لماذا صار جنكيزخان سفاحاً؟!

نشر في 02-05-2015
آخر تحديث 02-05-2015 | 00:01
 د.نجم عبدالكريم "النفس البشرية جُبلت على الخير" مسلمة سطرتها المأثورات، فكيف إذاً بلغ الشر مداه في الدنيا؟!

لنأخذ نموذجاً ضرب رقماً قياساً في الشر، إذ قتل عدداً كبيراً من سكان الكرة الأرضية.

فالدمار حيثما سار، شعاره كان "أينما يَسِرْ جوادي لا ينبت العشب"!

من أقصى الصين، إلى أعماق الأناضول اشتعلت الأرض لتحرق الأخضر واليابس.

والسؤال: ما الذي دفع جنكيزخان إلى إحداث كل هذا الدمار؟!

* * *

عندما قُتل أبوه، فرّ مع أمه وأشقائه ونفر من أتباعه في براري آسيا، وكان يعاني قسوة الصعاب التي يواجهها... إلى أن تمكّن رجال ابن عمه، قاتل أبيه، من أسره ومن معه، حيث وجد نفسه وجهاً لوجه أمام ابن عمه الذي بادره بالقول:

 - يا توموجين... أنت تعرف تقاليد المغول في عقاب مَن يهرب.

- لم يعد اسمي توموجين، يا جوموكا، فأنا وارث حكم أبي، واسمي من الآن فصاعداً جنكيزخان!

- على رسلك يا توموجين... وسترى كيف أعذبك قبل أن أقتلك.

- أتحداك يا جوموكا أن تمس شعرة من رأسي.

- ساخراً - حقاً؟... سنرى... حيث سنبدأ بقتل إخوتك جميعاً... ثم لتشهد بعينيك كيف أعددت ميتةً تليق بأمك - الخاتون.

يروي مؤرخو - جنكيزخان - ما حدث في تلك الواقعة... فقد قتلوا أمام ناظريه جميع إخوته... فلم ترتعش له شفة أو يهتز له جفن!... غير أنه حاول كالثور الهائج أن يفك قيوده، وهو يشاهدهم يسحبون أمه من شعرها وهي عارية تماماً، ثم يربطون أطرافها الأربعة كل طرف إلى جواد!

وبإشارة من جوموكا: انطلقت الجياد إلى كل جهة من الجهات الأربع!... وإذا بأمه مقطعة أمامه إلى أشلاء!

* * *

أما كيف نجا من الموت؟!... فلسوء حظ ابن عمه جوموكا أن أبقى عليه إلى اليوم الثاني، ليتفنن في عملية تعذيبه وقتله بطريقة أكثر بشاعة مما فعل بأمه... وفي تلك الليلة تجمع أنصار والده وهيأوا له سبيل الهرب.

فجمع جيشاً لجباً - وهو أكبر الجيوش التي عرفها ذلك الزمان.

فلما اشتد ساعده وقف على القبر الذي جُمِعت فيه أشلاء أمه... فخاطبها:

- أماه... لأقتلن بك كل حي على ظهر هذه الأرض...

سأهز الدنيا التي ضاقت بك فأسقط رؤوس أهلها على أرض جرداء ماتت فيها روح الحياة.

أماه... وحين يصير العالم صحراء جرداء لا نفس فيها ولا نبات وتعوي فيه الريح الصفراء اللافحة كالأبالسة.

عندها ستهدأ نفسي وآوي إلى مكانك هذا كي يكون قبري إلى جانب مثواكِ!

* * *

بهذا القلب المشحون بكراهية البشرية جمعاء كان من المستحيل أن ينبض قلب جنكيزخان بالحب.

لذا فإنه وأقرانه ممن لطخوا وجه التاريخ بالدماء، سيظل التاريخ يلعنهم إلى يوم الدين!

back to top