد متحفاً خاصاً يضمّ أدوات وتماثيل منحوتة توثّق لتراث الواحة بما يحفظ عاداتها وتقاليدها من الاندثار. ويعد المتحف خطوة فنية مبتكرة لجذب الأنظار إلى الواحة المنسية وإظهار أعمال فنانيها ومبدعيها.
 أطلق محمود عيد على متحفه اسم {متحف تراث الواحة}، استهله بغرفة، وعندما وجد إقبالاً كبيراً من الزوار عليها قرَّر العمل على توسيع المساحة لتصل إلى 15 غرفة تحكي تاريخ الواحة التي تضم 12 قرية، تتحدث لغات مختلفة.

استغرق إعداد المتحف وتجهيزه سنة ونصف السنة، وبدأت النواة الأولى في عام 1995. استعان عيد برمال الصحراء والطين الطفلي وسعف النخيل كمكونات أساسية في التماثيل والأعمال الفنية التي صنعها، إيماناً بمقولة المهندس المعماري حسن فتحي: {لو كنت في الصحراء سأقيم بيوتها من الطوب الطفلي ولو في القرية أبني بالطمي}، وأكد ضرر المباني الأسمنتية التي قضت على بكارة الواحة في الصحراء، على عكس الطينية التي تمنع الحشرات والزواحف والتلوث، لذا يشعر بحزن شديد مع تعرض البيوت المبنية بالطوب اللبن للاندثار.

وعن كيفية الإلمام بتاريخ الواحة لتوثيقه فنياً، أكد عيد أنه جلس مع الكبار والمعمرين من أبناء الواحة الذين اقتربوا من المئة عام أو تجاوزوها، منهم أصحاب التجاعيد نظراً إلى تأثرهم بالصحراء وعوامل التعرية، مشيراً إلى أن هذا سبب اختلاف رجل الواحة عن قرينه في المدينة، حيث تكسو وجهه التجاعيد تأثراً بالصحراء والتعرية.

وسرد هؤلاء المعمرون تاريخ الواحة وعاداتها، وتقاليدها التي يتمسكون بها، تلك الواحة المكونة من خمس عائلات كبيرة: عائلتان من ليبيا، وواحدة من بلاد الحبشة حيث كانت الحدود مفتوحة بين مصر والسودان، وأخرى من تركيا، بخلاف من أتوا من أصل فرعوني وروماني.

قدم عيد تماثيل لبعض الشخصيات الشهيرة في الواحة، من أبرزها الحلاق أحمد أبوقذافي، الذي تُوفي منذ عشر سنوات عن عمر 105 أعوام، كذلك جسَّد {الكي بالنار}، الذي كان يقوم به جده محمد علي موسى، الذي عمل كطبيب روماتيزم، وكان يسخن المسمار على رواسب المواشي ثم يكوي الألم. ووضع أيضاً تمثالاً آخر للحجامة، وسهرة {حراسية} عبارة عن جلسة سمر فيها أصدقاء يجلسون خلال رحلة في البرجول البدوي، يعزفون على آلات موسيقية في الصحراء، إضافة إلى الحاجة علية التي تخض اللبن بجلد الماعز أو الخراف لتصنع منه قربة وتخرج منها الجبن والسمن.

لم ينس عيد الحاجة عيشة وهي تعمل في غرفة الخبز في الفرن الشمسي، ذلك الذي يختلف عن الفرن الشمسي في الصعيد، حيث تصنع الخبز ثم تضعه في الشمس وتدخله إلى الفرن عندما يختمَّر. للبئر أيضاً مكان أساسي في المتحف، فقد أشار عيد إلى أن كل شخص في الواحة كان يملك بئراً في منزله على عمق مختلف حسب المنزل، يستخرج الماء  من خلال {البوشة} أو {البقلي} وهو إناء من الفخار، بالإضافة إلى عصارة الزيتون، الجلباب الخاص بالمرأة الواحية، جلباب العروس التي تصنعه خلال خمسة أشهر لترتديه يوم الزفاف.

قدَّم الفنان أيضاً لوحات من الرمل والطين لمجموعة من البيوت المتجاورة في ارتفاعات مختلفة  لحارة {السيوية} والدراية وهي بداية الواحة، ويستعد عيد راهناً لإصدار كتابه الذي يتضمن أعماله ومتحفه الخاص عن الواحة.

back to top