الصين: لا يتمتع الإمبراطور بأي تأييد حقيقي

نشر في 08-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 08-10-2014 | 00:01
 وليام ميغورن  لا شك أن ليونغ بدأ يعتاد الإحراج، فما عاد أحد في هونغ كونغ اليوم يدعوه باسمه أو منصبه، ففي مدينة تضم أكثر من 7 ملايين نسمة صار يُعرف بـ«689»، مما يذكّر بعدد الأصوات التي نالها في اللجنة التي عينتها بكين والتي اختارته ليكون قائد هونغ كونغ... ولنعبّر عن هذه المسألة بطريقة مختلفة: لا يتمتع الإمبراطور بأي تأييد حقيقي.

رغم انتشار الأخبار عن أن حكومة هونغ كونغ ستعقد محادثات مع مَن يحتلون شوارع المدينة، فلن ينجح المتظاهرون في تحقيق هدفيهما المعلنين: استقالة الرئيس التنفيذي للسلطة في هونغ كونغ ليونغ تشون يينغ ووضع قواعد تضمن انتخابات نزيهة لرؤساء تنفيذيين مستقبليين بدءاً من عام 2017، لكن ما حققه الطلاب يُعد إنجازاً أكثر خطورة لأي نظام يفتقر إلى أمن الشرعية السياسية: جعلوا قادتهم يبدون سخفاء.

ولا شك أن الصين جلبت هذه المشكلة على نفسها، باستثناء رموز الصين العصرية الكثيرة (ناطحات سحاب شاهقة، وبنية تحتية متطورة، وسجل مميز من العروض العامة الأولية في بورصة نيويورك)، تختار بكين كلما وجدت نفسها أمام تحدٍّ جديد من الشعب الصيني ردّاً من جوهر الأسس الشيوعية.

رمز ديمقراطي

اعتمد ردها الأخير على إطلاق الغازات المسيلة للدموع على عدد من المواطنين الأكثر لطفاً والتزاماً بالقانون في العالم، وبعملها هذا حولت السلطات مظلة متواضعة إلى رمز ديمقراطي عندما استخدمها المتظاهرون لحماية أنفسهم من الشمس والمطر والآن من الغازات المسيلة للدموع التي أطلقتها قوى أمنهم، وبردهم هذا فتح القادة الصينيون عن غير عمد باباً آخر يعكس ذلهم.

لنتأمل في ما حدث في الأول من أكتوبر: يسمى هذا الموعد ذكرى إعلان ماو تسي تونغ جمهورية الصين الشعبية، وبات هذا التاريخ أخيراً عطلة رسمية في هونغ كونغ، حيث يحضر المسؤولون احتفالات جدية تكثر فيها إشادات لا يصدقها أحد بالإنجازات البطولية التي حققتها الجمهورية الشعبية، فضلاً عن حب شعب هونغ كونغ للوطن الأم.

ولكن يوم الأربعاء الماضي قُلبت هذه المناسبة الرسمية رأساً على عقب بسبب مسؤول محلي موالٍ للديمقراطية يُدعى بول زيمرمان، فخلال الاحتفال الرسمي فتح زيمرمان وهو يبتسم مظلة صفراء زاهية اللون، وجابت صورة تلك المظلة الصفراء، التي بدت بارزة وسط بحر من البزات السوداء والأعلام الحمراء، العالم؛ لتشكل حادثة عامة محرجة أخرى من الحوادث الكثيرة التي لم يتعرض لها ليونغ وحده بل أسياده أيضاً في بكين.

إحراج ليونغ

 لا شك أن ليونغ بدأ يعتاد هذا الإحراج، فما عاد أحد في هونغ كونغ اليوم يدعوه باسمه أو منصبه، ففي مدينة تضم أكثر من 7 ملايين نسمة صار يُعرف بـ"689"، مما يذكّر بعدد الأصوات التي نالها في اللجنة التي عينتها بكين، والتي اختارته ليكون قائد هونغ كونغ... ولنعبّر عن هذه المسألة بطريقة مختلفة: لا يتمتع الإمبراطور بأي تأييد حقيقي.

لا شك أن هذا يغضب كثيراً كسي جينبينغ، رئيس وزراء الصين الجديد نسبياً، فهو يتحدر من مدرسة حكم "سنريهم مَن هو الأقوى"، وخلال الفترة القصيرة التي تسلم فيها زمام السلطة، أكد بوضوح أنه لن يتقبل أي انشقاق أو تمرد.

يشمل المستهدفون كسو زهيونغ، محامٍ في البر الرئيسي قاد حركة شفافية وإنصاف، وألقي في السجن هذه السنة بعد أن أُدين في محاكمة صورية لارتكابه جريمة عظمى: "تجميع الحشود لإحداث خلل في النظام العام".

إذاً، يعتبر كسي نفسه رجلاً قوياً، وبصفته رجلاً تسلق سلم الحزب الشيوعي في الصين، يصدق على الأرجح الصورة المجحفة السائدة في البر الرئيسي عن أن سكان هونغ كونغ أغنياء، ومدللون، وضعفاء.

غضب جينبينغ

ولكن إليكم الواقع على الأرض: شاب من هونغ كونغ يضع نظارات سوداء داكنة وشعره ناعم متدلٍ يهزأ من كسي أمام العالم بأسره... يُدعى هذا الشاب جوشوا وونغ، طالب مسيحي إنجيلي في سنته الأولى في الجامعة،

ومنذ سنتين قبل أن يبدأ هذا الشاب بحلاقة ذقنه حتى، قاد وونغ تظاهرات مماثلة نجحت في إرغام هونغ كونغ على التخلي عن خطط لتبني "التربية الوطنية" (مما يعني غرس عقيدة الحزب الشيوعي في الأذهان) في مدارسها.

لا يزال وونغ صغير السن، وقد اقترف بعض الهفوات، ومن المؤكد أنه سيرتكب أخرى، ولكن أتعلمون أن هذا المراهق تصدى للقيادة في بكين وهونغ كونغ على حد سواء؟ وماذا يكون تأثير ذلك في كسي أو في الرجال القساة في المجلس الشيوعي الحاكم عندما يقيمون ما إذا كان كسي أو ليونغ قادرين على الاضطلاع بمهامهما؟

نعم، تستطيع السلطات إرسال جنود جيش التحرير الشعبي لإخلاء الشوراع، ويجب ألا يستبعد أحد هذا الاحتمال، لكن هذا سيذكر في الحال بما حدث في ساحة تيانانمن عام 1989.

أهذا حقاً وجه الصين الذي يرغب كسي في تقديمه إلى العالم قبيل سفر الرئيس الأميركي باراك أوباما وغيره من قادة الدول إلى بكين للمشاركة في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في شهر نوفمبر؟

في هذه الأثناء، وقف أهل هونغ كونغ "المدللون" و"الضعفاء" بثبات، ففي أحد الشوارع في وسط هونغ كونغ غطوا لافتة بكلمات من أغنية الطلاب الثوار في "البؤساء": "هل تسمعون الشعب يغني؟".

الرسالة واضحة: بغض النظر عن نهاية هذه المواجهة، ستُضطر الصين إلى التعاطي مع هؤلاء الشبان لعقود،

ولكن من المؤسف في الوقت الراهن أن يجد هؤلاء الشبان أنفسهم يعيشون تحت سلطة قادة يسيؤون إدارة هونغ كونغ، ويتركونهم أمام خيارين سيئين: إما الظهور بمظهر الضعيف والسخيف وإما القوي والعنيف، ولا شك أن هذا يضع هؤلاء المتظاهرين الشبان في موقع خطر.

* نيويورك تايمز

back to top