ما مفهوم الاحتكار؟ وكيف يؤثر سلباً على الأسواق؟

نشر في 13-04-2015 | 00:02
آخر تحديث 13-04-2015 | 00:02
No Image Caption
هو الحالة القصوى أو العليا من الرأسمالية مع وجود بعض الاستثناءات، لكن تبقى فكرة وجود طرف أو موفر واحد فقط تقريبا لسلعة أو خدمة تجسيداً حقيقيا للفكر الرأسمالي الجشع، أو بمعنى آخر فإن الاحتكار يعني غياب المنافسة وانعدامها، ثم السيطرة على السوق وبسط الهيمنة التي تحاول الحكومات مقاومتها.

ويفسح الاحتكار الطريق أمام شركة أو كيان معيّن إلى بسط هيمنته وفرض منتجه مهما كانت درجة جودته وبالسعر الذي يريده نظرا لعدم قدرة المنافسين على مواجهته، ثم تتعاظم أرباح ذلك الكيان الذي قد ينافس نفسه في بعض الأحيان عن طريق شركات أخرى تعود ملكيتها له.

ولأن الاحتكار يهدد كيان الدولة فإن وضع القوانين الصارمة لمواجهته يعد أساسياً لخلق توازن في الأسواق وإبعاد فكرة السيطرة عن السوق وتضخم الثروات الفردية على حساب الطبقة الكادحة.

ورغم ذلك تبقى "منطقة رمادية" يتمكن البعض من الإفلات عن طريقها من سلطوية القوانين مع وجود فساد إداري في عمل ممارسات احتكارية للسلع والخدمات، حتى إن هذا المنحى وقعت فيه الدول المتقدمة ذاتها لكنه في النهاية لخدمة توجهاتها، ولم لا وهي حاضنة الرأسمالية ومروجة أفكارها.

فبراءات الاختراع على سبيل المثال تعني احتكارا بهدف تطوير منتج ما، وعلى الرغم من أنها حفظ لحقوق أصحابها، بجانب منح المبدعين وقتاً لاسترداد تكاليف الأبحاث والتطوير، فإن بيعها لشركات معيّنة في النهاية يمثل احتكارا غالبا ما تتمتع به شركات غربية تتحكم عن طريقه لا في سعر المنتج فقط، بل من سيشتريه أيضا مع دخول السياسة طرفاً في اللعبة.

احتكار العرض والطلب

إن عمليات الاندماج والتكتل الذي تقوم بها شركات كبرى عابرة للقارات أو متعددة الجنسيات بهدف خدمة أغراضها التوسعية وهيمنتها أو حتى على المستوى المحلي نقلت الفكر الرأسمالي من مرحلة تشجيع المنافسة إلى تشجيع الاحتكار ولو بشكل غير مباشر.

إنها حرب تكسير العظام واكتساح الأسواق مع إعلاء فكر البقاء للأقوى عن طريق الاقتصاد لا السلاح والغزو، ومن ثم صار هناك من يحتكر العرض وآخر يحتكر الطلب فما الفرق بينهما؟

احتكار العرض أو البيع يعني سيطرة من شركة أو شخص أو مجموعة على إنتاج سلعة ثم التحكم في حركة سعرها في مواجهة المشترين، والعكس تماما فيما يخص احتكار البيع أو الطلب حيث ينفرد مشتر واحد فقط في مواجهة البائعين في طلب السلعة.

وهنا ينبغي الانتباه إلى ممارسة بعض الشركات أو الدول سياسة "الإغراق" في أسواق بلد آخر، حيث تبيع منتجها بسعر يقل عما هو موجود فعلا بالسوق المحلي، وما يتبع ذلك من أضرار واسعة باقتصاد الدول المستهدفة بالإغراق، خصوصا ما يخص تراجع أرباح الشركات المحلية أو افلاسها وتزايد نسبة البطالة مع تسريح عمال وغيره من الآثار السلبية.

لذا تقوم الحكومات بفرض رسوم إغراق بهدف تنظيم عملية تنافس المنتجات المستوردة والمحلية، خصوصا إذا ثبت منح حكومة الدولة الأجنبية دعماً لشركاتها المصدرة.

أنواع الاحتكار

الدولة نفسها قد تمارس الاحتكار وهنا يطلق عليه احتكار عام مثل شركات الكهرباء والمياه وتقوم بهذا الدور في مرحلة ما للحفاظ على تقديم خدمات بأسعار مناسبة حتى لا تتضرر فئات المجتمع المتوسطة وما دونها أو لتضمن كفاءة واستمرار الخدمات، كما يوجد احتكار خاص متى انفرد به شخص أو مجموعة محددة.

ويوجد أيضا احتكار مطلق يتحكم من خلاله شخص واحد فقط في إنتاج وسعر سلعة أو خدمة واحدة، وينبثق منه أو يتشابه معه احتكار القلة عندما تتفق مجموعة محددة من البائعين على تنسيق إنتاج سلعة ثم توجيه تحرك سعرها، حيث يؤثر قرارهم بشكل كبير على السوق مثلما تفعل قرارات "أوبك" على سبيل المثال في سوق النفط.

ويوجد أيضا نوع من الاحتكار "القانوني" الذي يطلق عليه حق الامتياز أحيانا، حيث يعطي قانون الدولة لشركة أو كيان الحق في تقديم خدمة أو إنتاج سلعة مثل حق نقل ركاب بالقطارات، أو توزيع مياه، أو نقل كهرباء.

مثالب الاحتكار

- يساهم في تعظيم حجم ثروة المحتكر بشكل كبير وفي زمن قياسي مع تحكمه في الأسعار.

- يؤدي إلى ضعف المنافسة وانعدام وجود حافز مع عدم الاهتمام بجودة المنتج المقدم أو الخدمة.

- التحكم في حركة الأسعار يؤثر سلبا على التضخم ثم القوة الشرائية للنقود وترك آثار سلبية على إنفاق الفئات الكادحة.

- ضعف أداء القطاع الذي يعمل به المحتكر وإمكانية حصوله على استثمارات جديدة تساهم في دعم الاقتصاد.

- ضعف دور الجهات الرقابية والمساعدة في انتشار الفساد الإداري والرشاوي ضمانا لبقاء "المنتج الأوحد" مسيطرا على السوق.

وتبقى الإشارة إلى أن الإسلام نبذ الاحتكار وحرمه، فلا يعقل أن يستأثر شخص أو شركة بالتحكم فيما سيأكله الناس أو ما هو ضروري لحياتهم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال في الحديث الذي رواه ابن ماجه: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس".

(أرقام)

back to top