الموقف من الاتفاقية الأمنية الخليجية

قبل إنشاء منظومة دول مجلس التعاون الخليجية كانت دول المنطقة الخليجية أشد تماسكاً، وجاءت تلك المنظومة لتزيد وحدة التماسك والتآزر وتوحيد الآراء؛ نظراً للمصير المشترك الذي يجمع دول المجلس، ومقالتنا هذه المرة عن الاتفاقية الأمنية الخليجية التي يُفتح باب النقاش حولها ما بين فترة وأخرى.

 ونحن، ككويتيين، وإن كنا نتفق مع التعاون الخليجي من أجل حماية تلك المنظومة من الأعمال الإرهابية؛ لأن أي خطر يهدد أي دولة خليجية إنما هو خطر يهدد المنطقة الخليجية كلها، فإن علينا في الوقت نفسه أن نحافظ على هويتنا الديمقراطية، بحيث لا تتعدى الاتفاقية الأمنية على المكتسبات التي أعطاها الدستور الكويتي للمواطنين في ما يتعلق بالحريات.

 فدولة الكويت سبقت الدول المجاورة في تأصيل ديمقراطيتها وتأسيس دستورها؛ مما أنتج مجتمعاً كويتياً ديمقراطياً وسياسياً، وهذا الأمر بحد ذاته يستلزم أن تكون هناك وقفة قبل إقرار الكويت الاتفاقية الأمنية الخليجية؛ لأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تُجمّد بعض مواد الدستور الكويتي المتعلقة بالحريات من أجل إقرار تلك الاتفاقية.  ولذا على السلطتين التنفيذية والتشريعية التصدي لأي محاولة للإضرار بالحريات العامة، والعمل على حمايتها، خصوصاً أن الدستور نص على العدل والحرية والمساواة في المادة (7) التي تنص على أن "العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين"، كما أن المادة (36) من الدستور نصت على أن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون".

وإن كانت الممارسة الديمقراطية في البلاد تزيد وتنقص في بعض الفترات، فإن الكويت دولة ديمقراطية تميزت بتلك الممارسة عن بقية الدول المجاورة، وأعتقد أنها لو رفضت تلك الاتفاقية فإن هذا الأمر لا يعيبنا على الإطلاق؛ لأنه بالأمس القريب رفضت بعض الدول الخليجية المشاركة في "عاصفة الحزم"، وهذا حقها ولم يقل أحد لماذا لم تشترك تلك الدول؟ ولم يشكك أي طرف في مدى ولاء هذه الدول للمنظومة الخليجية؛ ولذا نؤكد مراراً أن الكويت دولة تحتكم إلى الدستور والقانون، ومن الصعب أن تمرر أي اتفاقية أو مشروع يكون هدفه التعدي على الحرية السياسية التي تأصلت في الكويتيين منذ نعومة أظفارهم.